"حق الجار" يدفع مواطناً للعفو عن قاتل ابنه فور وقوع الجريمة
[align=center]
اقتباس:
أصر على أن ينام في منزله ليُطفئ "نار الفتنة"
"حق الجار" يدفع مواطناً للعفو عن قاتل ابنه فور وقوع الجريمة
حفر الباطن – إبراهيم السليمان
احتشدت محافظة حفر الباطن، مساء الخميس، للاحتفال بـ"شيخ العافين"، الذي قدم صورة "نادرة" في العفو والتسامح عن قاتل ابنه الشاب. ففيما أصبحت دية القتلى "تجارة"، تدر الملايين من الريالات على أسر ضحايا جرائم القتل، فإن حمود نايل طوعان الشمري، قرر العفو عن قاتل ابنه بعد ساعات من وقوع الجريمة، ومن دون أن يطلب منه أحد ذلك.
وكان خلاف وقع قبيل ثلاثة أشهر ، بين عواد بن حمود بن نايل الشمري وابن جاره عبد الله الشمري، تطور حتى قام الأخير بقتل ابن الشمري قبيل صلاة المغرب، وكإجراء احترازي؛ قامت شرطة محافظة حائل بإيداع الجار وأبنائه في التوقيف، خشية تفاقم الأمور. بيد أن حمود الشمري توجه إلى الشرطة فوراً، وسجل تنازله هناك، فيما كان ابنه القتيل ممداً في ثلاجة الموتى في المستشفى، رافضاً بقاء جاره وأبنائه في التوقيف. وأصر على خروجهم قبيل حلول منتصف الليل.
ولم يكتف الشمري بذلك، ففي يوم دفن ابنه القتيل، وجد أن جاره قد توارى خجلاً، فأقسم ألا يدفن ابنه، حتى يحضر جاره معه إلى المقبرة، كي "يطفئ نار الفتنة"، ولا يضطر الجار إلى التواري خلف فعلة ابنه.
وتثميناً لهذا الموقف "النبيل"، أقام الشيخ برغش بن محمد الطوالة، نيابة عن قبيلته شمر، حفلة تكريمية، لموقف حمود الشمري، الذي "ضرب أروع الأمثلة في حفظ حق الجار، في موقف يُعيد سيرة بعض الرعيل الأول، الذين أصبحت قصصهم تروى كدلائل على ما تحلوا به من طيب وأخلاق عربية أصيلة".
ابن طوالة كان يستحضر هنا قصة خلدها تراث الجزيرة العربية، بطلها صنيتان السويط، الذي قتل ابنه، بعد أن أقدم الأخير على قتل جاره. كذلك قصة المهادي مع جاره مفرج السبيعي الذي قتل ابن جاره بالخطأ و لما علم المهادي بما حصل أخفى الأمر عن أبناء عشيرته كي لا يتضرر جاره واعتبرت اللجنة المنظمة للحفلة التكريمية، ما فعله حمود الشمري "لا يقل مروءة وشهامة عما فعله السويط و المهادي ".
وانهالت كلمات الثناء والمديح على الشمري، من المتحدثين في حفلة التكريم، التي حضرها أعيان و مشايخ قبيلة شمر وأعيان حفر الباطن، وكان للخطاب الديني حضوره حيث ألقى مجموعة من المشايخ كلمات تبين فضيلة العفو وتثني على ما قام به حمود بن نايل حيث تكلم مدير هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بالذيبية الشيخ تركي الفهيد عن عظيم الأجر بالعفو عن القصاص و
وقال إن الله تعالى أثنى على العافين عن الناس ورتب الله عز وجل عليه الأجر العظيم والثواب الكبيرة حيث يقول سبحانه وتعالى {وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} قال ابن كثير رحمه الله {وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ} أي لا يعلمون غضبهم في الناس بل يكفون عنهم شرهم ويحتسبون ذلك عند الله عز وجل ثم قال {وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ} أي مع كف الشر يعفون عن ظلمهم في أنفسهم فلا يبقى في أنفسهم شيء على أحد وهذا أكمل الأحوال ولهذا قال الله {وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ}فهذا من مقامات الإحسان.
وأضاف الشيخ الفهيد وإذا ما تتبعت كتاب الله عزَّ وجل فإنك تجد أنه سبحانه وتعالى يحبب العفو في نفوس عباده ويحثهم عليه ويعدهم على عفوهم عفوه سبحانه وتعالى فيقول سبحانه {وَأَن تَعْفُواْ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى}وقوله سبحانه {وَإِن تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ}وكان أبو بكر رضي الله عنه يحسن إلى مسطح ببعض العطاء فلما بلغته مقالته في عائشة منعه العطاء فقال الله سبحانه وتعالى {وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلا تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ}فقال أبو بكر رضي الله عنه بلى والله وإنا لنحب أن يغفر الله لنا وأعاد له العطاء.. فإذا كان الله سبحانه وتعالى قد وعد بالعفو والمغفرة لمن عفا وصبر عمن أساء إليه بالكلام فعفوه سبحانه ومغفرته لمن عفا عن الدم أعظم وأقرب مثوبة عند الله عز وجل {فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ}فعن أنس رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال (إذا كان يوم القيامة نادى مناد من كان أجره على الله فليدخل الجنة فيقال من ذا الذي أجره على الله فيقوم العافون عن الناس فيدخلوا الجنة بغير حساب) ومثله ما روي عن ابن عباس أنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كان يوم القيامة نادى مناد يقول / أين العافون عن الناس هلموا إلى ربكم وخذوا أجوركم وحق على كل امرئ مسلم إذا عفا أن يدخل الجنة
بعد ذلك تبارى شعراء بحضور عبد الرحمن عادل الشمري، و زياد بن حجاب بن نحيت ، على تدبيج القصائد النبطية، التي تتناول العفو والتسامح، وتنتقد "المتاجرين" في الديات.
