ماحكاية هذا الـ ’’بلاك بيري في المملكة؟’’

[عايض المريخي]

[align=center]
السلام عليكم ورحمة الله وبركاتة ..


على طاولة أحد المقاهي جلست فتيات في عمر الزهور دون ان ينطقن ولو بكلمة واحدة،
اعتقدنا أنهن متخاصمات فلم يكن هناك حوار بينهن بتاتا، ولكن كانت كل واحدة منهن تمسك
بجهاز حرصت ان يكون غطاؤه شبيها بلون الملابس التي ترتديها، والعيون تحدق بشاشة الجهاز
بينما الأصابع تتحرك لكتابة المسجات والدردشة، المشهد أصبح مألوفا جدا، الصمت والخرس بدأ يتنشر

والحوار أصبح مكتوبا لا مسموعا، فهذه الأيام يستحيل ان ترى في الكويت مراهقا او شابا حتى
طفلا لا يحمل بين يديه جهاز ’’الـــــــــــبلاك بيري’’’ وذلك ينطبق أيضا على الفتيات في كل الاعمار ليخيل
اليك أنهم ولدوا من بطن أمهاتهم والجهازلاصق بأكفهم، من شدة تعلقهم به حتى أضحى التوأم
السيامي الملاصق لهم لا يتحركون دونه، فعلى اشارات المرور وفي الحارة الوسطى للشارع ستجد
أصحاب السيارات التي بجانبك مشغولين به أيما شغل.


ماحكاية هذا الـ ’’بلاك بيري في المملكة؟’’
هل قامت شركات الاتصال بمحاولة للتعويض عن الغلاء الذي
سيطر عليها وتكفير ذنوبها السابقة فوزعته بالمجان على الشباب المملكة دون مقابل؟ربما هذا من
سابع المستحيلات اذا ما حكاية التوت الاسود ,الترجمة الحرفية, لهذا الجهاز؟ ومن هو المدعــــــــــــــــو
كيندل ’’الشبيه له في امريكا؟وهل حين نصدر هوس البلاك بيري لأمريكا ونستورد منهم هوس كيندل
ستتغير أشياء عديدة وتصبح المملكة القوة الكبرى في العالم؟ ربما فالشعوب تقاس بما تحبه وما
تهواه..

الـــــــــــــــبلاك بـــــــــــــــيري’’
هو أحد الاجهزة الكفية الذكية التي تجمع بين الهاتف النقال ومميزات اضافية هي الاتصال الدائم
بالانترنت الذي يتيح لصاحبة الاطلاع على البريد الالكتروني والدخول الى مواقع الانترنت اضافة الى
خدمة الماسنجر برنامج الدردشة الشهير ’’وبرنامج ماسينجر البلاك بيري Bbm الخاص فقط بحاملي
الجهاز، يتم الاستفادة من هذه المميزات عبر اشتراك شهري لدى شركات الاتصال التي فطنت الى
هذا الهوس فقامت بحملات تسويقية وعروض مكثفة له جعلت منه مطلبا للمراهقين والشباب على
الرغم من ان شركته المصنعة الأم تضعه بفئة هواتف رجال الاعمال لأهمية تواصلهم على الانترنت
للقيام بأعمالهم ولم يخطر ببالها أنه سيكون في أيدي مراهقين وطلبة لتفوق مواصفات الجهاز على
متطلباتهم اليومية الأساسية.

غلبــــــــــــــــنا’’ أمريكا
على طريقة سعيد صالح في مسرحية المشاغبين حين قال .. مرسي الزناتي اتهزم يا رجاله.. ربما
يحق لنا ان نقول ان أمريكا ’’اتهزمت يا رجالة , من قبل الشعب المملكة، فمنذ فترة بسيطة كان احد
المحلات الامريكية يزين واجهته باعلان أحد الاجهزة النقالة معلنا انه وصل حديثا وللتو، ولكن هذا
الجهاز كان موجودا في السوق االمملكة منذ ثلاثة أشهر أي ان السوق المملكة يتابع بشكل مهووس
أحدث ما توصلت اليه تكنولوجيا الاتصالات أسرع بكثير من السوق الأمريكي، وطبعا ذلك يعود الى
الطلبات المتزايدة للمستهلكين التي تسمح للشركات الكبرى بأن تزود السوق المشجع لها بأحدث
انتاجاتها .. كيندل

