فتوى المجمع الفقهي تنعش سوق المسيار ومكتب يتلقى 250 طلبا أسبوعيا
"الانتداب" و"الصيفي" و" السكتم بكتم" أحدث تقاليع الزواج في جدة
جدة : محمد الزايد
ساهمت فتوى المجمع الفقهي الأخيرة بشأن إباحة زواج المسيار في ارتفاع الطلب على هذا النوع من الزواج لدى مكاتب تيسير الزواج في مدينة جدة، وبشكل خاص في فصل الصيف، وبحسب مأذون شرعي فإنه يتلقى في الأسبوع الواحد ما بين 150 إلى 250 اتصالا يستفسر أصحابها عن زواج المسيار والذي يرفضه جملة وتفصيلا.
تسعيني يرفض الزواج بفتاة عمرها 25 عاما ويشترط 17 عاما
ستيني يشترط زوجة تملك منزلا بمكة على أن تكون طبيبة أومدرسة أوممرضة
وبعد أن كانت أول خطوة يقدم عليها المقبل على الزواج هي البحث عن شريكة حياته اعتمادا على علاقات القرابة والجيرة والمصاهرة أو حتى الزملاء في العمل، ثم تطور الأمور تاريخيا إلى ظهور الخاطبة تشعب الأمر بعد ذلك، حيث شارك العديد من المأذونين في عملية البحث عن الزوجة، بحيث يتقدم لهم عدد من الشباب أو الفتيات، ويزودونهم بعناوينهم وأرقام هواتفهم للبحث لهم عن شريك أو شريكة حياة، فشاركوا هم كذلك في عملية البحث والتوفيق بين الزوجين، ما بين مشارك وممتهن لهذا الدور.
وبين هذه وتلك ظهر ما يعرف في أوساط المجتمع بزواج المسيار، والذي هب له كل من هب ودب، وتعددت طرقه وأساليبه، وكثر حوله الجدال والنقاش حول صحته وجدواه ومدى استمراريته، ووضع المرأة منه، وهل
إعلان عن مكتب زواج معلق في الشارع (تصوير مصعب مطبقاني)
هو منصف لها أو مجحف في حقها وما إلى ذلك مما لسنا بصدده هنا.
أما ما نحن بصدده فهو أن هذا العمل أصبح مهنة بعد أن فتحت له المكاتب الخاصة وعملت عليه كثير من الجمعيات الخيرية سواء ببرامج معتمدة أو باجتهادات شخصية من قبل أفرادها، غير أن ما يلاحظ هذه الأيام في بعض الشوارع الرئيسية بمدينة جدة أن هنالك لوحات كثيرة تنتشر على جنبات الشوارع تعتبر في نظام البلديات لوحات مخالفة تعمل فرق الإزالة على اقتلاعها من أعمدة الكهرباء في الشوارع وعند إشارات المرور، كلها تحمل عبارات تدعو لتيسير أمور الزواج والجمع بين اثنين، وذلك من خلال عبارات عدة تكتب عليها ويرفق بها رقم لهاتف نقال.
"الوطن" رصدت إحدى هذه اللوحات المنتشرة في عدد كبير من شوارع مدينة جدة كتب عليها (مكتب السراج الوهاج للتنسيق بين الراغبين والراغبات في الزواج) مرفق بها رقم هاتف نقال، وبالاتصال عليه أجابنا المؤذون الشرعي سامي الدوسري بأن مكتبه قد تم إغلاقه من قبل الجهات المختصة منذ قرابة الشهر، مبديا استغرابه من ذلك، ومؤكدا على أن هنالك مكاتب لا يحمل ملاكها تصاريح خاصة وليسوا بمأذونين شرعيين ما زالت تعمل ولم تتعرض للإغلاق.
ضوئية لاستمارة الزواج
وأوضح الآلية التي يقوم عليها الزواج في مكتبه والذي مضى عليه 3 سنوات يعمل به كمأذون وموفق بين الشباب والشابات لإتمام الزيجات حيث قال إنه مصرح له بالعمل في هذا المجال من قبل وزير العدل لإجراء عقود أنكحة للسعوديين، كونه مؤذوناً شرعياً، بينما يرى أن أي شخص يريد الحصول على تصريح وهو ليس بمأذون شرعي، فإنه لا يستطيع الحصول عليه لعدم وجود جهة مختصة في هذا المجال، ولذلك تجد أن هنالك الكثير من المكاتب تعمل دون تصريح، ومن يقومون عليها ليسوا بمأذونين شرعيين، مع أن هذا العمل عمل خيري يسهل مهام الناس، ولكن لا بد من أن يكون نظاميا حتى لا يتعرض للمساءلة.
