اتصل بادارة الموقع البحث   التسجيل الرئيسية

 


العودة   منتديات عاصمة الربيع > الاقسام العامه > الأخبار والمواضيع المحلية والدولية

الأخبار والمواضيع المحلية والدولية الأخبار المحلية والدولية ومنها السياسية

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 04-03-08, 08:36 PM   رقم المشاركة : 1
غيور على ديرتي
مشرف سابق
الملف الشخصي







 
الحالة
غيور على ديرتي غير متواجد حالياً

 


 

صناعة القرار السياسي الأمريكي .. كيف ؟

صناعة القرار السياسي الأمريكي .. كيف ؟

قد تختلف الولايات المتحدة الأمريكية ، عن كثير من دول العالم ، كونها دولة حديثة في تكوينها نسبيا ، وهذا سيجعل ذاكرة من يعيش بها تجاه مفهوم الدولة يرتبط بتاريخ تواجده في تلك البلاد ، كما يكون لحجم التضحيات او المغامرة التي قدمها فرد أو مجموعة ، هو وراء شكل نظرته لتقييم السياسات الحكومية ، وهذا يختلف بشكل مؤكد عن شعوب الدول التي لها آلاف السنين في نفس المكان و تعددت روافد ذاكرة الفرد بها وما سيترتب على تلك الذاكرة من تقييم لسياسات حكومته .

ان الوضع في أمريكا ، يشبه وضع مساهمين في شركة واضحة حدود شراكتهم الزمنية ، وانتهوا من خلافاتهم حول نمطية التعايش ، بعد الحرب الأهلية التي تلت الاستقلال . أو قد يكون وضع سكان أمريكا أشبه بوضع اللصوص او الغزاة الذين تمكنوا من بسط نفوذهم على مساحة أرض ، ووجدوا الطريق لإسكات بعضهم البعض ، من خلال اقتسام تلك المساحة ، حسب تاريخ وصول الغزاة وقوتهم .. فوضعوا مسودات لتنظيم حالة التعايش فيما بينهم وجرى تعديلها أكثر من مرة لتضمن حالة السلم فيما بينهم .

ان تمازج الأذواق والثقافات والرؤى التي تعتمد على ذاكرة المنشأ في الأصل ، فان ابتكار خليط من نتاج المعارف صنع حالة ، كان على القادم الجديد فيما بعد ان يقبل بها أو يسكت عنها ، لكي يضمن لنفسه تحقيق أهدافه التي هاجر من أجلها ناشدا الراحة والمال . من هنا كان للقوى الأصلية التي كانت من أصول أوروبية والتي انصهرت مع بعضها ، كما في حالة جنوب إفريقيا و استراليا وحتى الكيان الصهيوني .. كان لها الكلمة العليا في تحديد معالم سياسات البلاد ، وان أصبحت تداهن الجماعات التي قدمت فيما بعد ، لضمان تصويتها لصالحها .

ان هذا التأسيس للصورة ، قد يصلح أن يكون مؤثرا ، حتى حرب فيتنام ، أما بعد حرب فيتنام والهزيمة التي نجمت عنها ، وفضيحة ووترغيت ، قد أحدث تغييرا ملموسا في قنوات صناعة القرار السياسي الأمريكي .. ونحن إذ نحاول محاولة متواضعة لتتبع تلك القنوات ، نكون قد أسهمنا في الإشارة الى موضوع يكاد لا يطلع شمس نهار على أمتنا الا ونحن على صلة بآثار تلك الدولة .

لقد ظن البعض أن الرئيس الأمريكي هو صاحب القرار الأول والأخير في كل شيء ، وقد ظن الآخرون ان الكونجرس هو ما يصنع كل خطوط السياسة الأمريكية ، وقد ظن البعض ان جماعات الضغط هي ما توحي بشكل تلك السياسات ، وقد يقول قائل أن الصحافة ومعاهد الدراسات المتخصصة هي ما توحي برسم سياسة الحكومة ..

هذا ما سنتتبعه في تلك السلسلة المتواضعة من المقالات .
ـــــــــــــــــــــــ
اسم الكتاب الأصلي : صنع السياسة الأمريكية .. والعرب
المؤلف : د محمد عبد العزيز الربيع
دار النشر : دار الكرمل/ صامد ـ عمان / الأردن
رقم الإيداع/83/2/1990
ملحوظة : كنت قد تدخلت في تصرف في بعض الوقائع التي حدثت بعد نشر الكتاب .

ضوء على الدستور الأمريكي :
استطاع الدستور الأمريكي أن ينظم نمو وحركة مجتمع موزائيكي ممزق ، طحنته الحرب الأهلية و الأحقاد ، ويجعل من أمريكا خلال مائتي عام دولة قوية اقتصاديا وعسكريا و سياسيا . ومن يدري فالعمار في أرض صليخ أكثر توفيقا من إعادة ترميم عمار قائم .

لقد رتب الدستور الأمريكي الأدوار ، وأعطى خصوصية الولاية حقها وضمن حرية الأديان وإطلاق الإبداع ونظم دور كل من سلطات الرئيس والكونجرس والقضاء .. وقد تكون الحرب الأهلية هي التي ألهمت واضعي الصيغ ، ليكونوا حذرين في إيجاد منابت الخلاف المجدد بين سكان تلك البلاد .. وهذه الأريحية وهذا النجاح استهوى صفوة علماء ومبدعين العالم ليهاجروا الى تلك البلاد ليزيدوا من عوامل قوتها .

الرئيس :
أعطى الدستور الرئيس الذي ينتخب كل أربعة سنوات ، ويجوز له الترشيح و إشغال المنصب لدورتين متتاليتين .. الحق في تمثيل البلاد خارجيا وقيادة القوات المسلحة وعقد الاتفاقيات الخارجية وتعيين السفراء وأعضاء محكمة العدل العليا وشن الحروب ، شريطة موافقة الكونجرس بذلك .. أي رغم الصلاحيات الواسعة الا انه ربطها بموافقة الكونجرس .

الكونجرس :
يتكون الكونجرس من مجلسين : النواب و عددهم 435 وتعطى كل ولاية عددا يتناسب مع عدد سكانها فمنها الكثير مثل كالفورنيا ومنها القليل مثل ايوا . أما مجلس الشيوخ فتتساوى الولايات بالأعضاء حيث يكون لكل ولاية عضوان من أصل مائة عضو .

ويجري انتخاب نصف مجلس النواب كل سنتين ، أي أن مدة الدورة الواحدة للعضو الواحد هي أربع سنوات ، ويحق للعضو الترشيح لعدد غير محدود من المرات فهناك من الأعضاء من استمر تسع دورات .. وغالبا ما يعاد انتخاب اكثر الأعضاء ففي عام 1988 أعيد 98% من الأعضاء السابقين .

أما الشيوخ فينتخب منهم الثلث كل سنتين ، أي أن الدورة الواحدة هي ست سنوات وليس أربع كما في مجلس النواب .

ويشرف الكونجرس على وضع الميزانيات ومراقبة الصرف ، من خلال لجانه ، وتنظيم التجنيد ، واستجواب المسئولين ، واقرار الإتفاقيات والسياسة الخارجية .

خلافات حول صلاحيات الرئيس و الكونجرس :
معلوم ان الكونجرس ينتخب بعد أن تقدم الكارتيلات والترستات الإمبريالية مرشحيها وفق أجندة مصالحها المادية ، وحتى ان اتفق ان يكون هؤلاء المرشحون ، ينتمون للحزب هذا أو ذاك ، فان غلبة تقديم مصلحة الكارتيل او الشركة التي تقف وراء هذا المرشح ، والذي قد يفوز بالانتخابات ، على رؤية الرئيس كونه يمثل مجمل الكيان الإمبريالي كمجموع .

وقد بين باحثون أمريكيون كلفهم ريغان عام 1982 بوضع دراسة عن مستقبل أمريكا ، ان عضو الكونجرس يتقاضى ما مجموعه سبعة رواتب ، منها الراتب من الحكومة الفيدرالية و الستة الباقية ، تدفعها جماعات ضغط (لوبي) للعضو سرا لتمرير أو ايقاف بعض مشاريع القوانين التي تفيد او تضر ما تمثله جماعة الضغط نفسها ، وسنأتي على ذكر ذلك بتفصيل أكثر فيما بعد .

لقد تكررت الصدامات بين الرئيس والكونجرس مثلا في الفترة الواقعة بين عامي 1984 و1988 ، ويلاحظ باستمرار ان معظم الخلافات تتم في الدورة الثانية التي قد يحظى بها رئيس أمريكي .
فوقف صفقات بيع سلاح للأردن والكويت والسعودية ، في تلك الفترة ، رغم تيقن الجميع بقوة الروابط بين تلك الدول و الحكومة الأمريكية ، فقد عطلت تلك الصفقات ، نتيجة فعل استثنائي من اللوبي الصهيوني . وهذا ينسحب على إغلاق مكتب منظمة التحرير في نيويورك ، وكذلك طلب الكونجرس بوضع شروط إضافية على المساعدات السنوية لمصر و الأردن .

وعندما أحس الرئيس بحرج موقفه ، لجأ الى حيل قانونية كإبراز اتفاقية اعتماد نيويورك كمقر للأمم المتحدة ومعارضتها لإغلاق مكتب منظمة التحرير ، وهذا ما أوحي للمحكمة الخاصة التي عرضت عليها تلك القضية (الطلب) .

كما لجأ الى حيلة وضع مسودة قرار نقض (فيتو) يسمح للرئيس بتمرير بعض القرارات دون مضايقة الكونجرس ، لكن ريغان فشل في إقناع حتى الجمهوريين بالتنازل عن جزء من صلاحياتهم .
لذا التف الرئيس بحصر بعض النشاطات الاستخبارية و ما تقوم به صرفيات ، لوكالة المخابرات المركزية ، التي تفلت في كثير من الأحيان من رقابة الكونجرس الصارمة .

وزارة الخارجية :
يعتبر وزير الخارجية الشخص الأكثر أهمية بعد رئيس الولايات المتحدة ، وهو الذي يمثل الدولة لدى الكونجرس وهو الذي يدير سياسات الدولة الخارجية ، وهو الذي يدافع عن برامج الدولة في كل المجالات ، وهو الذي يقترح و ينظم برامج المساعدات الخارجية ..

ويساعد وزير الخارجية (25) ألف مساعد ، نصفهم خارج البلاد موزعين على أكثر من (140) سفارة ، و النصف الآخر يقيم في مباني الوزارة داخل الولايات المتحدة .. وتزود وزارة الخارجية الدولة الأمريكية بأكثر من نصف المعلومات اللازمة لإدارة علاقاتها ..

يصدر عن وزارة الخارجية يوميا مالا يقل عن (1000) برقية موقعة من وزير الخارجية ، وتتلقى مثل هذا العدد .. ويشارك ممثلو الوزارة ب ( 12) مؤتمر دولي يوميا ، كما يستقبل ممثلو الوزارة يوميا في مبنى الوزارة و الأمم المتحدة مالا يقل عن (8) وزراء أو سفراء لدول أجنبية ..

