[poet font="Simplified Arabic,4,black,bold,normal" bkcolor="transparent" bkimage="backgrounds/6.gif" border="none,4,gray" type=0 line=200% align=center use=ex length=0 char="" num="0,black" filter=""]
أضحى يلاعبُ كفّ الودّ نقرِيسُ=حتى رمتهُ برمح البين بلقيسُ
تصدّع الدهرعن بؤسٍ فمدّ لهُ=يدَاً إلى أنشكى أثوابَهُ البوسُ
لوصل شاميّةٍ في عزّمشأم=تكادُ تسرقُ منها لروحَ (طرطوسُ)
بنى لها طللاً في نجد ذا حِللٍ=يصبّر النفس والمسلوس مسلوسُ
يرجو بهِ ما دجى الداجي منادمةً=أنّى تنادمهُ اليومَ الأماليسُ؟
اليومَ حولهُ أنعى كلّ نائي=أبكي عليها وتُبكيني النواويسُ
أقلّب الطرف في شامٍ وفي يمنٍ=كأنني من بنات الجنّ ملبوسُ
ما الدار كالدار في الأمس القريبِ ولا=تلك التضاريسُ بالأمسِ التضاريسُ
مِن ودْق ساريةٍ كلمى وغادي=كأنها لترابٍ عالقٍ موسُ
اخضرّ يابسُها واشتدّ قارسُه=والتفّ حارسُها والرمسُ مدروسُ
كأنّ أشباحَ أطلالٍ بها انتصبت=صُمّ التماثيلِ أحيتها القلانيسُ
مِن جنّة العمر ما باقٍ بها علَمٌ=حيٌّ وما قرَعت فيها النواقيسُ
يا صرْف آنسةٍ في الخدرِ كانس=أرذي لها خمسةً داسوا وما ديسوا
أرذي لها كلُّ ذي بدْنٍ وذي بدَنٍ=صُمٌّ إذا غضبوا شمٌّ إذا قيسوا
شالت ظعائنُها في إثْر ظاعنه=فالبيد من بعدها جُرْدٌ قراقيسُ
هيماء ما أخذت عين الفتى سِنَ=عنها وما صبأت من شعْرها الروسُ
تدعو المسيحَ وأدعو أحمداً ولنا=معاً على الرمل تثليثٌ وتخميسُ
إن أقسمت أنها ليْ مثل رابع=أقسمتُ أني لها قدسٌ وقدّيسُ
يا ربّةً بعَثَت ميْتاً لتعشقهُ=كعشتروت ومااستعلى أدونيسُ
لِمَا بعثتِ من الأجداثِ ذا حدثٍ=وما لوحشتِهِ إن عادَ تأنيسُ
حوريّةٌ من جنان الخلد هارب=عن سرّ آيتِها تُعمى القواميسُ
يَجُفّ في وصفها الحبر الغزيز وإن=يكن بحوراً ويندُرْنَ القراطيس
هيفاءُ ناديةٌ غيداءُ شادي=معْ درب فردوسها تُؤتى الفراديسُ
حدْر الظفائرِ بانَ الجسمُ أحسبُهُ=بدراً عليهِ من الأجواءِ تدليسُ
على الجبين يخُطّ الحسْن آيتهِ=ما خَطّ بالقلمِ المعصومِ إدريسُ
كأنّ بالرمش منها وهّي شاخص=خيْلٌ كسيْلٍ لدى الهيجا كراديسُ
للموتِ في عينها اليمنى أرى مَلَك=وكم من الموتِ تخفيهِ الكواليسُ
وفي شفا عينها اليسرى أرى ثمِل=أسقاهُ كأسَ عُتَاق الخمر جلّيسُ
والخدّ كادَ بلا جرحٍ يسيلُ دم=عامانِ يُسقى بماء الورد ملعوسُ
يا وجنتانِ كدينارينِ من ذهبٍ=والشمس ساطعةٌ والنورُ معكوسُ
أشمّ بينهما طِيبَاً فسطحهما=كأنهُ في عتيقِ العُودِ مغموسُ
على حشا النحْر منها وهْي واجم=بنَفسجٌ حولهُ ينمازُ طاووسُ
نحرٌ بوقفتهِ صنديدُ معرك=حين انتصارٍ تمشّى وهْو غِطريسُ
الصدرُ لوحُ زجاجٍ مسّه قبَسٌ=نار المصابيحِ أذكتها المقابيسُ
عليهِ نهدانِ من عاجٍ كأنهم=في معبدِ الشرقِ فانوسٌ وفانوسُ
كأنّ أيمنَهم لله مبتهلٌ=كما تبتّلَ وسط الدِيْر قسّيسُ
أما اليسارُ فمَلْكٌ بين حاش=يزعمُ أنهُ فوق العرشِ قدّوسُ
فكلّ نهدٍ لهُ سورٌ وساري=له من الثوب ترويحٌ وتنفيسُ
يحْمرّ من خجلٍ حيناً ومن غضبٍ=حينَ يُلامسُ ثوباً منهُ ملموسُ
والخصر يَسْلِبُ من سيفٍ ذبابتهُ=أهيفُ من هَيَفٍ أبداهُ دبّوسُ
حلّت عليهِ من الأرداف واقة=فما لهُ أيُّ حسٍّ وهْو محسوسُ
كأنهُ موجَزٌ والردفُ فصّلهُ=في الخصر قَوْسٌ وفي الأردافِ تقويسُ
بالردف منها إذا قامت وإنْ قعَدَت=رعبٌ وما أرعبَ النعمانُ قابوسُ
بمشيهِ موّل المجنونُ قولتهُ=(يا حاديَ العيسِ ما أدنت لكَ العيسُ؟)
ما مَرّ عُبّا دَ قومٍ في معابده=إلا تقلّدَهُم في الحالِ إبليسُ
[/poet]
ناصر الفراعنة