لا تدري لماذا الآن فقط قررت مسك قلمها لتعترف ودموعها تنسكب من عينيها لتغسل تلك الآثام التي ارتكبتها خلال حياتها الماضية
وتقول : قبل أن اعترف 0 أعرف أنه لا يوجد إنسان بلا خطيئة
ولكني أنا كنت تمثالا حيا للشرور التي امتلأ بها قلبي فكان الأذى لأقرب الناس لي
ولا أكتب قصتي لأدافع عن نفسي وأبرر ما ارتكبت من خطايا
ولكني أكتبها لأطهر نفسي التي باتت تؤنبني كل يوم فأصبح النوم لا يعرف طريقه إلي
وأريد أن أكتب لتكون قصتي عبرة لكم ولا تكرروا أخطائي التي ارتكبتها
ولا أريد منكم شفقة ولا إحسان كل ما أرجوه أن تنصتوا لي قليلا لعلي أستطيع أن أعاقب نفسي بواسطتكم
وحبي لنفسي قد تجاوزكل حدوده كنت فتاة مغرورة معجبة بنفسها لم أكن بارعة الجمال أو خارقة الذكاء لكن كبريائي
وأسعى دائما للظفر بالأفضل وأنيقة دايما لا تهمني الوسيلة طالما أن غايتي هي الهدف
ولي أخت واحدة تصغرني بعامين كانت على النقيض من شخصيتي فهي هادئة ورزينة
ومتحفظة بشكل ملحوظ كثيرا ما كنت أسخر منها لكنها لم تعرني اهتماما
وأعترف أن والدتي كانت تحبني أكثر من أختي فأنا ابنتها الكبرى والأكثر حبا للحياة الاجتماعية
وأما والدي فهو رجل أعمال يسافر كثيرا لذلك قليلا ما يقضي معنا أسبوعا كاملا في المنزل
وربما أكون متواضعة عندما أقول منزل فهو في الحقيقة قصرفأنا نشئت تحت ظل أسرة ثرية
وذات يوم كانت أمي تطرق باب غرفتي أذنت لها بالدخول هناك أمر تخفيه . فتلك الابتسامة على وجهها توحي لي بشيء ما
ونظرت لها بعيون متسائلة فقالت : لقد تقدم (نزار ) ابن شقيق والدك لخطبتك
وصحت في استنكار :ماذا ؟ ذلك الفتى الأحمق يريد خطبتي ؟ نعم
وتفاجئت أمي بردة فعلي الثائرة . حاولت أن تمتص غضبي حتى لا يسمعنا أبي .لكن الأمر بالنسبة لي أصبح منتهيا
وصرت أتذكر ( نزار) عندما كنا أطفالا ويزورنا في منزلنا .كل ما أتذكر بشرته السمراء أشعر بالنفور
ولا أدري لماذا لا أطيقه .حاولت أمي أن تقنعني بأن لا أتعجل
وهو حاليا يعمل في وظيفة مرموقة بعد أن تخرج من الجامعة
ولكني كنت مصرة على رأيي .فليس نزار من يستحق أن يكون زوجا لي
وهو ليس أول شخص يتقدم لي0 وأرفضه . لان طموحي أكبر من ذلك
وحينما كنت عائدة من الجامعة في ذلك اليوم عندما سمعت والدتي تقول أن خالتي ستتناول طعام الغداء معنا
وخفق قلبي بقوة وهي تضيف أن ابنها (عصام ) ووالده سيكونان برفقتها .شعور غريب اعتراني وأنا أسمع اسمه
وليست المرة الأولى التي يخفق قلبي لاسمه . أعرف أني أحبه
ولكن كبريائي يمنعني من الاعتراف بذلك .إنه شاب وسيم وثري
وفوق كل هذا يملك روحا مرحة ولطيف .ذهبت لغرفتي
وأنا شاردة التفكير .غرقت في أحلام جميلة كلها كانت برفقة (عصام )
وشعرت بالنشوة وأنا أتخيل نفسي أزف إليه ونمشي في حديقة من الورود
ولم يقطع أحلامي إلى صوت جرس الباب . إنه هو
وخفق قلبي من جديد في عنف كانت واحدة من أسعد الأيام التي قضيتها
وخلال ماكنت ذاهبة لأمي لأخبرها بأمر خاص . توقفت عندما رأيتها من خلف باب غرفتها
وجالسة بجوار أبي تقول له : إنها تريد خطبتها لابنها ( عصام )
وبدأت أشعر بالدماء تندفع لوجهي وقلبي يرقص طربا وأنا أسمع أبي يقول :شاوري ابنتك فالقرار لها قبل كل شئ
واكتفيت بهذا الحديث وكنت على وشك أن أتسلل إلى غرفتي دون أن يشعرا بي أحد
ولكني توقفت عندما سمعت أمي تقول : لا أعتقد أن ( تهاني ) سترفضه فهو شاب مثالي في كل شئ
وبدأت أشعر بأن الدنيا تظلم من حولي وكأن طعنة حادة تخترق قلبي لقد جرحت أنوثتي وبدأت أنزف دون دم
وعدت لغرفتي ووقفت برهة أتأمل صورتي في المرآة ثم بكيت في مرارة
وبالتأكيد لاحظت أختي في الأيام اللاحقة أن معاملتي لها صارت أكثر جفاء وأكثر قسوة
وكنت ألمح نظرات الحيرة في عينيها لتصرفي اتجاهها لكني تجاهلتها تماما
وكنت أشعر أنها سرقت حياتي التي كنت أحلم بها . ربما لا ذنب لها فيما حدث
ولكن في نهاية الأمر فإن ( عصام ) يريد الزواج منها هي
وأصبحت لا أطيق نفسي .أنا التي تعودت أن أحصل على أي شئ أريده . أفشل في أن أنال أهم شئ في حياتي
وفي إحدى الأيام التي كنت أجلس فيها وحيدة . كانت يدي تتعبث بالهاتف وأفكاري تذهب بي بعيدا
وهكذا دون وعي وجدت نفسي أطلب رقم خالتي
وكان الشخص الذي أجاب على الطرف الآخر هو ابنها .اقصد ( عصام )
وحاولت أن استجمع ثقتي وكل أنوثتي وأنا أرحب به .فسألني بعفوية : أعتقد أنك تريدين التحدث إلى والدتي
وأجبته بصوت أقرب إلى الهمس : ألا يحق لي أيضا أن أطمئن على ابن خالتي
وكنت أحاول أن أطيل معه الحديث بقدر ما أستطيع
وأضحك بين كل كلمة وأخرى 0 حتى شعرت به قد بدأ يرتبك .. ثم حاول التهرب مني
وطلب مني الانتظار ريثما يخبر والدته بأنني على الهاتف
ولا أنكر أنني شعرت بالنشوة وأنا أتحدث معه . ورغم ذلك لم أنسى أنه فضل أختي علي أنا
وبكل تأكيد هذا الشيء يغضبني
وذات يوم حينما كانت أختي لا تزال في الجامعة .تسللت لغرفتها
وأغلقت الباب على نفسي 0 ثم بدأت أفتش بين أغراضها . لا أعرف عن ماذا كنت أبحث
ولكنها رغبة استبدت بي فلم أستطع أن أمنع نفسي منها
ولفت انتباهي دفتر صغير كانت تخفيه خلف الوسادة التي على السرير
وبدأت أتصفح ذلك الدفتر . إنها تكتب خواطر رومانسية . يا إلهي هل من الممكن أن تكون أختي بكل هذه العاطفة ؟