وتبلغ ميزانية الوزارة السنوية حوالي (4) مليارات دولار .. تصرف على رواتب العاملين وبعض الشؤون الأخرى .. ويتبع للوزارة وكالة التنمية الدولية والتي تنظم برامج المساعدات للدول الأجنبية . ووكالة الاستعلامات الأمريكية التي تبشر بقيم و ثقافة الولايات المتحدة . ووكالة الرقابة على الأسلحة ونزع السلاح ، وهي الجهاز المسئول عن اتفاقيات الحد من الأسلحة وغيرها ..

رغم أهمية دور وزير الخارجية ، إلا أن هذا الدور كان يتذبذب بين الدور القوي و المحوري كما كان ل( جون فوستر دالاس ) في عهد الرئيس أيزنهاور ، و كذلك ( هنري كيسنجر ) في عهد الرئيس نيكسون .. أو دور هامشي لا يكاد يذكر كما كان في أيام ( شولتز ) في عهد ريغان حيث عين أكثر من أربعين شخصا من أصدقائه في مناصب مهمة ، ولم يكن لهم أدنى معرفة بالشؤون الخارجية ودون علم وزير الخارجية .. أو حتى ( كولن باول) في عهد بوش الحالي ..

و أحيانا ، كان الرئيس يتجاهل وزارة الخارجية بشكل كامل ، ويعتمد على مستشارين من خارجها ضمن عقود تربط معه مباشرة ، كما حدث في عهد الرئيس ( ترومان ) عندما وقفت أجهزة الخارجية والدفاع ضده في دعمه لإقامة وطن لليهود ! ولكن في عهد نيكسون عادت الإدارة الى الاعتماد على موظفي وزارة الخارجية . ثم رجعت العادة على الاعتماد على المستشارين الخارجيين في عهد ريغان .

وزارة الدفاع
تعتبر وزارة الدفاع الأمريكية هي الجهة المنوط بها المهام التالية :
1 ـ بناء و إعداد القوات المسلحة ، و الإشراف على القواعد العسكرية التي كان عددها عام 1990 حوالي 350 قاعدة .. وقد جرى تخفيض عليها و تقليص واضح في عام 2005 ، بعد غزو العراق ..
2 ـ جمع وتحليل المعلومات الخاصة بجيوش الدول المعادية ، وحتى الصديقة من خلال جهاز استخباراتي مركزي هو ( وكالة استخبارات الدفاع ) .. مهمته التعرف على احتمالية وقوع اضطرابات وتغييرات سياسية فيما يخص نظم الحكم بالعالم ، واقتراح الحلول لتوظيفها في خدمة أهداف أمريكا ..

وقد قامت تلك الوكالة في عام 1983 بتكليف جهات سرية بوضع مجموعة من الدراسات حول المنطقة العربية هي :
أ ـ التعرف على امكانيات مجلس التعاون الخليجي وتحديد احتمالات تطوره الى كتلة سياسية واقتصادية و عسكرية فاعلة ..
ب ـ التعرف على احتمالات قيام وحدة سياسية بين العراق و سوريا .. و أثر ذلك على المصالح الأمريكية في المنطقة ..
ج ـ التعرف على إمكانيات الضفة الغربية ، و خريطة التوجهات السياسية ، و إمكانية دعم تلك التوجهات لإقامة كيان وديع مستقبلا ..
د ـ دراسة القوى العاملة في البلاد العربية .. وتحديد حجمها و تشبث العاملين بمهنهم وتطويرها و أثر ذلك سياسيا و اقتصاديا في المستقبل ..
ويلاحظ هذا التنوع بأبحاث و دراسات وزارة الدفاع .. وعدم التركيز على الجانب العسكري فقط ..
3ـ وهناك جانب آخر لعمل وزارة الدفاع .. وهو أن هناك 40 معاهدة عسكرية ترتبط بها مع دول أجنبية .. وهناك برامج مساعدات عسكرية و تدريب كوادر أجنبية حيث كان في عام 1986 أكثر من مئة دولة تدرب عناصرها القيادية في أمريكا .. حيث بلغ في ذاك العام حوالي 8000 عنصر أجنبي قيادي .. حيث يزود هؤلاء المتدربين ، بمعرفة نمط الحياة الأمريكية و ثقافتها و كيفية تطبيقها في بلاد المتدربين ! وقد رفض الصهاينة شمولهم بهذه البرامج !

في عام 1987 بلغت ميزانية وزارة الدفاع ، 300 مليار دولار ، أي حوالي ثلث الميزانية الأمريكية .. ويلاحظ أن دور الوزارة ، أحيانا يصل الى درجة التدخل العسكري كما حصل في بنما و غرينادا و ليبيا و أفغانستان و العراق ..







قديم 04-03-08, 08:37 PM   رقم المشاركة : 2
غيور على ديرتي
مشرف سابق
الملف الشخصي







 
الحالة
غيور على ديرتي غير متواجد حالياً

 


 

