لا يختلف اثنان على أنّ المرأة في السعوديه أو في البلدان الأخرى مازالت تلاقى كلّ أنواع الاضطهاد و العنف و التمييز من قبل المجتمع، الممثل في الرجل بالدرجة الأولى، سواء أكان زوجًا، أخًا، أو أبًا..
فأضحى موضوع المرأة و واقعها، من أولويات القضايا التي باتت تشغل الرأي العام، و بالأخص من قبل المنظمات و الجمعيات التي تساند المرأة و ترعى شؤونها، لما تشكّله من أهمية تكميلية للمجتمع مع الرجل.
فقد أثبتت بعض التقارير المعدّة من طرف المهتمين بشؤونها أنّ امرأة من كل عشر نساء تتعرضن للعنف، من داخل الأسرة نفسها تتراوح أعمارهنّ ما بين 19 إلى 64 سنة، من الزوج أو الشقيق، هذا الأخير من يكون أكثر عنفًا بالنسبة للمرأة المطلّقة، حيث أنّه يسلّط عليها أنواعًا من الاضطهاد تصل حدّ الإهانة النفسية و الجسدية كردّ فعل منه لعدم صمودها و صبرها في بيت زوجها كما هو متداول في العرف السعودي خاصّة..
إذًا واقع المرأة في السعوديه يدقّ ناقوس الخطر، رغم المستوى الثقافي لبعض الرجال، ما يجعلنا نضع علامة استفهام؟
هل مجتمعنا واعٍ بواقع المرأة ؟
و هنا وجب تكثيف الجهود و وضع آليات و خطّة تساعد على تجاوز المرأة لآلامها جرّاء العنف الذي تتعرّض له، كدعوة بعض الصروح التوعوية كالمدارس و المساجد إلى ضرورة إبراز دور المرأة و مكانتها و موقف الإسلام كدين يحث على صونها و احترام كيانها كإنسان يستطيع العيش و التفاعل مثل الرجل، إنشاء شبه تفاعل بين البرلمان و المجالس المحلية المنتخبة، و الاتحادات المهنّية، بغرض إطلاق حملة واسعة لتغيير الذهنيات تجاه المرأة، و تعزيز النصوص القانونية، التي تحمي المرأة و تضمن لها المساواة و العدل. بلغت نسبة من يتعرضن للإهانة 16% وَ 05% من يتعرضن للضرب و العنف الذي قد يأخذ أشكالًا تصب كلّها في قالب النيل من كرامتها و وجودها الحتمي كعنصر مكمّل، فيكون الطرد، الضرب أو العنف اللفظي أو استعمال أسلوب أكثر ابتزازًا، كالتضييق عليها من خلال تهديدها أو إجبارها على تحمّل الشقاء المفروض عليها.
فالمتابع لوضع المرأة في السنوات الأخيرة سيلحظ وجود شرخ في المنظومة الاجتماعية التي تتشكّل منها المرأة، زيادة على التقارير التي تصل مصالح الشرطة من الشكاوى المقدّمة منهن، إذ سرعان ما يبطل مفعولها بطلب من المرأة ذاتها، خوفًا من نظرة الناس إليها و هذا يجرّنا إلى حديث آخر يتمثل في عنف التقاليد و الأعراف البالية التي ظلت تشكّل هاجسًا آخر لا يقل خطورة عن عنف الرجل، فطموح المرأة و إرادتها لاكتشاف الحياة و التفعيل فيها يصطدم بهذه الأمور و ربّما يقيّدها و يجعلها حبيسة عالمها الذي أراده لها الرجل و هو اقتصار دور المرأة على الإنجاب و التربية و الاهتمام بشؤون البيت و ما عدا ذلك، هو تمرّد و عصيان يجعله لا يتوانى في معاقبتها بشتّى الطرق تصل أحيانًا إلى نهايات مأساوية، فالزوجة لا تُحتَرم حقوقها و تصبح مثل الخادمة و الأخت يُضيّقُ الخناق عليها حتّى لا تكتشف العالم الخارجي زيادة على حرمانها من التعليم، و إنْ قُدّر و فعلت فإنّها تعاقب و ربّما تُتّهمُ من مجتمعها بمحاولة ارتكاب الرذيلة و تكون النهاية بجريمة قتل تدخل في نطاق جرائم الشرف، و هناك تعدٍّ على الأمهات بالضرب أو السبّ يدخل هو الآخر في مجال التعدّي على الأصول، الذي يعاقب عليه القانون.
لتبقى المرأة أسيرة بعض المعتقدات و الأعراف البالية، التي لا تضيف شيئًا للمجتمع بل تجعله يسير في اتجاه التخلف، فدور المرأة هو مكمّل لما يقوم به الرجل في المجتمع، فكلاهما يحتاج للآخر لبناء مجتمع متين، فتهميش المرأة يعني بناء مجتمع أعرج.
ونسو قول الحبيب صلى الله عليهم وسلم (رفقا بالقوارير)