في امريكا كانت هناك ظاهرة تنتشر بقوة وحققت نجاحا ساحقا، شبيها جدا بظاهرة هوس البلاك
بيري في المملكة مع اختلافات طفيفة جد حيث يستحيل ان ترى أحدا هناك، سواء كان شابا او
مسنا لا يحمل جهازا بين كفيه، وهو أمر غريب جدا على الشعب الامريكي الذي يتميز بأن الكتاب
دائما بين كفيه، لذا اعتقدنا ان التكنولوجيا أفسدت الشعب الامريكي وأنهم سيتراجعون للوراء كما
تراجعت الامة العربية بعد حضاراتها التي سبقت بها كل الحضارات بعدما تخلت عن القراءة وربما
المجد سيعود للأمة العربية من جديد فللوهلة الأولى اعتقدنا أنه آخر اصدار من جهاز البلاك بيري
وأن الهوس به أصبح عالميا لذا لا يمكن لوم شبابنا على هذا الهوس ولكن تبخرت هذه الخيالات حين
ذكرت صديقتي الامريكية أنه جهاز ’’كيندل’’ وهو القارئ الالكتروني الذي أحدث ضجة توالت بعده
العديد من الاصدارات لنفس فكرة الجهاز من عدد من الشركات الكبرى تتنافس فيما بينها باضافة
المميزات العديدة بعد نجاح طرحه بالنسخة الاولى وهو يسمح بحفظ وتحميل الكتب الحديثة
والقديمة من الانترنت مقابل مبلغ رمزي جدا يتيح لحامل الجهاز ان يقرأ عدة كتب ويضع عليها
ملاحظاته كما يفعل بالكتب الورقية ويضع علامة للصفحة التي توقف عندها اضافة الى ميزة القارئ
الصوتي لضعاف النظر وكبار السن، الأمر الذي جعل الكثير من كبار الشخصيات الامريكية يرون فيه أنه
ثورة في عالم التكنولوجيا غيرت نمط الحياة جعلت من حامله يحمل مكتبة كاملة بدلا من كتاب واحد.


ما أسباب انتشار البلاك بيري في المملكة الذي رغم امكاناته العديدة الا ان جميع من سألناهم عن
سبب اقتنائه لكونه ’’الهبة ’’الجديدة، كانت الاجابة لديهم موحدة ’’عشان الماسنجر وBbm أي
للتواصل والدردشة على الرغم من ان احدى السلبيات التي ظهرت هو انتشار الاشاعات والاخبار
الملفقة بشكل كبير، هل أصبحنا شعبا محبا وعاشقا ويحب التواصل حتى انه لا يطيق البعد عن
بعضه لساعات او دقائق دون ان يتواصل ولوكان الكترونيا؟ أم ان حب الدردشة أصبح هو الشغل
الشاغل للشباب المملكة بعدما فشلت مؤسسات الدولة ومجتمعاتها المدنية بالاستفادة من هذه
الطاقات الشابة؟ الاجابات تبدو مفتوحة ومتعددة الا انها لا تنكر الحقيقية على أرض الواقع في ان
الدردشة على قائمة اهتمامات شبابنا ومحور حياتهم والبعض يحاول ركوب الموجة وهذه الموضة
بتقليدها دون اقتناع ودون معرفة الحاجة منها وان كانت ضرورة له أم أنها ’’مع الخيل ياشقرا’’، الأمر
الذي يضيء علامة خطيرة بأن تغيير هذا النمط من الحياة يتطلب ثورة حقيقة وجهودا جبارة تتضافر
لتغيير هذا النمط السطحي بما يتناسب مع تحديات العولمة.

أمة ’’اقرأ
على الرغم من ان أول آية نزلت على رسولنا الكريم كانت ’’اقرأ لأهمية القراءة في زيادة الوعي
والتطور بجميع المستويات، الا ان أمة ’’اقرأ, أثبتت بما لايدع للشك أنها حتى القرن الحادي
والعشرين أمة لا تقرأ والدليل أنه حتى الآن تم اصدار اكثر من سبعة أجهزة للقارئ الالكتروني منذ
أول اصدار في عام 2007 ولكن لم تقم شركاته المصنعة باضافة خاصية دعم اللغة العربية لكونها
على ذيل اهتماماتها لقلة الطلب من قبل المستهلكين[/align]