الكونغرس والسلطة التشريعية : قامت فلسفة وضع الدستور الأمريكي ، عام 1787 ، على أساس فرز السلطات الثلاث عن بعض ، وبالذات فصل السلطة التشريعية عن السلطتين (التنفيذية والقضائية ) .. فأعطى الدستور للكونجرس صلاحيات سن القوانين ، وفرض الضرائب .. في حين أعطى للرئيس صلاحيات إدارة شؤون الحكم ورسم وتنفيذ سياسة أمريكا الخارجية .. إن هذا الشكل من العلاقة بين الرئيس و الكونجرس ، جعل من الصعوبة للرئيس أن ينفرد بالسياسة الخارجية ، حيث أنها ستحتاج الى تمويل وباب للصرف ، وهي الصلاحية التي بيد الكونجرس ، مما جعل الجهتين متشاركتين مشاركة لا بد من ظهور دور كل طرف بالقرار .. لقد عززت خشية الأمريكيين من تفرد الرئيس ، أو السلطة التنفيذية ، والتي هي عمليا بيده ، من خلال منحه صلاحيات لتشكيل الوزارة ، والتي لا رئيس وزراء فيها . لقد تمثلت خشية الأمريكيين ، بتحريم أن يكون هناك وزير من بين أعضاء الكونجرس ، وهي بذلك تنفرد عن المجتمعات الغربية ( الأوروبية ) في ذلك .. أما الرئيس الذي ينتخب منفردا ، وهي شبيهة بالحالة الفرنسية ، قد يكون حزبه صاحب الأغلبية في الكونجرس ، وقد لا يكون .. وهذه ضمانة خفية ، لعدم تفرد الرئيس في قراراته .. إن هذا الشكل المعقد يحتم على أعضاء الكونجرس التعاون مع السلطة التنفيذية ، أي الرئيس و الحكومة ، طالما أن الفلسفة العامة في الرؤية الإمبريالية ، تكاد تكون متطابقة في الحزبين اللذان يتناوبان على السلطة منذ أمد بعيد .. لقد أرسى الرئيس ( توماس جفرسون ) قاعدة مفادها : أن إدارة العلاقات مع الدول الأجنبية ، هي من ضمن نطاق عمل و صلاحيات السلطة التنفيذية .. لكنه أبقى عملية صنع السياسة الخارجية ضمن مسؤولية الكونجرس .. لكن نتيجة لضعف قدرة الكونجرس على متابعة التطورات الدولية ، بنفس كفاءة الدولة التي تستقي معلوماتها من السفارات والأجهزة الاستخباراتية ، جعل الكونجرس يتنازل ( كعرف ) عن صلاحياته تلك للسلطة التنفيذية .. في حين تمسك الكونجرس بالرقابة على أداء السياسة الخارجية ! إن الاحتراز الأخير ، أجبر البيروقراطية الحكومية ، بتقديم تقارير للكونجرس عن مختلف نشاطات الحكومة ، وحتى أجهزة المخابرات ، وهذا أدى الى تسريب بعض المعلومات الهامة عن نشاطات المخابرات ، وعدم القدرة على تتبع مصدر تسريب تلك المعلومات .. إن هذا الوضع قاد لتصعيد المواجهة بين الرئيس والكونجرس ، وبالذات في عهد الرئيس ريغان ، الذي اتهم الكونجرس بإعاقة عمل الدولة ، وتسريب أخبارها السرية ، في حين سن الكونجرس عام 1987 وحده 600 تشريع يلزم الحكومة وأجهزتها بكتابة التقارير وتزويد الكونجرس بها .. يقول الكاتب الألماني ( جوزيف جوفي) ـ بهذا الصدد ـ أنه في العالم الديمقراطي ، وبعد أن أصبح التلفزيون وسيلة لإبراز السياسيين ، ضعفت العقيدة ، ولم يتورع أحد عن تسريب معلومات الدولة ، طالما فيها مكاسب انتخابية ! آلية سن القوانين الأمريكية لقد أدت فكرة التخصص وتوزيع الصلاحيات الذي أحدثته عملية إعادة تنظيم لجان الكونجرس ، الى تعقيد عملية اتخاذ القرارات ، خصوصا تلك المتعلقة في السياسة الخارجية .. فالفكرة الأولى لمشروع أي قانون ، تتكون نتيجة تسارع الأحداث و مساهمة الإعلام و اللوبيات وغيرها كما سنرى فيما بعد ، فتطرح الكلمة في مداخلة أحد المتكلمين ( وضمن تنسيق مسبق من لجان حزب المتكلم ) .. ويتم تداول الفكرة بشكل أولي داخل مجلس النواب .. تحيل رئاسة المجلس الفكرة ، للجنة اختصاص فرعية ، فتناقشها وتحيلها الى لجنة الاختصاص الرئيسية في مجلس النواب ، فتحيله للجنة للصياغة داخل اللجنة الرئيسية ، وبعد صياغة القانون يعاد الى لجنة الاختصاص الرئيسية ، فتصوت عليه وتقره لديها . ثم تحيله الى لجنة الإجراءات و القواعد الدستورية (كمشروع قانون) .. فتقوم تلك اللجنة بتكييف القانون مع الصلاحيات الدستورية ، وتحيله الى مجلس النواب للتصويت عليه .. في هذه الأثناء يكون المشروع قد مر بنفس الخطوات في لجان مماثلة لدى مجلس الشيوخ .. فيتم صياغته وفق رؤى مجلس الشيوخ .. ويصوت عليه داخل مجلس الشيوخ ( كمشروع قانون ) . يتم إحالة المشروعين (من مجلس النواب ومجلس الشيوخ ) الى لجنة مشتركة للتوفيق بين الصياغتين .. ثم يعاد النص الى المجلسين للتصويت عليه .. وبعد أن يتم الاتفاق على الصيغة التوفيقية من المجلسين بعد التصويت عليه .. يرفع كمشروع (قانون عام ) الى الرئيس .. فإن قبل به يصبح قانونا عاما .. وإن استخدم حق النقض (الفيتو) عليه ، فإنه سيعاد الى المجلسين ، وعندها يجب أن يحصل على ثلثي أصوات كل مجلس منهما حتى يبطل مفعول نقض الرئيس . الكونجرس و قوى الضغط : في هذه المقالة ، سنتعرض لآثار قوى الضغط على الكونجرس ، إذ لا يزال حديثنا عن الكونجرس ، وسوف نعود فيما بعد لجماعات الضغط بشيء من التفصيل ، لكن لعلاقة جماعة الضغط في أداء الكونجرس ، حاولنا إيفاء الموضوع بعض حقه .. في كتاب (عام الإفلاس) .. الذي وضعه أستاذان عام 1989 ، كشفوا مسألة بأن عضو الكونجرس يتقاضى ستة رواتب من (جماعات الضغط ) إضافة للراتب الذي يتقاضاه من الحكومة الفيدرالية .. ومعروف أن جماعات الضغط هي مجموعات منظمة ، لا تطمح ( كما هي الأحزاب) للوصول الى الحكم .. بل تسعى لتوجيه صناعة القرار بما يخدم أهدافها .. في موضوع الكونجرس ، عندما تم إعادة هيكلة الكونجرس في بداية السبعينات ، و انتزعت من رؤساء اللجان صلاحياتها الكبيرة ، لصالح الأعضاء وفق الآلية التي أشرنا لها سابقا .. كان لا بد لجماعات الضغط أن تتكيف مع الحالة الجديدة لتبقي تأثيرها على صناعة القرار داخل الكونجرس .. فاتجهت جماعات الضغط الى رؤساء اللجان ، والى أعضاء اللجان و أعضاء الكونجرس بشكل عام ، وفق نهج محبوك و دقيق .. فتلجأ للإغراءات و صرف الرواتب ، والتهديد في أحيان معاندة العضو المقصود .. وتتبنى كذلك الأعضاء الذين ينفذون توجهاتها ، وتتحمل كلف حملات انتخابهم ، والتي تصل في بعض الأحيان الى عشرات الملايين من الدولارات .. وقد كان ل (اللوبي الصهيوني ) الذي اكتمل تكوينه وتنظيمه في أواخر السبعينات من القرن الماضي الدور الأكبر في التدخل بالسياسة الخارجية ، لدرجة تفوق فيها على كل من (لوبي القمح ) و (لوبي السلاح ) في المجال الخارجي .. وقد ساعده في ذلك زجه أو كسبه للعديد من موظفي الخارجية و الدفاع عالي المستوى .. و حيازته لنسخ من القرارات و التوجهات التي تصدرها هاتان الوزارتان .. وعلى سبيل المثال ذكر الكاتب اليهودي الأمريكي ( لين برينر) أنه ، بينما تبلغ نسبة يهود أمريكا 2.5% من مجموع السكان ، تبلغ نسبة المحامين اليهود حوالي 23% من مجموع المحامين الأمريكان .. وحوالي 20% من الأطباء ، وحوالي 25% من العاملين في قطاع الإعلام والصحافة .. وقد استطاع اللوبي الصهيوني ، زراعة موظفين مقربين من كل مراكز صناعة القرار الأمريكي ، خصوصا أولئك المعنيين برسم السياسات المالية ، والشأن المتعلق بالشرق الأوسط .. في أعقاب حرب تشرين 1973 ، أصدر الكونجرس بفعل اللوبي الصهيوني ، قرارا يمنح به الكيان الصهيوني معونة سنوية تقدر ب 2.2 مليار دولار ، كمعونة إضافية ، ثم زاد عليها 200 مليون دولار عام 1982 رغم معارضة ريغان ووزير خارجيته ..ثم رفع الزيادة الى 510 مليون دولار ك ( منحة) عام 1984 ، رغم معارضة الرئيس ، ثم تحولت الى منح لا تسترد .. في عام 1983 قرر الكونجرس صرف 550 مليون دولار من أصل 1700 مليون دولار لتطوير طائرة (لافي) الصهيونية .. ورفض طرح مشروع دراسة الجدوى الاقتصادية في الكونجرس لمدة أربع سنوات ، رغم تزايد شكوك الأمريكان و الصهاينة أيضا .. حيث ألغي المشروع عام 1988 ، بالرغم من أنه صرف عليه 2000 مليون دولار .. دون أن يتم السؤال عنها ! وهناك مثال آخر ، هو ما حدث لصفقة الأسلحة مع الأردن عام 1985 ، والتي عطلها اللوبي الصهيوني بحجة آثارها السيئة على الكيان الصهيوني . لكن هناك أثر لجماعات الضغط الأخرى ، التي تتحكم أحيانا في عمليات الانتخابات ، كما حدث عندما قامت جماعة ضغط سوداء ، بسن قانون يمنع التعامل مع جنوب إفريقيا .. رغم عدم رغبة الحكومة الأمريكية .. فقد تم سن القانون .. وهناك حالة شبيهة حدثت عندما قاطع الرئيس ريغان ووزير خارجيته (جورج شولتز ) مقابلة رئيس نيكاراجوا ، في حين قابله رئيس الكونجرس (جيم رايت) والتي سببت قلقا وإزعاجا و سابقة فريدة في تاريخ الولايات المتحدة . باختصار تزايدت سلطات الكونجرس ، وتراجع دور الرئيس ، نتيجة ل : 1 ـ حصول أعضاء الكونجرس على الكثير من المعلومات الاستخباراتية ، نتيجة تعاون مراكز الدراسات و جماعات الضغط .. 2 ـ الحرص على البقاء في الكونجرس ، من قبل الأعضاء الذين رغبوا في الثبات على سياسة مراكز القوى ليحظوا بدعمهم المادي و المعنوي . 3 ـ كثرة اللجان و زيادة دورها ، جعل من مسألة رسم السياسات وكأنه شأن لا يقتصر على الرئيس ووزير خارجيته ، بل يطلع عليه الجميع .. 4 ـ عدم قدرة غالبية الرؤساء على عدم الوقوع بالأخطاء ( نيكسون ـ ووتر غيت) .. ( كلينتون ـ مونيكا ) .. كل هذا أعطى المزاج العام دفعة لتأييد الكونجرس ، ضد الرئيس .. 5 ـ فشل حزب الرئيس في كثير من الأحيان ، على الحفاظ على الأغلبية داخل الكونجرس ، جعل الكونجرس كند قوي بل أقوى في بعض الأحيان من الرئيس . مجلس الأمن القومي National Security Council : بعد أن تزايدت المشاكل مع الاتحاد السوفييتي ، أصدر الكونجرس قانونا يتشكل فيه مجلس الأمن القومي ووكالة الاستخبارات الأمريكية ، وإعادة تشكيل تنظيمات وزارة الدفاع .. وكان الغرض من ذلك التشريع هو التمكن من رسم سياسة خارجية متعددة الأهداف ، وقادرة على حماية المصالح الأمريكية ، هذا من جانب ، ومن جانب آخر هو إنشاء أو تأسيس حالة تنظيمية تنسق بين مصادر المعلومات السرية وتناولها للرئيس في سرعة و إتقان .. يترأس المجلس القومي مساعد الرئيس لشؤون الأمن القومي .. أما تكوينه فيتكون من الرئيس ونائبه و وزيري الخارجية والدفاع ، بالإضافة لمساعد الرئيس لشؤون الأمن القومي .. وهؤلاء يعتبروا أعضاء دائمين و أساسيين ، ويعتبر مدير الاستخبارات المركزية و رئيس هيئة الأركان كمستشارين دائمين للمجلس .. وفي العادة يدعو الرئيس كل من وزير المالية ووزير العدل ومدير مكتبه الخاص لحضور الاجتماعات .. ويعتبر مجلس الأمن القومي ، أخطر جهة ترسم وتنفذ سياسة الولايات المتحدة ، ويظهر دوره بجلاء بالأزمات الدولية الحادة .. ولكن مرجعيته كراسم للسياسة الخارجية ومنفذ لها كانت تصطدم ببيروقراطية دوائر الخارجية .. بالقدر الذي يكون فيه الرئيس يرغب بالإشراف على السياسة الخارجية ، وبالقدر الذي تكون فيه علاقات الرئيس بمساعده جيدة ، تقفز نوبات تسلط مجلس الأمن القومي . فقد كان ( نيكسون) يعتمد على هنري كيسنجر بأداء مهمة التفاوض مع الصين و فيتنام ( وكان مسئولا لمجلس الأمن القومي ) ، كذلك قام كارتر بتكليف ( زبيغنيو برجنسكي ) في عام 1977 بإعادة تخطيط سياسة أمريكا الخارجية .. بالمقابل فإن رؤساء مثل ايزانهور وجونسون و فورد بالابتعاد عن مجلس الأمن القومي والاعتماد على وزراء خارجيتهم ( جون فوستر دالاس ، ودين راسك ، وهنري كيسنجر (كوزير خارجية ) ) على التوالي .. كما تراجع دور وزيري الخارجية ، ( وليام روجرز ، و سايروس فانس ) خلال حكم نيكسون و كارتر .. لصالح ( كيسنجر و برجنسكي ) مساعدي الرئيس لشؤون الأمن القومي .. ويلاحظ أن هنري كيسنجر ( صهيوني الهوى ) قد تحكم بالسياسة الخارجية الأمريكية لمدة ثمان سنوات ، وهو في الأولى وزير خارجية والثانية مسئول للأمن القومي .. وقام بزرع العشرات من المتدربين على يديه في الدائرتين الخطيرتين ، والذين كثفوا تواجد الخط الصهيوني و فرخوا أجيالا من كبار الموظفين في هاتين الدائرتين .. في عهد ريجان تراجع الاعتماد على مجلس الأمن القومي ، ووزارة الخارجية ، واعتمد ريجان على سياسته البسيطة الساذجة في إدارة شؤون أمريكا الخارجية ، وقد كان قليل اللقاء بموظفي الخارجية و مجلس الأمن القومي ، حيث كثرت شكاويهم من ندرة تلك اللقاءات







قديم 04-03-08, 08:39 PM   رقم المشاركة : 3
غيور على ديرتي
مشرف سابق
الملف الشخصي







 
الحالة
غيور على ديرتي غير متواجد حالياً

 


 

أجهزة الاستخبارات :
كانت الولايات المتحدة أكثر ميلا للعزلة ، و ذلك لبعدها عن معظم دول العالم الأكثر نشاطا سياسيا . وبقيت كذلك حتى ضرب اليابانيون ( بيرل هاربر ) ، مما دفعها للدخول بالحرب العالمية الثانية و إجراء بعض التغييرات الاستخبارية .
لقد أنشئت وكالة الاستخبارات المركزية (C.I.A) في عام 1947 ، فقد كلفت في عام تأسيسها بمهمة تنسيق المعلومات الواردة من مختلف المصادر ، وتقديمها لمجلس الأمن القومي .

في عام 1948 وبعد ازدياد المخاوف من الاتحاد السوفييتي و النشاط الشيوعي العالمي ، أضيف لمهامها ، مهمة شن حرب نفسية ضد الاتحاد السوفييتي .

في عهد الرئيس (أيزنهاور ) ، وخصوصا أثناء الحرب الكورية ، وعندما تم تكليف إدارة الوكالة الى ( آلن دالاس ) شقيق وزير الخارجية في وقتها ( جان فوستر دالاس ) . أصبحت الوكالة مكملة لوزارة الخارجية ، بعد أن كانت تتلقى تعليماتها من ( مجلس الأمن القومي ) .. أصبح يناط بها مهام قلب الأنظمة السياسية في العالم ، وعلى سبيل المثال لا الحصر ، قامت بقلب نظام حكم (مصدق) في إيران عام 1953 ، و أسقطت نظام الحكم في ( كوستاريكا) ، وفي عام 1954 أسقطت الحكومة المنتخبة الشرعية في (غواتيمالا) . في عام 1958 نجحت في تغيير نظام الحكم في (التيبيت) . لكنها فشلت في إندونيسيا و كوبا .

