حميدان التركي .. هل أنساه؟
بقلم \ نجيب الزامل
.. لا أستطيع أن أنسى موضوع أخينا حميدان التركي الذي يعاني أسر السجن في الولايات المتحدة الأمريكية. ولن أحدثكم عن معاناته، وأنتم العاقلون المدركون، فيكفي أنه سجينٌ في بلدٍ أجنبي، ومتـهم بأكبرِ التهم.. ورغم تكرار المحاكماتِ وإطالتها، لم نرَ نحن على الأقل كسعوديين دليلاً صارخا على الرجل كي يستحق أن يُرمى في السجن ويُنسى.. وليته يُنسى، فإنهم في السجن يتذكرونه كل يوم، ويجعلونه أيضا كل يوم، بوسائلهم، يتذكر ويشعرُ بطعم السجن.. طعمٌ مرٌّ دمويٌ لا ينساه من ذاقه، ولو أراد.
لا أستطيع أن أنسى موضوع أخينا حميدان التركي، ليس فقط من أجله، وليس فقط من أجل عائلته التي تبكيه كل يوم، ولقد ضاعت منهم هناءة العيش منذ غاب الابنُ، والزوجُ والأب.. غاب في طريقٍ لا يرون له نهاية، ولا يستدلون له على بداية، طريق يبدأ من الغموضِ ويصبّ في الغموض.. والغموضُ مصيرٌ قاسٍ وموحشٌ لوحدِه. نعم، لا ننساه من أجل كل ذلك وحسب، بل من أجلنا كلنا، كل من يحمل صفة سعودي.
لا أستطيع أن أنسى حميدان التركي، أخي، ومواطني، لأنه حالة قبل أن يكون شخصا بذاته، فكل سعوديٍ معرض أن تتخاطفه الحكومات، لو أن حميدان – كما نظن ونعتقد- بريءٌ ولـُفـِّقـَت له التـُهـَمُ تلفيقا، أو أنها حُوِّرَت ثم ضُخـِّمَتْ ثم نُفِخـَت، فقط لكونه سعوديا، ولكونه مسلما عليه إهاب المسلم الصريح.. فإذن عندما ندافع عن وضع حميدان التركي فإننا ندفع في المبدأ، ولا نترجى فقط المبادأة.
وأنا أعرف، كما يردني من كثب، أن أخانا حميدان التركي لا تنساه حكومته، ومتأكد أن هناك تأكيدات كبرى، لا تحتاج مساءلة ولا تأكيدا، لذا فالسعيُ الحثيثُ يجب أن يبقى، ويجب أن يكون كل الوقتِ أخونا حميدان في ذاكرتنا وفي قلوبنا، وليس نعني أن نراجع ذكراه كما نراجع عاطفة حبيسة، أو صوَرا غافية، بل أن يكون إحساسا فوّارا، يقِظا، متابـِعا.. وأن نستخدم وسائلـَنا التعبيرية ضمن القنوات الصحيحة، ولكن بتدفق غير منقطع، لنخلـِّص أخانا حميدان التركي من رهنِه ومحبسه.
وهاهي أمريكا تتغير مثل باقي الأمم، ولكنها تتغير عائدة إلى دستورها الإنساني الأصيل، حيث حق الفرد في العدالة والحرية وإبداء الرأي وحتى إعطاء الفرصة يصل إلى معاني القداسة ضمن الدستور الذي وضعه الآباءُ المؤسسون، وملحقاته، وفي بيان الاستقلال الأشهَر.. وهاهو "أوباما" لا يصل إلى سدة البيت الأبيض، أقوي صروح الأرض، إلا بقوةِ الشعبِ وقوة معاني نصوص الدستور، وحِكمة واضعيه..
وفي وقتٍ تتأرجح فيه الرئاسةُ بين رئيسٍ يضع حاجياتـَه في صندوق المغادرة النهائية، ورئيس سيختار نوعَ الستائر للسنوات الأربع القادمة.. فرصة متاحة ومناسبة للتفاهم مع الحكومةِ الأمريكية – وكما أوضحنا من حيث المبدأ- حول وضع أخينا السجين حميدان.. كما أن حقّ العفو ، هو من صلب الدستور الأمريكي، ويملك قراره وحيدا بلا مساءلة الرئيس الأمريكي.
مع أمريكا لنا تاريخٌ طويل، وهو تاريخ صداقة رسمية وشعبية، وكثير من نخبنا المثقفة، والمسؤولة، والنابهة في قطاعات الأعمال، تتلمذت بالكليات والجامعات الأمريكية. والتاريخ نهرٌ ممتد، ولا يقف عن سيرِه لمجرد أن حجرة اعترضته، ولا يجب.
لن نستطيع أن ننسى أخانا حميدان، وإن استطعنا أن ننساه، فصدقوني، كل شيء له معنى نحترمه ونقدره ونأمله ونحلم به.. سيكون بالنسبة لنا أيضا معرضاً للنسيان
ياحي ياقيوووم
في يومك المبارك هذا
فك اسر أخينا الغالي حميدان التركي ورد سالمآ غانمآ لأهله ووطنه وكل أخوانه الأسرى