السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اسمحوا لي أحبتي في الله أن اطرح عليكم هذا الموضوع وهو موضوع مهم جداً تنبني عليه جميع طرق الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
ونبدأ مستعينين بالله
بسم الله الرحمن الرحيم
حكم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر( الحسبة )
للعلماء قولان في حكم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر :
القول الأول:
أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فرض عين ، ومن الأدلة على هذا قوله تعالى: ( وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ) (آل عمران:104)
ووجه الدلالة أن (مِنْ) هنا بيانية فتكون دلالتها تشمل الأمة جميعاً كقوله: ( فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ) (الحج: من الآية30) .
ومن الأدلة على هذا القول حديث أبي سعيد عند مسلم وغيره قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من رأى منكم منكراً فليغيره بيده .. الحديث )) ، وهذا الحديث يدل على عموم وجوب الاحتساب على كل أحد لايخرج منه أي مسلم .
القول الثاني:
وهو الذي اختاره كثير من الفقهاء أنه فرض كفاية ، واستدلوا بالآية المتقدمة وقالوا: إن (مِن) في الآية تبعيضية فتفيد أن هذا الواجب خاص ببعض الأمة وليس جميعها.
والذي يظهر أنه يمكن الجمع بين القولين إذا جعلنا القول الأول منصرفاً إلى الإنكار بصوره كافة ومنها الإنكار بالقلب ؛ وهذا ممكن تحققه من الجميع كلٌ بحسب قدرته واستطاعته كما ورد في حديث أبي سعيد المتقدم ، والقول الثاني ينصرف إلى معنى الاحتساب باليد واللسان الذي لايمكن إلا لبعض الناس ممن تتوفر فيهم شروط معينة ، وهو منصرف كذلك إلى ولاية الحسبة كولاية إسلامية شرعية مقصودها تحقيق هذه الشعيرة وعلى هذا فهي بلا ريب من فروض الكفايات التي يجب على دولة الإسلام القيام بها في الجملة ، ولا يتصور تفرغ جميع الناس للقيام بها وإلا تعطلت ولايات الدولة الأخرى ، وتعطلت مصالح الناس وسبل معاشهم؛ وهذا ممنوع . يقول تعالى: ( وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ ) (التوبة:122)
فخلاصة القول: أن الإنكار واجب عيني بحسب الاستطاعة لا يعذر أحد بتركه وأضعف الإيمان أن يكون بالقلب ، أما ولاية الحسبة فهي فرض كفاية وهي من واجبات الدولة المسلمة