في عام 1952 أنشئت (وكالة الأمن القومي National Security Agency) وكان ذلك بقرار سري ، لم يكشف عن تلك الوكالة إلا في أوائل الثمانينات ، وتقوم تلك الوكالة باستخدام الأقمار الصناعية و الاعتراض على كل الرسائل الإلكترونية ، وبإمكانها التعرف على تحرك معظم زعماء العالم ، وقصة الجاسوس الصهيوني (جوناثان بولارد ) هي ما كشفت عمل تلك الوكالة ، إذ كان يعمل بالوكالة وسرق ألف وثيقة وسلمها للكيان الصهيوني .

في عام 1961 أنشئت ( وكالة استخبارات الدفاع Defense Intelligence Agency ) ، كجهاز تابع لوزارة الدفاع ، ومهمتها التعرف على الوضع الشعبي والاقتصادي داخل الدول لتهيئة الجيش الأمريكي للتعامل مع تلك القوى .
كما يوجد في الولايات المتحدة أربعة أجهزة عسكرية أخرى تختص بجمع المعلومات السرية و التجسس على الدول الأجنبية . هذا بالإضافة الى (مكتب التحقيقات الفدرالي F.B.I) يهتم بمراقبة مواطني الولايات المتحدة وعلاقاتهم الخارجية ، كما يراقب نشاط الأجانب داخل الولايات المتحدة .

بعد انتخاب نيكسون ، ربط كل تلك الأجهزة به ، من خلال إعادة تنظيم هياكلها ، وقد استفاد من فترة وجوده كنائب للرئيس أيزنهاور .. وقد وضحت بصمات هنري كيسنجر في إعادة تلك الهيكلة ..
ويلخص ( روبرت جيتس ) مدير الاستخبارات في عهد بوش (الأب) .. بأن مهمة الأجهزة في الوقت الراهن يتمثل ب :
1ـ جمع وتحليل المعلومات السرية ، وكتابة التقارير و توزيعها (يوميا) على الجهات المعنية ، خاصة الرئيس ونائبه ووزير خارجيته ووزير حربه ومجلس الأمن القومي .. والتعديل عليها كل عدة ساعات في حالة الأزمات .
2 ـ القيام بالعمليات السرية ذات الصلة بتنفيذ سياسة أمريكا الخارجية واستراتيجيتها تجاه الآخرين .
3 ـ التفاعل المستمر مع صانعي القرار في واشنطن ، والتنسيق أحيانا مع أجهزة استخبارات الدول الأجنبية ( صربيا ، إفغانستان ، العراق ) .

إشراف الكونجرس على أجهزة الاستخبارات :
لقد أشرنا أن تاريخ الاستخبارات في الولايات المتحدة هو تاريخ حديث العهد ، مقارنة بمثيلاتها في الدول الكبرى ، مما جعل تلك الأجهزة تتكاثر بسرعة ، وتتداخل المهام فيما بينها ، و تبقى في النهاية مربوطة بشكل ما بشخص رئيس الجمهورية ، مما خلق مشاكل أو مظاهر أبعدت السمة الديمقراطية عن سمات السياسة الخارجية ، وحتى الداخلية للولايات المتحدة .

ففي عام 1970 قامت وكالة (C.I.A) بترتيب وتمويل عملية الإطاحة بنظام حكم الأمير (نوردام سيهانوك ) في كمبودية ، واستبداله بنظام حكم عسكري ، برئاسة ( لون بول ) ، والعمل على إضعاف الطبقة المثقفة وتخريب البلاد ونهب ثرواتها ، بعمل لا أخلاقي واضح ، أدى الى حروب أهلية مدمرة للبلاد .

وفي عام 1973 ، قامت الوكالة بالإطاحة بنظام حكم الرئيس (سلفادور اليندي) المنتخب ديمقراطيا ، وتسليم الحكم لديكتاتور عسكري مستبد فاسد ، هو (بينو شية) .. الذي عطل الحياة و سفك الدماء في تشيلي .

وفي عام 1974 تبين للمراقبين ، تواطؤ أجهزة الوكالة في العملية الداخلية في الولايات المتحدة التي سميت ( فضيحة ووتر غيت ) في التجسس على الحزب الديمقراطي ، وتعطيل سير التحقيق فيها ..
لذا تشكلت في عام 1976 لجنة بالكونجرس مهمتها مراقبة عمل الوكالة ، والتي اتضح بأنها منذ عهد أيزنهاور كانت في تلك القوة من الفجاجة ، ثم تراجعت شيئا فشيئا في عهود الرؤساء الذين تلوه ، حتى تعاود بالظهور من جديد في عهد الرئيس ريجان ..

ففي عام 1985 قامت الوكالة بمحاولة اغتيال الشيخ ( محمد فضل الله ) في بيروت ، ظنا منها بأنه هو من كان على رأس ( حزب الله ) التنظيم الذي أتهم باختطاف العديد من الرهائن الأمريكان والأوروبيين ، وقد أدت المحاولة الى مقتل 80 شخصا و جرح 200 ، رغم نجاة الشيخ فضل الله .

في عامي 1985 و1986 ، تعاونت الوكالة مع الكيان الصهيوني وبعض تجار السلاح بإمداد إيران بالسلاح وإمداد قوات (الكونترا ) بالمال .. تلك الفضيحة التي سميت ب ( إيران ـ كونترا ) .

كما أن الوكالة قامت بدعم عناصر يمينية في أمريكا الجنوبية لفترات طويلة ، من بينها ما حدث في بنما وجرينادا ، وتشجيع تجارة المخدرات لخلخلة أوضاع القارة لتبقى طيعة في يد الإدارة الأمريكية . تلك الحالة التي بدأت أقطار أمريكا اللاتينية تستفيق منها مؤخرا ..

وفي منطقتنا العربية ، عززت الوكالة من صلاتها ببعض العناصر التي تأذت من حكوماتها الوطنية ، حيث فقدت أمجادها الإقطاعية و الأرستقراطية ، مع بعض الفئات التي لم يرق لها شكل الحكومات المحلية في المنطقة العربية ، فأسست أجهزة إعلامية تفننت في تعبئة الشارع العربي في النظر لتلك الحكومات الوطنية على أنها حكومات كريهة ، من أجل قلب أنظمة الحكم فيها ، كما حدث في العراق بالتعاون مع (الجلبي ) الذي غادر العراق منذ 1958 مع عناصر فارسية ، وأخرى ساءها شكل الحكم بالعراق .

يقول المؤرخ الأمريكي ( آرثر شليسنجر) : إن القيام بالعمليات السرية ، هو تصرف تلجأ اليه القوى التي تحس بالضعف وتشعر بالعجز عن مواجهة الواقع .


يتبع







قديم 04-03-08, 08:40 PM   رقم المشاركة : 4
غيور على ديرتي
مشرف سابق
الملف الشخصي







 
الحالة
غيور على ديرتي غير متواجد حالياً

 


 

وسائل الإعلام
يزعم منظرو الحريات العامة وحقوق الإنسان في العالم الليبرالي ، بأن من مهام الصحافة و أجهزة الإعلام ، هي مراقبة وتقييم أعمال الحكومة . و تكثر نصوص التشريعات من مقدمات تركز على تلك المسألة .
ويعتبر الكثير من السياسيين أن الصحافة والإعلام ، تشكل السلطة الرابعة في المجتمعات (الديمقراطية ) ، بعد السلطات التشريعية و التنفيذية و القضائية .

و بما أن معظم الأخبار الهامة في الولايات المتحدة الأمريكية ، تصدر عن الدولة ، فإن مؤسسات وأجهزة ونشاطات الدولة أصبحت أهم مصادر المعلومات التي تمد وسائل الإعلام بالأخبار . وفي غياب الرقابة الخارجية والاعتماد بشكل رئيسي على الدولة ، أصبحت وسائل الإعلام عرضة لارتكاب الأخطاء والتستر عليها ، وقيام بعض الجهات الحكومية وغير الحكومية باستخدامها كوسيلة ليس فقط للكشف عن الأسرار وتعرية الحقيقة ، بل و أحيانا لإخفاء الحقيقة وتزويرها.
لقد اتفقت النخب الحاكمة في الولايات المتحدة ، على استغفال الجمهور الأمريكي و تضليله في توريد المعلومات الخارجية ، وجعلت من نفسها المورد الرئيسي للمعرفة له والاطلاع على أعمال الحكومة وفق ما تراه تلك النخب .

كما اكتشفت تلك النخب الأهمية القصوى للإعلام ، وبالقدر الذي تكون علاقة أجهزة الإعلام مع أفراد تلك النخب جيدة ، بالقدر الذي سيكتب له النجاح في الوصول الى أعلى المراتب ..

فعلى سبيل المثال استطاع ( جاك كمب ) لاعب كرة القدم من تحويل شخصيته الرياضية الى شخصية سياسية أوصلته الى الكونجرس وشجعته لخوض انتخابات الرئاسة عام 1988 .. كما استطاع (رونالد ريغان ) من استغلال شهرته كممثل و تحويلها لشهرة سياسية أوصلته لمنصب الرئيس لدورتين متتاليتين .

وهذا مما جعل السياسيين الأمريكان يطلقون على تلك الديمقراطية ب (الديمقراطية الإعلامية ) .. وغدا الأشخاص الراغبون في الوصول الى مقاعد البرلمان (الكونجرس) .. أكثر ارتباطا بأجهزة الإعلام من ارتباطهم بأحزابهم . وصار لهذا النشاط شركات عملاقة متخصصة في السيطرة على الرأي العام ، من خلال ابتكار طرق كمقياس الرأي العام وتوجيهه بطرق مؤثرة ، تجعله يقبل على انتخاب مرشح دون غيره .. ويؤيد موقفا سياسيا دون غيره .. وتعاود تلك المؤسسات العملاقة للتأثير على باقي الجمهور من خلال تحليل يتسم بالإيحاء للجمهور بإتباع رأي والاصطفاف معه دون غيره .

كما لم تنس وسائل الإعلام التي ارتبطت مع النخب الحاكمة ( ماليا وعقائديا) بالتأثير على شعوب الأرض وتوجيهها ضمن سيطرة شبه مطلقة على أجهزة الإعلام القارية والقطرية .. وتصدير أنماط من القناعات و أساليب الحياة التي تبشر بما تريده تلك النخب .. مع تشددها المطلق في إخفاء الحقائق عما يحدث فعلا ..

فالتكتم على خسائر الحروب التي تخوضها أمريكا .. وتجاهلها لما يصنعه حلفاؤها في العالم من انتهاك فاضح لحقوق الإنسان ( الكيان الصهيوني مثلا) وتجاهلها لردات الفعل عند شعوب الأرض ، والتعتيم عليها ، لتقديم نفسها كمخلص ، لا كمجرم دولي عملاق ، وتصفيتها لكل الأصوات الإعلامية التي تحاول فضح أكاذيبها ..

