فهي لم تختر أن يأتي رمضان في أغسطس، ولم تتوقع أن درجات الحرارة الملتهبة ستدفع الناس إلى بيوتهم وتلمس نسمات مكيفاتهم، ولم تضع ضمن خططها الاستراتيجية أن يتوافق الصيف مع رمضان مع الإجازة، ما يعني عدم السفر إلى الخارج وعدم العمل أيضاً، لذلك فوجئت بالزيادة اللافتة على الأحمال.
الكهرباء مظلومة، اليوم، فالتيار كان ينقطع سابقاً إلا أن الناس كانوا أكثر أدباً واحتراماً فلم يكن تذمرهم يتجاوز جدران بيوتهم، وكانت الصحف رصينة وعاقلة تترصد المصلحة العامة فلا تنشر هذه الحوادث المتفرقة غير ذات القيمة، ولم يكن المجتمع يعرف وسائل الإعلام الجديدة التي هي شغب مدرسي وصخب غير عاقل لا يهمه سوى التوجع لو انطفأت لمبة واحدة في شارع مهجور.
مضى الزمن الجميل حين كان المسؤول لا يمس ولا يرد له قول ولا يطلب منه إيضاح، وجاء زمن تساوت فيه الرؤوس وغلبت عليه الشفافية فضاع معه استقرار الرؤوس وكثر دوران الكراسي وتبخرت الهيبة المتسلحة بسطوة السلطة وادعاء الحصانة.
مشكلات الكهرباء بسيطة: تهالك شبكات، تأخر دخول محطات التحويل، إتلاف الكابلات الأرضية، عدم الصبر على الخطط المستقبلية، زيادة الطلب. ولا ننسى أنها تتعرض لخسائر أيضاً رغم «سعيها الحثيث» لأن تكون متميزة. هذه الأمور اليسيرة يستحيل حلها مع استمرار الطلب على الكهرباء، ولا خيار سوى التوقف الخيري والطوعي عن الكهرباء حتى تُنهي الشركة خططها، لأنها لا تستطيع العمل على خطين رغم أنها توفرهما.
قدمت شركة الكهرباء أنموذجاً معقولاً للاعتذار شبه الحكومي، ويبدو أن هذه الشجاعة ليست تلقائية لأنها تعالت، بدءاً، على الشكاوى واستنكرتها حتى ثابت إلى رشدها بفضل حقنة ثقافة الاعتذار فيما يبدو. ولعل مانح هذه الحقنة يواصل حقنها للآخرين الغائبين عن الصورة كلياً.
الكهرباء مظلومة!وش رايكم بالكلام الي كتبه جاسر الجاسر في صحيفة الشرق
العرض الشجري