ويضيف "تردني اتصالات من أولياء أمور الفتيات على الهاتف الثابت والنقال أو بالحضور شخصيا للمكتب لتسجيل بيانات بناتهم من دون الأسماء، وإنما نكتفي باسم القبيلة أو العائلة أو الكنية، وتشمل هذه البيانات سن الفتاة ومؤهلاتها، وهل هي طالبة أو موظفة وغير ذلك من المعلومات الخاصة لمقارنتها بطلبات الزواج من قبل المتقدمين".
وأضاف أنه فيما يخص المتقدمين للزواج وخاصة الشباب منهم لابد من حضور الشاب شخصيا للمكتب وإجراء مقابلة والجلوس معه، وتلمس مدى مصداقيته وجديته في الزواج، لأن هنالك بعض الشباب كما يقول يبحث عن المتعة، ولا يبحث عن الاستقرار العائلي المنشود.
ويضيف : "إذا وجدت أنه لا يصلح للزواج لا أقوم بتسجيل اسمه في الاستمارة الخاصة بالزواج والتي تشمل معلومات عن الشاب كاسمه كاملا وراتبه وعمله، وفتح هذه الاستمارة يتم مقابل 100 ريال كمبلغ رمزي، وفي حالة التوفيق بين الشاب والشابة يضاف له مبلغ 700 ريال، ويعاد كامل المبلغ للمتقدم في حالة عدم الوفاق، كما يتاح للشاب النظرة الشرعية بموافقة ولي أمر الفتاة الشرعي وبحضور أحد أقاربها".
وينفي الدوسري تعامله مع الخاطبات نهائيا، مستنكرا طريقة عمل أغلبهن والتي لا تحمل المصداقية الكاملة على حد تعبيره، حيث تطلب الخاطبة أحيانا إيداع مبلغ 6000 ريال أو أكثر في حسابها الخاص، فإذا تم الزواج فإنها تتقاضى هذا المبلغ نظير جهودها، وفي حال لم يتم الزواج فإنها تكتفي بنصف المبلغ المتفق عليه، واصفا ذلك بأنه نوع من النصب والاحتيال.
ويؤكد الدوسري أن أكثر الاتصالات ترده من شباب يطالبون فيها بنوع من الزواج يسمونه (سكتم بكتم) حسب قوله، متسائلا عن معنى هذا الكلام؟، وهذه كناية عن عدم الإفصاح عن الزواج وإعلانه، إذ يريدونه سرا، يقول في هذه الحالة ما يكون مني سوى إجابتهم بأنه لا يوجد لدي إلا زواج شرعي، ولست إلا حلقة وصل بين المتزوجين، وأحيانا كبار السن ممن تتجاوز أعمارهم الستين والسبعين سنة يقومون بالاتصال من داخل مدينة جدة وخارجها يطلبون الزواج بالرابعة، ومعظم هذه الطلبات مرفوضة لأنه لا يوجد لدي متقدمة واحدة تقبل بهذا الرجل في هذه السن".
ويذكر الدوسري أن من الغرائب والمفارقات التي مرت به اتصال من شخص خارج مدينة جدة يبلغ من العمر 60 عاما يطلب الزواج من فتاة عمرها لا يتجاوز خمسة وعشرين عاما، شريطة أن تكون من سكان مدينة مكة المكرمة، وتملك منزلا، وأن تكون دكتورة أو مدرسة أو ممرضة، معللا ذلك بأنه يريد الحضور لها في مكة بين فترة وأخرى، وليكون قريبا من الحرم المكي لأداء الصلاة فيه.
كما تلقى اتصالا آخر لرجل أعمال معروف يبلغ من العمر تسعين عاما يبحث فيه عن زوجة لا يتجاوز عمرها سبعة عشر عاما، وحين أبلغه أن أصغر فتاة متقدمة يبلغ عمرها خمسة وعشرين عاما رفض الزواج بها، مع العلم أنها وافقت هي وذووها بشرط مؤخر.