كل ذلك جعل من الإعلام ذراعا إمبرياليا صهيونيا (بالتحالف والتمويل) .. بذل من أجله الكثير من الأموال .. فالدعم المالي الهائل لقنوات تلفزيونية بعينها ، وجعلها تستفيد من مصدر تمويل وهو (الدعايات والإعلانات التلفزيونية ) التي تحيلها عليها شركات متخصصة ومرتبطة بقادة رأس المال .. وبالمقابل حرمان القنوات التلفزيونية والإعلامية التي تناوئ هذا الخط ، من هذا المصدر الضخم ، يجعل إمكانيات التلفزيونات ووسائل الإعلام الوطنية غير قادرة على المنافسة لضعف إمكانياتها وتواضع كوادرها و برامجها ..

وسائل الإعلام و المؤسسة الحاكمة
أثناء التورط الأمريكي في الحرب الفيتنامية في الستينات وكذلك بعد قيام الحكومة الأمريكية بغزو جزيرة في عام 1983 ، قامت وسائل الإعلام بتوجيه نقد لاذع للحكومة و اتهامها بالكذب تجاه أحداث الحرب الأولى و تضليل الصحافة أثناء الإعداد لعملية الغزو الثانية ..

لذا قام أنصار الحكومة والمسئولون فيها بإلقاء ظلال من الشك حول حيادية وسائل الإعلام واتهامها بتبني مواقف ليبرالية من شأنها الإضرار بمصالح أمريكا القومية .. في حين ذهب اليمين المتطرف أبعد من ذلك عندما طالب بإعادة تنظيم الصحافة وتحديد حريتها و ربطها بالحكومة .. وقد زاد الضغط من حينها على وسائل الإعلام إلا أن ذلك لم يمنع من أن تبقى تتمتع بقدر كبير من الحرية مستغلة حالة التوازن الحزبي و تبعيتها لمراكز نفوذ أخرى ..

على سبيل المثال ، قامت جريدة (واشنطن بوست ) في أواخر عام 1985 وخلافا لرغبات الحكومة بنشر تفاصيل قرار الرئيس ريغان بتكليف وكالة الاستخبارات المركزية بالإطاحة بنظام حكم الرئيس (معمر القذافي ) ، بعد أشهر قليلة قامت الجريدة نفسها بالامتناع عن نشر خطة الاعتداء على الأراضي الليبية رغم معرفتها المسبقة بتلك الخطة . في أوائل عام 1988 رفضت ثلاث محطات تلفزيون رئيسية في الولايات المتحدة إذاعة خطاب الرئيس ريغان الذي وجهه للشعب الأمريكي بخصوص دعم ( قوات الكونترا ) وذلك بحجة عدم أهميته ، وان كان السبب الحقيقي هو تناقض سياسة دعم الكونترا مع موقف النخبة المسيطرة على الإعلام .

وعلى العموم ينبع الخلاف بين الحكومة والصحافة ، والذي قاد الى توتر العلاقة بين الطرفين في الكثير من الحالات الى ما يلي :
1 ـ تباين وجهات النظر حتى داخل أجهزة الحكومة نفسها حول تعريف ما هو (سري) وتحديد القضايا التي ينطبق عليها مفهوم (الأمن القومي) وهي القضايا التي يفترض إبعاد الصحافة عن الخوض فيها .
2 ـ قيام تنافس دائم و أحيانا صراع حاد بين السلطة التنفيذية والتشريعية من ناحية ، وبين الحزب الذي يسيطر على الحكم والحزب الذي يجلس خارجه من ناحية ثانية ، واتجاه كل فريق الى العمل على استغلال وسائل الإعلام لإضعاف مصداقية الفريق الآخر .
3 ـ قيام وسائل الإعلام أحيانا بصناعة الخبر وليس نقله فقط ، واتجاه القائمين على تلك الوسائل الى العمل على ترسيخ نفوذهم وتعزيز مصداقيتهم على حساب الآخرين من المسؤولين الحكوميين ، وذلك من خلال الظهور بمظهر الفريق المحايد الذي يهتم بالحدث بغض النظر عن دوافعه العقائدية و أبعاده السياسية .
4 ـ تعتبر وسائل الإعلام الإثارة في نقل الأخبار أسلوب تجاري ، هدفه الربح فأي جهة تدفع لها تصنع لها الأخبار !
5 ـ يصنع التنافس بين أجهزة الإعلام في السرعة بنقل الخبر و تهويله ، بغض النظر عن مضاعفاته ، أسلوبا وديدنا غطى اللعبة الإعلامية الأمريكية بها .

تشير الاستطلاعات أن التلفزيون هو أكثر جهة إعلامية مؤثرة في أمريكا ، حيث تصل نسبة من يصدقون ما ينقل لهم الخبر 75% . كما تشير الاستطلاعات عدم اهتمام المشاهد الأمريكي بالأخبار الخارجية .. لذا فإن الحكومة تسعى باستمرار لاحتلال هذا الصعيد من الأخبار و تدفع له محليا ودوليا من الأموال لتقدم نفسها بأجمل صورة و تخدم قضايا الصهيونية بنشاطها كهدف ثانوي .

احتكار الخبر وملكية الوسائل الإعلامية :
رغم ما يشاع عن استقلالية أجهزة الإعلام الأمريكية ، وذلك من خلال إحراج الأجهزة الحكومية بعض الأحيان ، إلا أن الجمهور الأمريكي و المراقبين يعتبرون إدعاء الأمريكان باستقلال إعلامهم ، عبارة عن فرية كبرى ، وما مظاهر الإحراج التي تبدو في قضايا مثل ووتر جيت و مونيكا و غيرها ، إلا صراعا بين رأسي الحكم ( الديمقراطيين و الجمهوريين ) .. أما عندما يتعلق الأمر بما يتفق عليه الحزبان من ثوابت ، فإن تلك الأجهزة الإعلامية تتحول الى جوقات تطبل و تمهد لسياسات الحكومة ، وما رأيناه في مسألة حاضنات الأطفال الخدج في أزمة الكويت وما قيل عن تلوث البيئة في الخليج إلا دليل قوي على ذلك ، كما أن تلك الأجهزة ومن يقف وراءها ، قامت بتوزيع أموال قيمتها ما بين مليون و15 مليون دولار(لكل محطة حسب أهميتها) على محطات التلفزيون العربية مقابل أن تكرر بث لقطة إسقاط تمثال الرئيس صدام حسين في ساحة الفردوس ..

إن هناك في الولايات المتحدة 1700 جريدة يومية وحوالي 8000 جريدة أسبوعية ، وحوالي 11000 مجلة الى جانب ما يقارب 9850 محطة راديو وحوالي 1600 محطة تلفزيونية .. وقد قدر عدد النسخ المباعة من المجلات في عام 1985 هو 225 مليون نسخة بينما بيع حوالي 50مليون نسخة من الصحف الأسبوعية *1

وبينما تقوم بعض الأجهزة الإعلامية من صحف ومجلات و محطات تلفزيونية بالاهتمام بقضايا السياسية الخارجية وإبراز الأحداث والتطورات الدولية ، تقوم المحطات الإذاعية والتلفزيونية المحلية والمجلات الصغيرة والصحف الأسبوعية بالتركيز على الأخبار المحلية غير السياسية .. وحسب تعريف اثنين من علماء السياسة الأمريكية هما (مايكل غروسمان و مارثا كومار ) حددت الصحافة القومية بشكل أساسي في ثلاث جرائد يومية هي ( نيويورك تايمز و واشنطن بوست و وول ستريت جورنال ) والمجلات الأسبوعية بثلاث ( تايم ، نيوزويك ، يو أس نيوز آند وورلد ريبورت ) .. والشركات التلفزيونية القومية بثلاث ( سي بي أس ، أن بي سي ، إيه بي سي ) ..

وفي السنوات الأخيرة التحقت صحف ( لوس أنجلوس تايمز و شيكاغو تربيون وبوسطن غلوب وبلتمور صن ) وهذه أضيفت للتي تهتم بالسياسة العالمية ، إضافة الى وكالتي أنباء ( أسوشييتد برس ويونايتد برس انترناشيونال ) .
ولما كان الهدف الربحي هو الدافع الأساسي من النشاط الإعلامي ، فقد ازدهرت صناعة الإعلان حيث بلغت الأموال التي دفعت كأجور للإعلان حوالي 100مليار دولار ، دفعت شركة الصابون (بركتر آند جامبل ) 1.4 مليار ، وشركة السيارات ( جنرال موتورز) 1.2 مليار دولار ..وبث الدقيقة الواحدة من الحدث الرياضي المهم (سوبر بول) مليون دولار/دقيقة ..

ثم أن احتكار الإعلام يأخذ شكلا تجميعيا ( كارتل و ترست ) فهناك عشر شركات توزع صحف ومجلات وأخبار 22 مليون نسخة يوميا ، أي ما يعادل ثلث النشاط الإعلامي الأمريكي .. كما أن هناك 6 شركات تسيطر على نشر 55% من الكتب داخل الولايات المتحدة ..

إن من يراقب هذا الوضع ، يستطيع تصور هذا الترابط بين الإعلام وصانعي السياسة و أصحاب الأموال ، فالشركات الكبرى تدعم مرشحين للكونجرس لرسم السياسة التي تخدم مصالح تلك الشركات و الإعلام تملكه تلك الشركات ويبشر بالمناهج الإعلامية التي تقود لنفس المصلحة .. هذا هو النظام الإعلامي في العقلية الليبرالية الإمبريالية .. !


يتبع







قديم 04-03-08, 08:42 PM   رقم المشاركة : 5
غيور على ديرتي
مشرف سابق
الملف الشخصي







 
الحالة
غيور على ديرتي غير متواجد حالياً

 


 

