بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،،،،
أعاننا الله وإياكم على بر والدينا الأحياء منهم ومن هم في ذمة الله و لو بالترحم عليهم
هذه القصة نقلت على لسان أحدى الطبيبات
دخلت علي في العيادة عجوز في الستينات بصحبة ابنها الثلاثيني ، لاحظت حرصه الزائد عليها حتى فهو يمسك يدها و يصلح لها عباءتها و يمد لها الأكل و الماء .
بعد سؤالي عن المشكلة الصحية و طلب الفحوصات ، سألته عن حالتها العقلية لان تصرفاتها لم تكن موزونة و لا ردودها على أسئلتي فقال : إنها متخلفة عقليا منذ الولادة .
تملكني الفضول فسألته : فمن يرعاها ؟ قال : أنا .
قلت : و النعم و لكن من يهتم بنظافة ملابسها و بدنها قال : أنا ادخلها الحمام و احضر ملابسها و انتظرها إلى أن تنتهي و اصفف ملابسها في الدولاب و أضع المتسخ في الغسيل و اشتري لها الناقص من الملابس
قلت : و لم لا تحضر لها خادمة ! قال : لأن أمي مسكينة مثل الطفل لا تشتكي و أخاف أن تؤذيها الشغالة .
اندهشت من كلامه و مقدار بره و قلت : و هل أنت متزوج قال : نعم الحمد لله و لدي أطفال .
قلت : إذن زوجتك ترعى أمك؟ . قال هي ما تقصر و هي تطهو الطعام و تقدمه لها و قد أحضرت لزوجتي خادمه حتى تعينها و لكن أنا احرص أن أكل معها حتى أطمئن عشان السكر ! . زاد إعجابي و مسكت دمعتي ! و اختلست نظره إلى أظافرها فرأيتها قصيرة و نظيفة . قلت : أظافرها ؟؟ قال : قلت لك يا دكتورة هي مسكينة طبعا أنا . نظرت الأم له و قالت متى تشتري لي بطاطس ؟؟ قال : ابشري الحين اوديك البقاله ! طارت الأم من الفرح و قامت تناقز الحين الحين . التفت الإبن و قال : و الله إني أفرح لفرحتها أكثر من فرحة عيالي الصغار . سويت نفسي اكتب في الملف حتى ما يبين أني متأثرة ! و سألت ما عندها غيرك ؟ قال : أنا وحيدها لان الوالد طلقها بعد شهر .
قلت : اجل رباك أبوك قال : لا جدتي كانت ترعاني و ترعاها و توفت الله يرحمها و عمري عشر سنوات .
قلت : هل رعتك أمك في مرضك أو تذكر أنها اهتمت فيك ؟ أو فرحت لفرحك أو حزنت لحزنك ؟؟؟ قال : دكتورة أمي مسكينة طول عمري من عمري عشر سنين و أنا شايل همها و أخاف عليها و أرعاها .
كتبت الوصفة و شرحت له الدواء . مسك يد أمه و قال : يله الحين البقالة . قالت : لا نروح مكة .
استغربت قلت : لها ليه تبين مكة ؟ قالت بركب الطيارة !!! قلت له هي ما عليها حرج لو لم تعتمر ليه توديها و تضيق على نفسك ؟ قال : يمكن الفرحة اللي تفرحها لا وديتها أكثر أجر عند رب العالمين من عمرتي بدونها .
خرجوا من العيادة و أقفلت بابها و قلت للممرضة : أحتاج للراحة ، بكيت من كل قلبي و قلت في نفسي هذا و هي لم تكن له أما . فقط حملت و ولدت لم تربي لم تسهر الليالي لم تمرض لم تدرس لم تتألم لألمه لم تبكي لبكائه لم يجافيها النوم خوفا عليه . لم و لم و لم.... و مع كل ذلك كل هذا البر !!
تذكرت أمي و قارنت حالي بحاله .... فكرت بأبنائي .... هل سأجد ربع هذا البر ؟؟
مسحت دموعي و أكملت عيادتي و في القلب غصة...
قال تعالى في سورة الإسراء ( وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ۚ إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا (23) وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا )
وصلتني عبر الايميل وأحببت عرضها عليكم