ويشير الدوسري لنوع آخر من الزواج يطلب منه يسمى حسب قوله بالزواج ( السياحي أو الصيفي)، ففي بداية الإجازة الصيفية يفاجأ بأشخاص يتصلون يطلبون الزواج لمدة ثلاثة أشهر هي فترة الصيف، يقول "جاءتني اتصالات عدة في غير فصل الصيف من عدد كبير من المنتدبين من أعمالهم لمدينة جدة يطلبون فيها الزواج لمدة ثلاثة أشهر هي مدة الانتداب، معللا ذلك بتحصين نفسه وعدم الوقوع في الحرام، وهو لا يعلم أن تحديد مدة الزواج محرم أصل".
وعن المهور يقول "أعلى مهر سجل لدي بلغ 70 ألف ريال، وأقل مهر بلغ ريالاً واحداً فقط"، ويذكر أن إحدى المتقدمات للزواج من أحد أقاربها قد اشترطت شرطا نادرا، يكمن في أن يقلع الزوج عن التدخين إطلاقا، مع تمكينها من أداء الحج والعمرة لهذا العام، وأن يحرص ويحافظ على أداء الصلاة، ليكون ذلك مهرها للزواج".
وأوضح الدوسري أن الغالبية العظمى لديه من المتقدمات للزواج أبكار، حيث إن الطلب على المطلقات أقل بكثير حسب قوله، كما أن الفتيات لا يرغبن في الزواج من شخص متزوج بزوجة واحدة، مع حثه لهن على ذلك لعلمه واطلاعه على إحصائية حديثة علم بها من أحد القضاة والمشايخ الموثوق بهم بمدينة جدة قبل شهرين تفيد بأن عدد العنوسة بمدينة جدة بلغ 5 آلاف فتاة.
أما المأذون الشرعي علي المالكي بحي قويزة شرق الخط السريع فأوضح أن مهمته تكمن في التنسيق بين الراغبين والراغبات في الزواج عبر استمارات مخصصة لذلك تشمل كافة المعلومات، لافتا إلى أن هذه الاستمارة لا تمنح لهم من جهة رسمية، كما أن بنودها موضوعة بجهود شخصية منه، واستنادا على خبرات سابقة في هذا المجال.
وأكد أن وزارة العدل تنفي علاقتها بمنح تصاريح لممارسة النشاط، غير ما سمعه من أن الجهة الوحيدة المعنية بالأمر هي الشؤون الاجتماعية، مع أنه لم تصدر من قبلها أي تصاريح، موضحا أنه يعمل في هذا المجال كونه مأذونا شرعيا، وليس لديه تصريح من جهة رسمية.
وأضاف أن المكتب ليس رسميا، وإنما باجتهاد شخصي منه، وأن عمله الأساسي كمكتب خاص للاستشارات الشرعية، إضافة لأعماله الخاصة، حيث تم إضافة هذا النشاط لحاجة الناس وإلحاحهم عليه بأن يضيف هذا النشاط لجانب النشاطات السابقة، استنادا إلى أن له قرابة 20 سنة يعمل في هذا المجال.
وعن آلية العمل قال المالكي إن جهده يقتصر على دراسة وضع الزوج ومدى مصداقيته وأهليته للزواج، ثم بعد ذلك يتم تحويل الراغب في الزواج إلى ولي الزوجة ليتم التنسيق من قبلهم مع الزوج، نافيا إجبار أحد على أن يكون إجراء العقد من قبل مكتبه، حيث إن مهمته تكمن في التنسيق والتوفيق فقط.
وعن الأجر الذي يتم تقاضيه قال "ذلك حسب جهد الزوج وما تجود به نفسه، إنما العمل برمته مبني على احتساب الأجر والمثوبة".
ويستغرب المالكي وبشدة إلحاح الناس وإقبالهم الشديد على البحث عن زواج المسيار وفهمهم الخاطئ للفتوى الصادرة عن المجمع الفقهي بجواز زواج المسيار، مستدلا ببعض النماذج التي اطلعنا على استماراتها، لنجد شابا يبلغ من العمر 20 عاما مازال يدرس بإحدى الكليات يبحث عن زواج مسيار.
ويؤكد المالكي أن الشاب لا يمانع في الزواج حتى وإن كانت الزوجة في سن الثلاثين وبسؤاله لهذا الشاب في حال تخرجه وتعيينه في وظيفة رسمية ماذا سيكون مصير هذه الزوجة؟ فجاء جواب الشاب بملء فيه كما يقول المالكي: إما أن أطلقها وإما أن يستمر زواجنا سرا.