وسائل الإعلام والسياسة الخارجية : تكاد الطبيعة الخاصة بسكان أمريكا المهاجرين أصلا من مناطق مختلفة ، تؤثر على اهتمامهم بالعالم الخارجي ، فما أن يصل المهاجر الى تلك الأرض ، حتى يقطع صلاته بما يشبه الطلاق مع غير أمريكا ! إن هذا الوضع بقي مسيطرا على عقلية الأمريكيين ، لغاية منتصف القرن الماضي ، و إن تدخلت أمريكا بالكثير من بقاع العالم باعتداءاتها ، إلا أن صفة القطيعة مع العالم الخارجي ظلت ملتصقة بالإعلام .. فالوقت المخصص للأخبار الخارجية ، لا يزيد عن دقائق قليلة باليوم .. وتعرف أجهزة الإعلام عدم اهتمام المواطن الأمريكي بالأخبار الخارجية ، في حين تعلم جيدا مدى اهتمامه بالأخبار المحلية .. إن هذا الوضع لا يقتصر على المواطن الأمريكي العادي ، بل يتعداه حتى لكبار الشخصيات ، فقد ذكر مؤلف كتاب ( حفنة أغبياء بيض يتحكمون بالعالم ) ، عن الرئيس الحالي بوش ، بأنه في معرض الإجابة على أسئلة ، أثناء ترشيحه في الدورة الأولى لرئاسته ، فعندما سألوه عن (طالبان ) ، أجاب ببلاهة أليست فرقة موسيقية في غرب أمريكا ( سان فرانسيسكو ) .. وفي معرض حديثه عن يوغسلافيا و مشاكلها ، قال أن الرئيس ( تيتو) صديقه و سينسق معه حول كثير من الأمور .. مراكز الأبحاث والمؤسسات المالية : من الملامح التي تختلف الحياة السياسية في الولايات المتحدة الأمريكية عن غيرها في بلدان العالم، تلك التي تعني بتشكيل جماعات ومؤسسات خاصة تتابع القضايا السياسية للبلاد وتقيم برامج الحكومة المتنوعة وتقترح برامج سياسية مستخدمة أساليب مشروعة في ذلك ومن هذه المؤسسات: مجموعات الضغط السياسي، التجمعات السياسية والاجتماعية والاقتصادية، الجامعات ومعاهد التعليم، مراكز البحوث، المؤسسات الخيرية المعنية أساسا بتقديم المعونات المالية للباحثين ومراكز الدراسات .. سأحاول عمل مقاربة بسيطة للقارئ حتى يكون صورة عن المؤسسات هذه ودورها وكيفية تسللها لمنطقتنا وتحت عناوين مختلفة .. تضع بعض الدول الكبرى جزءا من ميزانيتها للمساعدات الإنسانية، فمثلا تضع ألمانيا 0.33% من ميزانيتها .. وتستفيد من هذا الرقم آلاف المؤسسات المدنية في دول العالم الثالث، وتشترط ألمانيا تقديم تلك المساعدات كبرامج لتطوير الوعي الصحي، أو الوعي القانوني وحقوق الإنسان .. فتعطي مثلا ما قيمته 750دولار لمحاضرة قانونية .. في حين تستضيف مؤسسة اجتماعية ما (جمعية خيرية، نقابة، اتحاد المرأة) أحد المحامين الذي يحس بغبطة أنه أستضاف لدور ما! دون ذكر ما سيستحقه من مخصصات، كذلك يدعى طبيب لإعطاء محاضرة عن الكوليرا، وتقدم تلك الفعاليات لتستلم تلك المنظمات نقودا بدلا منها، في حين أن فعالياتها تمت مجانا .. ولن تستطيع أي لجنة رقابة مالية أن تعرف كيفية تسريب تلك الأموال للبلاد.. وستبقى القيادات المحلية (المدنية) والتي تتربع على وعاء للرأي العام متكالبة للبقاء في مكانها ومهادنة للدول المانحة ونمطية رؤاها، وقد تعلم الدول المانحة لتلك المنظمات ذلك التسيب، لكنها تستفيد في إيجاد منظمات مدنية غير حقيقية، شغلت مكانا يفترض أن يكون حقيقي .. وهنا يتم تعطيل الدور الجماهيري من خلال إفساده .. بمخصصات تبدو للناس أنها بريئة وتنم عن كرم في حين هي غير ذلك .. يتقبل المجتمع الأمريكي دور تلك المؤسسات ويشجعها ويمدها بالمال ويستجيب لطلباتها في كثير من الأحيان .. وقد كان لتعاظم شأن الإعلام وبالذات التلفزيون بعد الحرب العالمية الثانية، بروز دور تلك المؤسسات التي توزع خطابها على محطات التلفزيون أو أن تملك هي بعض تلك المحطات .. لقد أدى تعاظم دور تلك المؤسسات الى تراجع الولاء الحزبي والركون الى ما تبثه تلك المؤسسات. مراكز البحوث : تقوم مراكز البحوث والدراسات في العادة بالمشاركة في صنع السياسة العامة للدولة من خلال إرساء الأسس الفكرية والفلسفية والاقتصادية والاجتماعية للبرامج والسياسات الرئيسية .. وتعني تلك البرامج بتقييم الخطط القديمة من سياسات تعليمية واقتصادية وصحية وغيرها، وتبقى تلك المراكز تحذر مما تتخوف منه، وحتى يحدث هذا الشيء في تحريك السياسة الخارجية، ونذكر الأكاذيب التي بثت عام 1990 عن تلوث البيئة التي زعمت تلك المراكز أن العراق هو من سببه .. في حين كانت الصور من مناطق لا علاقة لها بالخليج. كما نرى اليوم كم دراسة تخرج عن دارفور لتحريض المجتمع الدولي على التدخل في السودان .. في حين تنخرس تلك المراكز عن ذكر ما يحدث في العراق بسبب الاحتلال الأمريكي نفسه .. أو تتعفف تلك المراكز عن الخوض مما يتعرض إليه الشعب الفلسطيني من اضطهاد على أيدي الصهاينة.. في عام 1988 وصل عدد تلك المراكز في الولايات المتحدة الى ألف مركز، نصفها تقريبا ارتبط بجامعات والنصف الآخر يعمل كمؤسسات مستقلة. ويوجد منها في واشنطن حوالي 20% .. وهناك ثلاثة مستويات لتلك المراكز: الأول: ذو تمويل حوالي 2 مليون دولار( البسيط) .. وعدد المشتغلين فيه لا يزيد عن عشرة أشخاص. والمستوى الثاني (المتوسط) بميزانية تتراوح بين 10ـ15 مليون دولار سنويا .. وعدد العاملين يصل الى مئة .. وهناك المستوى الثالث: حيث يبلغ التمويل قرابة 100 مليون دولار مثل مؤسسة (راند كوربوريتشن) وبها من العاملين حوالي 500 مستخدم. قد يستغرب البعض، ولماذا هذا العمل وما وراءه من أرباح .. هناك بعض المراكز التي يعتبر كلامها ثقة فعندما تكلف بدراسة ما، وتنشر نتائجها فإنها تتقاضى أموالا على دراستها أو نصائحها أو الأثر التي تحدثه الدراسة في خلخلة بعض نظم الدول في العالم .. كما أن تلك المراكز تسهم في تزويد الحكومة المركزية بموظفين ممتازين أو الإدارات الفدرالية (في الولايات) .. فعلى سبيل المثال جاء (جيمس شليسنجر) والذي شغل مناصب وزير الطاقة ووزير الدفاع ومدير الاستخبارات المركزية من (مؤسسة راند كوربوريتشن) .. أما كيسنجر فقد جاء من جامعة (هارفارد) وعاد بعد انتهاء إدارة الرئيس فورد الى (مركز الدراسات الإستراتيجية والدولية) .. أما (جين كيركباتريك) ممثلة الولايات المتحدة في الأمم المتحدة بعهد ريغان فقد جاءت من مركز (أمريكان انتربرايز انستيتيوت) .. وقد وجد أن حوالي نصف أعضاء الحكومات الأمريكية يتم التزود بهم من خلال تلك المراكز .. عادة تتطابق رؤى الصحف القومية الكبرى في كثير من الأمور الخارجية ، امتعاض من سياسة الحرب في فيتنام وعدم تأييدها ، تأييد غزو (غرينادا ) تأييد تشكيل التحالف في حرب الكويت ، تأييد ضرب أفغانستان ، فبركة الكثير من الصور التي تخدم تلك الأهداف .. وكانت تلك الصحف تتقاطع مع السياسة المعلنة في بعض المسائل ، أو هكذا يتهيأ لمن يراقب ذلك ، فتأييد جمع التبرعات لضحايا المجاعة في القرن الأفريقي وتصوير مآسي الفلسطينيين و ضحاياهم أثناء الانتفاضة والسياسة الصهيونية المتعسفة إزاء الفلسطينيين .. فبالإضافة لترسيخ صورة الديمقراطية في أمريكا ، فأن المصالح العليا الأمريكية والتي يشكل الإعلام أحد أبواقها وأذرعها في آن واحد ، هي التي تملي مثل تلك التكتيكات اللازمة .. فلتحريك موضوع الاتصالات والحلول الاستسلامية والتي بدت ملائمة بعد خفوت تأثير الكتلة الاشتراكية واقتراب نجم الاتحاد السوفييتي من الأفول ، كان لا بد من تصوير مأساة الانتفاضة ( كلمة حق يراد بها باطل ) .. لكي تمهد فيما بعد لمؤتمر مدريد وما آلت إليه من نتائج .. المفارقة بالموضوع الإعلامي ، تبرز عندما تلتزم الصحف القومية الكبرى وحتى الصغرى المحلية بالإضافة لمحطات التلفزيون والإذاعة بحيادية عقائدية تجاه القضايا الداخلية التي تناقشها باستفاضة . في حين نجدها في القضايا الخارجية ، تنحاز الى الصيغة التي تؤيد مصالح أمريكا العليا ، والتي تقودها الشركات الكبرى و تحالفاتها ( الترستات والكارتيلات ) .. والتي تلتقي مصالحها مع مصالح الصهيونية بشكل كبير ، حتى يخيل للمواطن العربي بأن الصهيونية هي من تقود أمريكا .. خلاصة القول أن الإعلام يساعد في تنفيذ برامج الدولة خارجيا وداخليا ، وأحيانا يمهد لصناعة قرارات ، من خلال نشره لسلسلة من الاستطلاعات التي توحي باقتراب الناس من المسألة الفلانية و تبنيها ، حتى يتم تهيئة المواطن لتقبل ما سيحدث مستقبلا ، ومن ناحية أخرى يتيح المجال لأجهزة المخابرات أن ترصد ما يقال حول الاستطلاعات نفسها .. إنها جوقة تعمل بالتناغم مع بعض . قوى الضغط الخاصة : لقد تزايدت وتيرة العلاقات الأمريكية بالخارج، في نهاية الحرب العالمية الأولى، وأخذ أصحاب المصالح تنظيم أنفسهم للتأثير على صانع القرار الأمريكي، كما أن ارتباط أصحاب تلك المصالح بدولهم التي هاجروا منها بالأساس قد دفعهم الى التنسيق بين ما تراه دولهم في بعض الأحيان لصالحها فيتعاطفوا مع صالح دولهم، وهذا ينطبق على الكثير من المهاجرين في بدايات القرن العشرين. وتنقسم قوى الضغط الخاصة بوجه عام الى فئتين متباينتين تختلفان من حيث الوظيفة ولكن تلتقيان من حيث الهدف، وتعملان في غالبية الأحيان بشكل متناسق ومتكامل. إذ بينما تقوم المنظمات والجمعيات التابعة للفئة الأولى بالعمل الدءوب على إقناع صانع القرار بصوابية آرائها وحمله على تبني وجهة نظرها، تقوم المنظمات التابعة للفئة الثانية بالعمل على شراء ولاء رجال الكونجرس وغيرهم من المسئولين الحكوميين. وتسمى المنظمات التابعة للفئة الأولى (مجموعات الضغط الخاصة ) (اللوبي Lobby ) ، بينما تسمى المنظمات التابعة للفئة الثانية ( لجان العمل السياسي) ( Political Action Committees PACS) . ويتطلب عمل الأولى تنظيما محكما، وتوظيف مختصين على درجة عالية من الكفاءة لجمع البيانات وكتابة التقرير والاتصال بالمسئولين وتنسيق تلك العلاقات. في حين تقوم الفئة الثانية بمهام جمع الأموال والتفاوض مع المرشحين قبل الانتخابات والعمل على إيصالهم للبرلمان . مجموعة الضغط الخاصة ) The Lobbies ) إن اهتمام الأمريكيين ببترول الشرق الأوسط في أوائل القرن العشرين، هو ما كان وراء البدايات الحقيقية لتشكيل اللوبيات التي اهتمت بالقضايا السياسية والتجارية الخارجية. وقد كان لقيام الحكومة البريطانية بمحاولة منع وحرمان شركات النفط الأمريكية من المشاركة في امتيازات الشرق الأوسط الأثر الأكبر في طلب تلك الشركات للمعونة من الحكومة الأمريكية وتسخير سياستها الخارجية لخدمة مصالح الشركات .. وجمعت قواها واهتمت بوصول مرشحيها لمقاعد الكونجرس و تسنم أعلى المناصب في الحكومة الأمريكية فيما بعد. لقد نجحت شركات النفط الأمريكية في إقناع الحكومة الأمريكية بالأهمية الإستراتيجية للنفط حتى غدا النفط يحتل أهم محاور تحديد شكل السياسة الخارجية الأمريكية، وأصبحت تحركات الأساطيل الأمريكية تتناغم مع مطامع الشركات التي أصبحت غير بعيدة عن مراكز الحكم العليا .. لقد قامت وزارة الخارجية عام 1944 برسم إطار عام لسياستها النفطية تجاه الخارج، بإحلال نفط الشرق الأوسط محل نفط الولايات المتحدة في أسواق أوروبا وإفريقيا و آسيا، والتفاهم مع البريطانيين من أجل إحكام السيطرة على صناعة النفط بالعالم، واستطاعت بالفعل أن تخرج الدول الاشتراكية من هذا الميدان .. وفي أوائل الخمسينات استطاعت الشركات النفطية الأمريكية، بعد أن تم تقاسم عوائد النفط مناصفة بين الشركات النفطية ..







