قال أبو المخاليط: المستشفياتُ خُلقتْ هَكَذا مُختلَطَة , فَلا تُغيِّرْ خلقةَ اللهِ يا صَاحِب ....
وحَذارِ حَذارِ من اللَّعنة .... فإنَّها سَتسبقُ أفكارَك...لتُدمِّرَ دارَك...وتُبعثرَ أخبارَك...وتَهُدَّ أسوارَك...
قال جرَّاح فَصْلِ السياميين: لَرُبما أنَّ في الأمرِ لَبْسْ...وأنَّ القضيةَ لا تحتاجُ إلى كُلِّ هذا الحَبْسْ... فكَلامُ اللَّيلِ يَمحوهُ النهارُ... وخلقةُ اللهِ أحوالٌ وأطوارُ...
قال أبو المخاليط: يا سَيءَ الأخلاقِ والطباع... ويا عَديمَ الفَهمِ والسَمَاع... إنَّ المستَشفَى بلا نِساء...
كَإنسانٍ بلا هَوَاء...أَتريدُ بِنَا الخنْْقَ والإغمَاء ... أمْ تُريدُ الحرْقَ والدِّماء... يا لِهذا التَخلُّفِ والغَبَاء...
قال جرَّاح فَصْلِ السياميين: هوِّنْ عَليكَ يا صَاحِب... أتحسَبُ أنَّا في الزَّمانِ الغَابِر... إنَّا في زَمانٍ حَاضِر...
انْظُر إلى الطيَّارةِ في السَّماء... تَطيرُ بنا في الهوَاء ... نَشربُ فيها الماء , ونَأكلُ الغَدَاء والعَشَاء ,
ونَقضي فيها الخلاء ... تَطيرُ بنا إلى كُلِّ الأنْحَاء ... بأمنٍ وسَلامةٍ ورَخَاء ...
عَقلٌ قَديمٌ مُتحُجِر يَرفُضُ الطيَّارةِ بحُجةِ الخنْقِ والإغْمَاء , والحرْقِ والدِّماء ... عَقلٌ لا يُستحذَى به حِذَاء , وحجرُ عثرةٍ في سَبيلِ التَطورِ والارتقاء ...
تَخصيصُ مُسْتَشْفَى للنِّسَاء ... دَعمٌ لمسيرةِ السَبقِ والنَّمَاء , وفَتْحُ بَابِ خَيرٍ لقَوَافِلِ النِّسَاء ...
إبْدَاعاً وقيَادةً وعَطَاء ... وحِفَاظاً أولاً وأخيراً على الحشْمَةِ والعفَّةِ والحيَاء ...
قال أبو المخاليط: أعَتَرِفُ لَكَ بأنَّ تَخصيصُ مُسْتَشْفَيَات ( للفيميل ) ... حرقٌ لأوراقِ ( الميل ) ... لأنَّ العُنْصُرَ الذُّكُورِي في كُلِّ مَكانٍ كَاسِب... ولَهُ كُلُّ الممَيزَاتِ والمنَاصِب...
ولكنْ ما كدَّرَ عليَّ بالي , وحَرَمَ النَّومَ من أجْفَاني... مَسيرةُ العَالَمِ قُدُماً نَحْوَ الاختِلاط... بلا مُرَاعَاةٍ لأيِّ فَوارقَ أو احتياط... أتَظُنُّ أنَّ العَالَم كُلُّهُم على خَطَأ ونحنُ فَقَط على صَوَاب!!
قال جرَّاح فصْلِ السياميين: أشْكُرُكَ على اعْتِرَافِكَ الجمَيْل ... بِضِدِّ مِهْنَةِ احْتِرَافِكَ العَمِيْل...
أمَّا ما عَصَتْ عَليهِ نَفسُك مُفَارَقتَه ... وتركِ ما دعتْ إليهِ ومنابذتًه...
مِن تقليدٍ لمسيرةِ العالَمِ أجمعَه... يَردُّها حديثُ لا يكوننَّ أحدُكم إمعَة...
فعِشْ حياتَكَ وفكرَكَ بتَميُّزٍ وتَفرُّدٍ واستقلال... وليَكنْ عقلُكَ حُرَّاً طليقاً من أيِّ احتلال...
وهل تبعَ وأطاعَ الأنبياء ... إلا القلةَ والضعفاء , وصدق الله ( وإنْ تُطِعْ أكثرَ مَنْ في الأرضِ يُضِلوكَ عَنْ سَبيلِ الله ) ( وما أَكثرُ النَّاسِ ولو حَرصتَ بمؤمنين )
قال أبو المخاليط: ارتَضينا بما جُدتَّ بهِ حقاً وصوابا , وسلَّمنا بما بُحتَ بهِ صدقاً وحُسنَ جوابا... ولكنْ فصلُ الاختلاط في المستشفيات مستحيل... والضرورةَ تُبيحُ ما حرَّمهُ الدليل...
قال جرَّاح فصل السياميين: يقول طاغور الحكيم: سأل الممكن المستحيل , أين تُقيم؟ فأجاب المستحيل: في أحلامِ العاجز العليل... فهلا مسحنا من قاموسنا كلَّ مستحيل , وبدأنا خُطُواتٍ نحو المشروعِ الطويل... ولا بدَّ مع الرَّطبِ من سُلاءِ النَّخْلِ , ومعَ العَسَلِ من إبَرِ النَّحْلِ...
هذه المقامة...
تَغُوصُ في عُقُولِ وأفكَارِ النَّاسِ حولَ الاختلاطِ في المستشفياتِ
وَتصُوغُ لها قَوالبَ أدبيَّةٍ حوَاريَّة تَرتقي بأذواق الناسِ وروءاهُم
وتَحمِلُ في طيَّاتِها جَدليَّاتٍ مُتباينةٍ , مُحاوِلةً تَبيينَ ما التَبَسَ , ومُوَجِهةً العقُولَ إلى التفكيرِ الاستقلالي المعتزِّ بما لَديهِ من مُقوماتِ القوَةِ والحضارةِ الأصيلةِ حيثُ تلتحمُ الأصالةُ والحضارةُ في ثوبٍ عزَّ مُرتَديه ومُريديه , تقرعُ المسامعَ بما لم يسمعوهُ أو نسوهُ , لتحيي الأمل البشري الذي خُطت خطاه على منهاج رسمت ملامحه , ودونت مراسمه ليبقى منهجا خالداً ربانياً يستقي ربانيته من احتفائه بكتاب ربه وسنة رسوله عليه الصلاة والسلام , ويجدد ما اندرس من معالمه الفريدة الحكيمة ليحيي به البلاد والعباد , ويوصل البشرية إلى بر الأمان والرضوان
نسأل الله لنا ولكم عاقبة حسنة طيبة مباركة في الدنيا والآخرة
ودمتم سالمين,,,,
كتبها: جرَّاح فصل السياميين