الحـبـيـبـة... وقـربـها البـعـيـــــــــــد
غريب هو حال الفتاة عندما تحب ، وتقرع طبول فؤادها
معلنةً بداية حروب الاستنزاف التي قد تكلفها كل شئ.
وماأشـجـع قلبها وماأقوى عزمها على تجرع ويلات الصبر والحسرة في سبيل من تحب
ويشغل ذهنها.
مستعدة لتحطيم كل الدنيا وتحـدي كل البشر من اجـل سواد عـيون هـذاالإنسان.
وعندما تهـب الرياح عكسية ، وتلاحظ مجئ الشوق من الشاطئ الآخر
تبدأ في الصدود والتجاهل لتوردعاشقها أبعد المناهل.
فيكون العـاشـق المسكين أول ضـحـاياهـا..!!
كلما ازداد منها قرباً ، ازدادت منه بعداً..
تماماً كالسراب...بعدها عذاب وقربها عذاب.
قريبة جـداً جـداً... وأبعد من بلاد العجائب ، دونها بيد ٌ من الكروب والمصائب
حتى ينطبق عليها قول الشاعر الشعبي :
أبعد عليّـه.. من بحور الظلاما ـ وانا ماغير الباب.. بيني وبينه
صعبة الوصال وعسيرة المنال ، بلغت من البخل حده ، بحيث لاتجـود بنظـرة ولانبرة
تعـزّ رؤيتها حتى في الاحـلام..!!
مع أن الإنسان اذا حـدث نفسه بأمرٍ ٍٍٍ ما في صحـوته ، فإنه يراه في غـفـوته
إلا هـي ...يهـذي بها ولايراها...!!
مررت بمثل هذه التجـربة في الماضي ، وقاسيت مالا يطيقه أحد ، وماكان يؤرقني :
هو انني لم أكن املك تفسيراً لمثل هذه العادة التي جعلت العلاقة تكون من طرف ٍ واحد
وعلى رأي شاعـر آخـر :
محبةٍ من طـرف واحـد..نسميها ـ محـبـة اللي..فرض نفسـه وهـو سـالي
افقدتني كثرة التفكير فيها عدة كيلوغرامات من وزني ، حيث كانت شغلي الشاغل
وأنا بدوري أشغلت بأسئلتي الاحباب والاصحاب والكتاب ... ولكن لاجــواب..
بحثت..وبحثت..ولم يصل إليّّ أصـدق من بيتين من الشعر لشاعـرٍ ٍأجهل اسمه
واحترم مغزاه حـيث يقـول :
صــد لـمـا أن رآنـي مـفـتـتـن ـ وأطـال الصـد لما أن فطـن
كان مملوكي فأضحـى مالكي ـ إن هذا من أعاجيب الزمن
تعمقت في بحثي..فأيقنت أن هذا التصرف المتعجرف في مثل هذه الاجواء الماطرة
ليس وليد اليوم وليس حكراً على حبيبتي وحدها ، بل هو طبعٌ للنساء قديم
وفي قلوبهن مقيم..
وشيئاً فشيئاً ...زال استغـرابي وخـفت مأسـاتي.
عـذرت اصحابي وأغـلقت كتابي...
وشكوت إلى الليل البهيـم مأساة قلبي السقيم
وكلما بُحـت له بشكواي وتفاصيل دعـواي...
يقول لي : اسألها هـي...!!
ااااه ياليل... وأين هـي حتى اسألها..؟!
ياليل.. ان المفروض شـئ والواقع شـئ آخـر
ياليل..اذا كان خـصـمـي هـو القاضي فمن أقاضي؟!
ياليل...
في آخـرمرةٍ التقيتها..كنا نتجاذب أطراف الحديث..علىأملٍ ٍأن تلتقي شفتانا
لم يكن حديثنا ذو شجـون ولا أوراق..لم أظفر بقبلةٍ..فما أبعد العناق
وعندما سألتها عن سـر تعمدهاالغياب ، وتجاهلها للعتاب ، وتجلدها على العذاب
ابتسـمـت بكل برود وجحـود...ثم هـمـسـت بصـوتها الرقيق :
كتب البدر وتغـنـى أبو نوره : لذة الحـب بالشي القليل
وقد جاء دورك لتستمع لهـم.. بعـد أن أمـرتُ أنا ...!!
ياليل...تعال واستمع معي ثم استمع لي...
لست أنا وحـدي من يعاني...بل هذه سجية النساء على مـر العصـور والدهـور
ألم تسمع قول العاشق القديم:
يصـــد وكـأنــه لا يــرانـي ـ كـأن الله لــم يخـلـق ســواهُ
فسبحان الذي أغناهُ عـني ـ فـلا فـقـري يدوم ولا غـنـاهُ
ومادام الأمر كذلك...دعني أستمتع بجنون عنادها، وفنون ظلمها واضطهادها
فلولا ندرة الألماس ماعشقه الناس ، ولولا بعد القمر ماعشقه البشر
إن الذهـب ذهـب عند العـجـم ، وذهـب عند العـرب ...لأنه ذهــب
ايها الليل...
أبلغ القاضي بأن المظلوم راض ٍ كل الرضا، بتقلبه على جمـرالغضـى
حتى وإن ضاق الفضـى ، فروعة العاشق في ذل الهـوى ..!!
مايدعـوني للضحك : انها لاتبدي مايشفع لها كي تنال الحـب أو بعضـاً منه
وحين يصـل ميزان الحـرارة الى درجـة الصـفـر المئوي ، تتجمد العاطفة..
وتنتهي العلاقة... وصـداقة الحـب او حـب الصـداقة.
ولكم أن تتخـيلوا... كيف يتحـول الملاك بعينيها الى شيطانٍ ملعـون ..
لا لشـئ.. إلا لأنه لـم يلفـظ رمقـه الأخــيــــــــــر على عتباب بابها...!!
وللشـخـابيـط بقـيـة
اخـوكـم / رهـين المحبسين