قديم 04-03-08, 08:43 PM   رقم المشاركة : 6
غيور على ديرتي
مشرف سابق
الملف الشخصي







 
الحالة
غيور على ديرتي غير متواجد حالياً

 


 

اللوبي الصهيوني American-Israel Public Affairs Committee (AIPAC)
قبل أن ندخل بالحديث عن هذا اللوبي الذي يعتبر الأهم بين جماعات الضغط التي تتدخل في مناقشة قضايانا نحن العرب وتؤثر على كيفية صناعة القرار الأمريكي، أستميح القارئ العذر، في التأشير على مثالين تأكدت منهما في الحياة العامة .. ففي مهنتنا يلجأ بعض المسوقين لإرسال مجموعات من طرفهم بشكل أفراد للمتاجر الكبرى لتبحث عن صنف دجاج مجمد مثلا (الوردة الحمراء) .. فيجيب موظف المبيعات أن لدينا عدة أصناف ويذكرها عدا الصنف الذي تم سؤاله عنه، وعندما تتكرر تلك الحالة عشرة مرات في اليوم من الأفراد الذين بعثتهم الشركة، فإن إدارة المخازن ستتصل بصاحب العلامة التجارية وتطلب منه.

المثال الثاني كنت قد اشتركت فيه بنفسي في لجان مقاومة التطبيع مع الكيان الصهيوني، عندما وضعنا هدفا لمضايقة من يبيعون المشروب الغازي (كوكاكولا) فبعد أن يقوم المشتري (من أعضاء المجموعة) باختيار مشترياته ووضعها على الطاولة لدفع قيمتها، يمثل دورا بأنه اكتشف أن المتجر يبيع الكوكاكولا فيلغي عملية الشراء .. وقد تفقدنا أثر تلك التمارين المتكررة لبعض المتاجر، فكانت النتيجة أن تمتنع بعض المتاجر عن التعامل مع هذا الصنف.. لنتذكر هذين المثلين في الحديث عن اللوبي الصهيوني..

لقد أدركت الحركة الصهيونية أهمية الولايات المتحدة منذ بداية العشرينات من القرن الماضي، واستطاعت خلال عشرين عاما أن تتسلل الى أهم المواقع المؤثرة في صناعة القرار الأمريكي.. واتضحت قوتها لأول مرة عام 1948 عندما أعلنت دولة الكيان الصهيوني.. فكان موقف الرئيس الأمريكي (ترومان) في البداية عدم الاعتراف بهذا الكيان وإعاقة عملية الاعتراف الدولي به .. إلا أن عمل (الإيباك ـ اللوبي الصهيوني) أدى دوره ليخرج (ترومان) الى مستشاريه والذين كانوا على أعتاب انتخابات (رغم معارضة البعض من هؤلاء المستشارين وعلى رأسهم وزير الخارجية والدفاع ورئيس هيئة الأركان الذين لم يريدوا الاعتراف بالكيان الصهيوني) .. خاطبهم (ترومان) بالقول: (( آسف أيها السادة. إن علي التجاوب مع رغبات مئات الآلاف من المتحمسين لنجاح الصهيونية، إنه لا يوجد بين رعيتي مئات الآلاف من العرب))، لم يشأ ترومان القول عن العرب الذين قد يكونوا موجودين في ذلك الوقت بأعداد قد تتجاوز أعداد اليهود، بأنهم فاقدو الحماس لعروبتهم ..
لقد أسس (ترومان) بتراجعه عن موقفه من الكيان الصهيوني لموقف كان ولا يزال له الأثر الأكبر على العلاقة الأمريكية ـ العربية وجسد من خلاله :

1ـ السماح لكبار المسئولين بوضع طموحاتهم السياسية (الانتخابية) أمام مصالح أمريكا القومية.
2ـ السماح للأقليات الأمريكية بتشكيل مجموعات ضغط خاصة هدفها تطويع سياسة أمريكا الخارجية لخدمة أهداف ومصالح أطراف ودول أجنبية.

وكون الصهاينة يحترفون هذا العمل منذ آلاف السنين، فقد واظبوا على تطوير جماعات الضغط الخاصة بهم والتي وصل عددها عام 1985 أكثر من 200 مجموعة تتزعمها (ايباك) التي ارتفع عدد كوادرها من 6000 عام 1980 الى 50000 عام 1985، ويعمل بها بشكل دائم 50 موظفا مهمتهم :

1ـ إعداد الدراسات التي تعكس وجهة نظر الكيان الصهيوني، وتضع ملفات أعضاء الكونجرس و تجمع عنهم المعلومات وتتصل بهم وتثقفهم عن قضاياها، وتدفع لهم الرواتب وتؤمن لهم (شطحات) ترفيهية وإغرائية وتهددهم بالسقوط.
2ـ العمل على إعاقة التعاون العسكري المؤثر مع الدول العربية..
3ـ عقد الندوات التثقيفية الجامعية لنخب الطلاب والأساتذة المدعوين لأمريكا، وشرح قضية الصهيونية كضحية لأوباش محيطين بها! فقد عقدت بين عامي 1980و 1983 حوالي 350 ندوة شارك بها 5000 كادر مستضاف من أمريكا.

وكون (ايباك) تعرف مدى الدرجة العلمية والمالية لأفراد (اليهود) في الولايات المتحدة الأمريكية، فقد استغلتهم أسوأ استغلال وقد ظهر كتاب بين اليهود يستهجنوا خضوع أمريكا لرغبات الصهيونية، والسماح لهم باستغلال يهود أمريكا بشكل مهين، ومنهم (نعوم شومسكي) الكاتب المعروف، والكاتبة اليهودية (روبرتا شتراوس فوبرلشت) التي كتبت (( لا يمكن تصور أن يحدث استغلال أقلية صهيونية لأكثرية يهودية .. وأين في بلد يدعي أنه راعي أفضل ديمقراطية بالعالم .. إنه كبت للحرية ورجم لمن يخالفها الرأي بالحجارة حتى الموت)).

لقد تطور عمل (إيباك) في عهد كيسنجر، كما أسلفنا، إذ تم زج أعدادا غير قليلة ليصلوا في النهاية الى أعلى المراتب مثل نائب رئيس الجمهورية ومساعد وزير الخارجية والدفاع وغيرها من مئات الوظائف التي أوصلت منطقتنا العربية لما هي عليه الآن .. كما أن علاقات الدول والشعوب التي تريد التقرب من أمريكا لطلب مساعدتها، أدركت فيما بعد أن زيارة مسئولي (إيباك) ورضاهم خطوة أساسية لإكمال مشوار التقرب، وقد رأينا الدول الإفريقية والأمريكية الجنوبية كيف كانت تقيم علاقات مع الكيان الصهيوني كثمن (لفيزا) الالتقاء بالمسئولين الأمريكان وطلب دعمهم !

لجان العمل السياسي Political Action Committees (PACS)
يعتبر جمع المال وتوظيفه لشراء ولاء السياسيين، الوظيفة الرئيسية للجان العمل السياسي. وتتم عملية شراء ولاء السياسيين عادة من خلال المساهمة في تمويل حملاتهم الانتخابية وتوجيه الأتباع لدعمهم ماديا والتصويت لصالحهم. وعلى الرغم من تباين أساليب العمل بين تلك اللجان وجماعات الضغط، إلا أن غاياتهما متشابهة.

وقد اكتشفت جماعات الضغط بأن قوة المنطق والإقناع وحدها لا تكفي، فكان لا بد من إنشاء تلك الأذرع لمعاونتها عن طريق شراء الذمم وتغيير مواقف السياسيين ومنهم البرلمانيين من خلال توصيلهم للكونجرس و مراقبتهم وتوجيههم باستمرار بما يخدم أهداف جماعات الضغط نفسها.

في عام 1974 كان في الولايات المتحدة حوالي 600 لجنة عمل سياسي، تمثل كل القطاعات الصناعية والتجارية والقوى السياسية وتنتشر في كل مدن الولايات المتحدة. وعندما رأى السياسيون والذين هم ليس بعيدين عن قطاعات الإنتاج (الإمبريالية)، أن عمل تلك اللجان قد أعطى ثماره، فقد ارتفع عدد تلك اللجان عام 1986 الى نحو 4500 لجنة .. أسهمت تلك اللجان في 65 مليون دولار في انتخابات عام 1986 أي ما يعادل 44% من كلفة الحملة.

وتعتمد لجان العمل السياسي أسلوبا، حيث تدعم عودة مرشحين قدامى وتبتعد عن دعم مرشحين جدد، حيث تكون قد اطلعت على نمطية أداء النواب والشيوخ القدامى وآراءهم .. حيث قدمت عام 1988 ما قيمته 115مليون لدعم المرشحين القدامى، في حين كان نصيب المرشحين الجدد، ما قيمته 17 مليون فقط.

وفي بعض الأحيان تتجاوز قيمة الدعم المالي لبعض المرشحين ما ينفقوه فعلا. وقد بلغ متوسط كلفة المرشح لمجلس الشيوخ عام 1986 ما مقداره 3 ملايين لكل مرشح، فإذا عرفنا أن مدة مجلس الشيوخ هي ست سنوات، فإن المرشح عليه جمع ما قيمته 10آلاف دولار كل أسبوع. وإذا كان العضو من المهمين ويُخشى عليه الرسوب، فإن عليه جمع أضعاف ذلك المبلغ. فقد بلغت كلفة حملة

وعلى سبيل المثال أسفرت المنافسة على مقعد في مجلس الشيوخ بين (بوب جراهام) حاكم ولاية فلوريدا السابق و (بولا هوكنز) عضوة مجلس النواب في عام 1986 عن إنفاق 13مليون دولار. وفي ولاية (نورث كارولينا) بلغت تكاليف حملة انتخابات أحد المقاعد في مجلس الشيوخ في عام 1984 بين السناتور (جيسي هلمز) ومنافسه (جيمس هنت) حاكم الولاية السابق، حوالي 32مليون دولار.

