اتصل بادارة الموقع البحث   التسجيل الرئيسية

 


العودة   منتديات عاصمة الربيع > الاقسام العامه > القسم العام

القسم العام للنقاش الهادف والبناء والمواضيع العامه

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 30-10-07, 12:29 PM   رقم المشاركة : 1
الذهبي ..!
عضو جديد
الملف الشخصي






 
الحالة
الذهبي ..! غير متواجد حالياً

 


 

كنتُ زوجة مدخن

[align=center]قالها نجيب الزامل في الاقتصادية

أترجم لكم، وبتصرف هذه المقالة التي كتبتها «سوزان ماجواير» في جريدة شيكاغو تريبيون

كنتُ أتأمل في وجه الطبيب الصارم الحزن، وأتابع شفاهـَهُ النحيلة وهو يشرح لي حالة زوجي :» زوجُك يا سيدتي مصابٌ بورمٍ سرطاني متضخم بالرئة، ويبدو أن التدخين هو الجاني.»

.. خرجتُ أجري وقد انفصلت عن العالم المحسوس، وجرفتني أعاصيرٌ من الحزن والبكاءِ والغضبِ وضياع الأمل... حزنٌ، حزنٌ لا يوصف. كنت أسير بلا هدى في ممرات المستشفى ثم خرجتُ أريد هواءً .. وإذا سحابة ٌتمرّ من جانبي، عرفتُ أنها دخان سيجارة ، وسرت بأعصابي رجفة ٌشديدة، وكأني أمشي في مكانٍ مقفرٍ في ظلامٍ داجٍ، ورجلٌ سفاحٌ يتتبعني ليغرز في ظهري نصلا منقوعا بالسم.. ثم مر الرجل بجانبي وهو يرتشف آخر مجّةٍ في سيجارته ويرميها في الهواء.. وكأنه رمى روحَه وروحي وروح زوجي وراء عقب السيجارة الملتهب جمرة في الهواء قبل أن تحط في الأرض وتنسحق رمادا، كما تـُسحق روحُ زوجي وحياته، وحياتي، وحياة أولادنا..

وتذكرت أن هذه السيجارة المجرمة قد قتلت أحب الناس إلى قلبي .. جدي. وكان رجلا عملاقا متينا، ثم ضربه سرطان الرئة وصار يضمُر ويختفي ويهزل حتى وجدناه ميتا والدماءُ تسدّ فمَه..

كيف أتخلص من هذه الذكرى؟ ولكني في عين إعصار الذكريات المتتابعة العاصرة.. تذكرتني صبية ًوأنا أدرس في الجامعة حين عملت في ساعات فراغي محررة لتقارير المرضى الداخلية التي يعدها الأطباء في قسم أمراض السرطان بمستشفى في شيكاغو، ودائما أقرأ هذه العبارة: «المريض مدخن». وأحوّل تقارير المشرحة للذين ماتوا من السرطان وقد عانوا أفظع الآلام الجسدية والنفسية ( وقد عشتها لحظةً لحظة) وأقرأ هذه العبارة اللازمة:» المتوفى كان مدخنا»..

على أن آلامَ زوجي وآلامي لتوها بدأت..

فلقد بدأ زوجي بالعلاج الكيميائي، والعلاج الإشعاعي، وجاءت المعاناة، وضيق النفس، والكوابيس، والهلوسة. شجعته يوماً على الخروج، ورحت أسرِّح شعره لأرفع معنوياته، وإذا بكامل الخصلة الأمامية تخرج بجذورها من رأسه وتعلقُ بيدي، وصرختُ صرخة هستيرية، ولم أصحُ إلا والنشادر القوية تعصف من فتحتي أنفي.. وليت أن آلامه كانت تقف عند ذاك..

في زيارة طبية، لم يخرج زوجي. قرّر الطبيبُ أنه لابد أن يدخل لاستئصال رئته اليمنى، وإلا الموتُ القريب.. ولم يعد زوجي جسدا مقفلاً أبدا بعد ذلك، كل فترة يدخل المستشفى إلى غرفة العمليات، وتمت له تسع عمليات استئصال لأورام في رئته المتبقية.. ولم يعد يجد الهواءَ رغم ما أوصل له من أنبوبة الأكسجين التي صارت كعضو من جسده.. ويواصل الاستعطاف : «أين الهواء؟ أريد الهواء.. اشتاق الهواء يا سوزان..» ولكن ليس بيدي الهواء، ولو كان بيدي فأين أضع بها الهواء حيث لم يعد متسعا لرئةٍ هالكةٍ أن تحتفظ برشفة هواء..

كان زوجي قد ترك التدخين فعلا.. وشجعه على ذلك صديقة وتوأم حياته «توم» .. في يوم أخذته للمستشفى وقد صار جسدا ضئيلا خاويا مثل لون الرماد الفاتر.. ولم يعد في لغته إلا جملة واحدة: «سوزان لا أطيق آلامي».. وكنت أقول بسري: «ولا أنا يا حبيبي».. لم يعد يصحو زوجي إلا نزرا يسيرا ثم تأخذه دياجيرُ الغيبوبة .. صحا مرة ووجدني أبكي، وقال لي مهلوساً: «عندي لك خبرٌ جميلٌ يا حبيبتي، لقد تركتُ التدخين.» ثم يحاول أن يخرج ضحكة ًمميتة الحزن ويتابع: «ولكني تأخرتُ قليلا..».. وكانت آخر جملة قالها في حياته.

مرت سنوات وكل مرة أرى «توم» بقامته المنتصبة وهيكله الراسخ يلعب الكرة في ساحة حديقته مع أحفاده.. ألعنُ تلك اللصة التي سرقت سنوات زوجي.. وسنواتي.

أنا ... زوجة مدخن. لا ،


كنتُ زوجة مدخن.[/align]







التوقيع :

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 01:44 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
تعريب :عاصمة الربيع

تصميم وتطوير سفن ستارز لخدمات الاستضافة والتصميم