ولم يقتصر الأمر على الحفلة، التي أقيمت في خيمة كبيرة، ضاقت بآلاف الأشخاص الذين حضروا من مختلف مدن حفر الباطن وقراها وهجرها , ومن خارجها أيضاً، كما حضره بعض أعيان قبيلة شمر من خارج المملكة كعضو مجلس الأمة محمد بن خلف الشمري ، فلقد انتشرت في شوارع المدينة لوحات تشيد بموقف الشمري، وتدعو إلى حضور حفلة التكريم، جاء فيها "تتشرف قبيلة شمر بدعوتكم لحضور الحفلة المقامة تكريماً لشيخ العافين حمود نايل طوعان الشمري، لما قام به من العفو عن قاتل قتل ابنه، فوراً، وبلا شروط أو قيود. وضرب أروع الأمثلة في حقوق الجار على الجار، في الزمن المعاصر".
الحياة التقت بالشيخ حمود الذي شكر بادرة الشيخ برغش بن طوالة مضيفاً أن ما حصل لا يستحق كل هذا التكريم فكل ما حصل هو تكافل اجتماعي بحق أهل و عشيرة ما يربطهم من وشائج دم و قربى أكبر من كل ما يحدث من خلاف والأهل حتى و إن دخل الشيطان بينهم غير "الظفر لا يخرج من اللحم " على حد تعبيره ..
كما تقدم بالشكر لكل من حضر ومن تكلف بتكريمه مع اقتناعه أن ما قام به ليس بالغريب فالدين والعادات تحث على هذا الخلق و قدوتنا الرسول صلى الله عليه و سلم أوصى بسابع جار سواء بالسراء و الضراء
مختتما حديثه أن أبني ذهب إلى ربه و احتسبه عند الله لكني لا أريد أن يذهب ابن جاري فتكون مصيبتنا مصيبتين فما يؤلمني يؤلم جاري والعكس فنحن جيران منذ 15 عاماً
و اسأل الله أن يعوضنا عن فقيدنا ويلهمنا الصبر و السلوان و يجعله شفيعا لنا و يتقبل منا العفو
يذكر أن الحفل استمر حتى منتصف الليل و قد قامت العديد من القنوات الشعبية بتصويره و تغطيته إبرازاً لموقف قلما يحدث في زمن تطغى فيه الماديات..
لكن العجيب في القصة أن الشيخ حمود كان له ابن توفي قبل سنوات بحادثة دهس فلما أتت أم الولد الذي كان يقود السيارة وبكت عنده حيث كان ابنها يتيما لم يتحمل "شيخ العافين" أن يكلم فؤاد الأم كما كلم صدره فعفا عنه من ساعته ولم ينم الشاب إلا في بيته
تعليق / أي مروءة و رجولة وشهامة حملها الشيخ حمود في وقت يتاجر الناس فيه بالديات بشكل مبالغ بينما البقية الأخرى يجعل للشيطان عليه سبيلاً ولا يرضى إلا بإراقة الدم
أي نعم أن من يطالب بالقصاص فهو حق مشروع له و من يطالي بالدية فهو بكل الأحوال يعتبر محسن بقبوله الدية لكن أين هؤلاء من شيخ العافين الذي فكر بجاره قبل أن يفكر بنفسه
في المواقف تظهر معادن الرجال و أشهد أن معدنك ذهب يا ابن طوعان
في زمن الماديات تظهر لنا قمم شامخة تذكرنا بأصالة و روعة أخلاقنا التي حث عليها الدين و المجتمع
والطيب و الشكر يمتد للشيخ برغش صاحب المبادرة الكريمة فلا يثمن مواقف الرجال إلا الرجال
ولا شك أن الشكر موصول لشيوخ شمر و القبائل الأخرى على حضورهم فحضورهم أعطى لموقف شيخ العافين وهجاً لا بد أن نرى انعكاساته في المستقبل القريب
حق لحفر الباطن أن تفخر باحتفال شيخ العافين و حق لأهلها أن يفخروا فهم من كرم راعي الطيب والنخوة " شيخ العافين"
عمار يا حفر الباطن ...
* شكر خاص للرائع مساعد الدهمشي فلولا الله ثم لولاه لما استطعت تغطية الحفل الذي سعدت بمعرفته وما أجمله من قدر حينما تتعرف بشخص بروعة مساعد في حدث بهذه الروعة فمعرفة شخص كريم في مناسبة كريمة هي الأروع [/align]
رد: "حق الجار" يدفع مواطناً للعفو عن قاتل ابنه فور وقوع الجريمة
صور من الحفل يظهر فيها الشيخ حمود صاحب الغترة البيضاء واللحية البيضاء والقلب الأبيض (يسار الصورة الأولى)
الشيخ نايف بن حميد (يسار ابن طوعان في الصورتين الأولى والثالثة)
وبعض الحضور الكرام
رد: "حق الجار" يدفع مواطناً للعفو عن قاتل ابنه فور وقوع الجريمة
الله يبيض وجهه وهذا نموذج من الرجال الذين يضرب بهم المثل وانشاء الله انه يلقاها في موازين حسناته
الله يعطيك العافيه اخوي ابراهيم على نقل هذا الخبر الجميل والمفرح
العرض العادي