وعلينا تصور المبالغ التي صرفت عام 2006 بعد مرور عشرين عاما، فهي بالتأكيد قد زادت عشر مرات على الأقل.. وعلينا على ضوء كل ذلك أن نتأمل تلك الديمقراطية الشفافة التي يبشرون بها في منطقتنا، ومدى حرية أداء عضو الكونجرس ونزاهة مواقفه!







قديم 04-03-08, 08:44 PM   رقم المشاركة : 7
غيور على ديرتي
مشرف سابق
الملف الشخصي







 
الحالة
غيور على ديرتي غير متواجد حالياً

 


 

بنوك التفكير الرئيسية :*1
تعتبر بعض المراكز من أهم بنوك التفكير في أمريكا، إذ تزود الدولة بدراسات ومعلومات تهتم بالسياسة الخارجية وقضايا أخرى يحتاجها صانع القرار السياسي في أمريكا، ومن تلك البنوك: (بروكينجر أنستتيوشن) و (أمريكان انتربرايز انتستيتيوت) و (سنتر فور ستراتيجيك آند انترناشيونال ستاديز) و (مؤسسة راند كوربوريشن) ..

وتأسس معهد (بروكينجر أنستتيوشن Brookings Institution) عام 1927 متخصصا في إجراء الدراسات الأكاديمية، وينشر المعهد دراساته في نشرات دورية، وبعد عام 1932 أصبح هذا المعهد يدعم الدولة بدراسات اقتصادية.. ويتبع هذا المركز عمليا للحزب الديمقراطي، وقد زود المعهد إدارة الرئيس (كارتر) بالعديد من الموظفين الهامين بين عامي 1977و 1980، ومنهم (تشارلز شولتز) رئيس هيئة مستشاري الرئيس الاقتصاديين .. وبلغت ميزانية المعهد السنوية حوالي 15 مليون دولار .. ويعمل به أكثر من 100مختص نصفهم يعمل بالشؤون السياسية والاقتصادية وهم موظفون سابقون بالحكومة( وهو تقليد لا يزال حتى اليوم .. يخرج الموظف الكبير من الحكومة فيعمل بتلك المراكز ثم يعود ) .. ويشرف المركز على برامج أكثر من 100 محطة إذاعية ..

أما معهد (أمريكان انتربرايز انتستيتيوت American Enterprise Institute) فقد تأسس في عام 1943، كمؤسسة أبحاث خاصة استهدفت الدفاع عن النظام الرأسمالي وعن مسلكية الشركات الكبيرة ومصالحها.. وقد اتسعت نشاطاته حتى شملت قضايا الميزانية والشؤون الدولية ودور الدين والفلسفة في السياسة العامة للدولة.. وكان بالمعهد عام 1985 176 موظف بميزانية 13مليون دولار ... والمعهد تابع للحزب الجمهوري وقد زود المعهد إدارة ريغان ب 32 من كبار الموظفين .. والجدير بالذكر أن الرئيس (جيرالد فورد) كان من كوادر المعهد.. ويصدر المعهد أربعة مجلات دورية، و130 كتاب ودراسة سنوية .. ويكتب المعهد 3 مقالات كل أسبوعين تنشر في 101 جريدة يومية ..

أما (سنتر فور ستراتيجيك آند انترناشيونال ستاديزCenter for Strategic and International Studies) أي مركز الدراسات الإستراتيجية والدولية) فقد أسس في عام 1962 كمؤسسة خاصة تابعة لجامعة جورجتاون .. بهدف تشجيع صانعي القرار السياسي والجمهور في التفكير بشكل إستراتيجي فيما يتعلق بالقضايا الدولية .. وبلغ عدد العاملين في المركز عام 1988، 140 شخصا، بميزانية 8.5 مليون دولار ويصدر مجلة فصلية و8 كتيبات سياسية سنوية..

ومؤسسة (راند كوربوريشن Rand Corporation) تعتبر أكبر مؤسسات البحث الخاصة في أمريكا، التي ينحصر اهتمامها في قضايا الأمن والدفاع .. وتعتبر العقل المدبر لوزارة الدفاع الأمريكية، وتقوم هذه المؤسسة بتنسيق طلبات وزارة الدفاع وتحويلها لمصانع ومختبرات أبحاث تستفيد كلها من خلال علاقاتها ذات الطابع الرأسمالي، لتنسق مبيعات الأسلحة للحكومة وقبض أثمانها بما يؤمن الربحية للمصانع .. وتعد الدراسات للحروب لاستعمال الأسلحة وهكذا.
وتبلغ ميزانيتها 75 مليون دولار ويعمل بها 500 شخص .. وتزود تلك المؤسسة وزارة الدفاع بالكوادر .. ومنهم (رامسفيلد) وزير الدفاع المستقيل حديثا ..

ويتم تمويل تلك المؤسسات من خلال نظام يتحايل على قوانين الضريبة، حيث تكون ميزانياتها من التبرعات الخيرية التي تعفى من الضرائب أو تستقطع منها.

المراجع
ـــ
صنع السياسية الأمريكية.. والعرب/ د محمد عبد العزيز ربيع/ دار الكرمل ص 118ـ 122


المؤسسات المالية الخاصة :
بعد أن مررنا على (بنوك التفكير) وكيفية اعتمادها على المؤسسات الخيرية Non Profit Foundations في الحصول على الأموال اللازمة لإمدادها في عملها .. وكيف أن النخب الرأسمالية في الولايات المتحدة وبالذات تلك التي في الحكم قد عملت حماية قانونية لتلك المؤسسات، إذ تم إعفائها من اقتطاع الضرائب من تلك الأموال الموظفة في تلك المؤسسات، وذلك لتشجيعها على استثمار أموالها في دعم تلك المؤسسات التي تعزز في النهاية ديمومة الفكر والمثل الرأسمالية، وتجعل تأثيرها، ليس على صعيد المجتمع الأمريكي فحسب، بل على الصعيد العالمي. وهذا سيقودنا لإلقاء الضوء على شكل جديد من تلك المؤسسات التي ترتبط بما سبق و تؤدي دورا متناغما معها، إنها المؤسسات المالية الخاصة..

لقد أدرك أثرياء الولايات المتحدة الأمريكية منذ زمن بعيد، أن امتلاك الثروة وحده لا يكفي، بل إن حماية تلك الثروة واستثمارها وتنميتها، وما يتعلق بهاتين الرغبتين من رغبة أهم وهي الوصول للحكم لترجمة تلك الرغبات بإجراءات حكومية، تستخدم كل إمكانيات الولايات المتحدة وعلاقاتها الدولية في تحقيق تلك الأهداف.. وهذا يجعل من إنشاء مؤسسات مالية خاصة، غلافها الخارجي يعني بالأعمال الخيرية و تشجيع العلوم والحفاظ على القيم والأخلاق الرأسمالية الليبرالية، وحقيقتها توسعية إمبريالية ملتصقة بروح الدولة ومتماهية معها، وتستمد القوة من الدولة وتمد الدولة بالنصائح والرجال والدراسات..

يوجد في الولايات المتحدة الأمريكية ما يزيد عن 35 ألف مؤسسة مالية خيرية خاصة، تقوم أساسا بدعم بنوك التفكير والجامعات والبحوث الطبية، والفنون والعلوم التطبيقية وغيرها..

وبعض تلك المؤسسات تعني بالوضع السياسي العالمي، وهي مؤسسات كبرى، كمؤسسة فورد Ford Foundation ومؤسسة كارنجي Carngie Foundation ومؤسسة روكفلر Rockfellor Foundation وهذه المؤسسات تقوم بتبني دراسات استراتيجية في السياسة والقانون الدولي وتدريب القيادات، وتؤثر في الرأي العام الأمريكي والعالمي وتؤثر في شكل سياسات الدولية الأمريكية..

فمؤسسة (كارنجي) التي تأسست عام 1910 استطاعت خلال ثلاثين عاما من 1910الى 1940 أن تصبح أكثر مؤسسة تأثيرا في السياسة الأمريكية لأربعين سنة قادمة من 1940 الى 1980، فقد استطاع مجموعة من رجالها وأمنائها العامين أن يصلوا الى أعلى المراكز الوظيفية في الدولة الأمريكية. فقد وصل (دوايت أيزنهاور) عام 1952 ليصبح رئيسا للولايات المتحدة، كما وصل (جان فوستر دالاس) ليكون وزيرا للخارجية، ووصل (روبرت ماكنمارا) ليصبح وزيرا للدفاع في عهد الرئيس (كندي) .. كما أصبح هو رئيس البنك الدولي. وتتبنى مؤسسة (كارنجي) ـ نفس الوقت ـ دعم وتأسيس مؤسسات أقل أهمية ..

وفي الولايات المتحدة الأمريكية 37 مؤسسة كبرى، كانت تملك من الأموال عام 1986 (55) مليار دولار، تستثمرها في مشاريع تنموية، وتتبرع بثلثي أرباحها السنوية الى مشاريعها التي أسست من أجلها، وتتراوح أرباحها من مشاريعها التنموية ما يقرب من (15) مليار دولار، تتبرع بحوالي (10) مليار منها، وهذه الخطة تنمي قوة تلك المؤسسات وتزيد من موجوداتها المالية، حيث تقدر الآن (2007) بحوالي (170) مليار دولار ..

ومن ألمع أسماء تلك المؤسسات فهي إضافة الى (كارنجي) و (روكفلر) و(فورد) يوجد أيضا (كرسجي) و (ليلي) و (جونسون) و (مآك آرثر) و(روديسون) .. وقام على تأسيس تلك المؤسسات رجال أثرياء جمعوا ثروتهم من السيارات و سكك الحديد والبنوك و النفط والفحم الحجري وتجارة السلاح ومواد التجميل والتأمين وصناعة الصلب والأدوية وغيرها .. ودفعهم الى ذلك طموحهم السياسي قبل الاستشعار بالمصلحة الإمبريالية ..

وازداد عدد تلك المؤسسات ونشاطها بعد وصول (رونالد ريغان) الى الحكم، كما تأسس في عهد ريغان مؤسسات مالية كبرى تتبنى الخط اليميني المتطرف، وهم ما يطلق عليهم (المحافظون الجدد) .. ومن تلك المؤسسات المالية اليمينية المتطرفة: ( سكافي Scaffe) ومؤسسة (جون أم أولين John M Olin ) ومؤسسة (سميث ريكاردسون Smith Richardson) .. وقد استطاعت هذه المؤسسات أن توصل في العقد الأخير، الكثير من الموظفين الكبار للإدارة الأمريكية ..







 

مواقع النشر (المفضلة)


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 01:33 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
تعريب :عاصمة الربيع

تصميم وتطوير سفن ستارز لخدمات الاستضافة والتصميم