وأظهرت استمارة شاب آخر لم يتجاوز عمره 22 عاما أنه يبحث عن نفس الزواج ويعزو المالكي ذلك لعدم تفريق الشباب بين زواجي المسيار والمتعة، فالشاب لا يمانع في الزواج في هذه السن، حتى لو تجاوزت الزوجة سن الأربعين، مؤكدا أن لديه من الاستمارات أعداداً كبيرة تثبت هذه الحالة، والتي يبيت فيها المتقدم نية الطلاق متى ما قضى حاجته منها، مما جعل النساء يحجمن عن زواج المسيار، نظرا لعدم فهم الرجال له فهما صحيحا.
ويرى أن الرجال والنساء قد شغلوا المحاكم الشرعية ومأذوني الأنكحة بفهمهم الخاطئ لهذا النوع من الزواج، ولذلك لا يقبل بالعمل على إنهاء أي زواج من زيجات المسيار إلا لرجل بلغ سن الأربعين، أما ما دونه فإنه لا يستقبل طلبه أبدا، كما أن من تجاوز سن الأربعين لا تتم إحالته لأهل الزوجة إلا بعد إفهامه معنى زواج المسيار، وما هي شروطه المعتبرة وانتفاء موانعه.
ويضيف المالكي "من المشاكل التي يواجهها أصحاب المكاتب اعتقاد المتقدمين أن صاحب المكتب هو ولي من ليس لها ولي، كما أن أغلب وقتي يذهب في إيضاح شروط وأركان النكاح للناس، حيث تصل الاتصالات حتى ساعات متأخرة من الليل وقرب الفجر للسؤال عن الزواج سواء الزواج العادي لمن لم يسبق له الزواج، أو سبق أن تزوج وفارق زوجته بطلاق أو بوفاة، أو الزواج التعددي وهو لمن كان متزوجا، ويريد أن يعدد، أو زواج المسيار، ولا يتورع السائل في بعض الأحيان أن يطلب مني صورة شخصية للزوجة، أو وصفا كاملا لجسدها وملامحها وكأنني قريب أو محرم لها".
وشدد على أن من يعمل في هذا الجانب لابد أن يتصف بالأمانة والمحافظة على أسرار الناس بشكل عام، حيث يحتفظ المالكي بملف خاص لكل نوع من أنواع الزيجات الثلاث السابقة كل على حدة.
وعن أغرب المواقف التي مرت به يذكر المالكي أن رجلا تم عقد قرانه بامرأة في تمام الساعة الثامنة مساء، وطلقها في الساعة الرابعة فجرا نافيا علمه بسبب الطلاق، وفي موقف آخر تقدم له مسن يبلغ من العمر 100 عام يرغب في البحث عن زوجة لا يزيد عمرها عن 25 عاما، حيث لم يستسغ استقبال هذا الطلب، وتم رفضه من قبله.
ويرى أن من الغرائب التي تتسبب في تأخير الزواج لدى المجتمع بشكل عام هو إحجام كثير من النساء المتقدمات لديه وعدم إقبالهن على الرجال متعددي الزوجات، كما أن بينهن من تبلغ من العمر فوق سن الأربعين، وتبحث عن شاب لم يتجاوز سن الثلاثين من عمره.
ومن المفارقات أنه أثناء وجودنا بمكتب المالكي تقدم شاب لبناني الجنسية يطلب استمارة زواج، ولم يمانع أن نلتقي به ونصوره أملا في أن تشاهده كما يقول إحدى الفتيات السعوديات ليحظى بالزواج منها ولنختصر له المسافة.
ويقول الشاب طلال غانم والبالغ من العمر 30 عاما إنه يقيم منذ فترة طويلة بالسعودية ولم يسبق له أن تزوج، ويرغب في الاستقرار بزواجه من سعودية تقبل به ويقبل بها بعد التوفيق بينهما على أن يكون زواجا عاديا، وليس زواج مسيار.
وذكر المالكي أن لديه عددا كبيرا من الطلبات لغير السعوديين من الإخوة العرب يرغبون بالزواج من سعوديات، كما أن لديه عدة طلبات من سعوديات يرغبن بالزواج من غير السعوديين، وكذلك غير سعوديات يرغبن بالزواج من سعوديين، وكذلك سعوديون يرغبون بالزواج من غير السعوديات.
ويذكر أن شابا يحمل الجنسية الفرنسية من أصل عربي تقدم له راغبا في الارتباط بفتاة سعودية، وكاد الزواج يتم، لولا أن أحد أشقاء الفتاة رفض إتمام المشروع لأسباب لم يذكرها شقيق الفتاة نفسه.
انتعاش زواج المسيار في المملكة............؟؟؟
العرض العادي
