بسم الله الرحمن الرحيم .
منذ فترة ٍ ليست بالبسيطة وأنا لا أُقبل على الصحف الورقية السعودية , لا لسبب في ذات الصحف , بل كمعارضة لما يُنقل عن حفر الباطن من أخبار ليست بتلك الجودة , وليست مواكبة للأحداث , ولا تعبّر عن طموحاتنا وآمالنا كسكان لهذه المدينة .
نقرأ عن محافظتنا في الصحف بعض الأحيان أخباراً مكررة , وأحياناً أخباراً مضحكة مبكية , وأحياناً نقرأ خبراً ليس له فائدة البتة .
علّقنا آمالاً كبيرة على بعض الصحافيين ولكن للأسف لم نرَ من البعض أي عمل صحفي مبدع , لا ننكر هناك محاولات ولكنها لا تتسم بصفة الإستمرارية .
دائماً ما أتحدث عن الأخبار الإيجابية والسلبية , وأقول دائماً أن الخبر الإيجابي هو ما يرسم صورة ذهنية "جميلة" عن مجتمع ما , تكون هذه الأخبار صادقة ومعبرة عن توجهات معينة , أما الخبر السلبي فهو الخبر الذي يرسم صورة شائنة عن ذلك المجتمع , تجعل الجمهور يرسمون صورة سيئة عن هذا المجتمع .
تحدثت في مقال سابق لي عن الصحافة , فقلت :
"الصحافة "الحفراوية" رسمت انطباعاً لدى الأغلبية بأن حفر الباطن هي محافظة العنف والقتل والسلب والنهب , وتكوّن هذا الإنطباع من خلال خلق العديد من المواضيع التي نراها في الصحف بين الفينة والأخرى .
قبل فترة أضيف خبر في موقع سبق , فلاحظت التعليقات التي يكتبها الزائرون جميعها تصف حفر الباطن وأهالي حفر الباطن بأوصاف غريبة عجيبة فعلاً , فمن تعليقاتهم (الأعراب , الهمج , المتخلفين , وأخرى يندى لها الجبين ).
"
بالأمس القريب أنا سعيد جداً لأنني قرأت ما يرضي غروري , ونظرت عيناي إلى خبر جميل عبر عن فئة كبيرة في حفر الباطن , وهو منشور في صحيفة الوطن السعودية , للكاتب والصحافي حماد الحربي حول مطالبة لوجود ممارسات ثقافية بحفر الباطن , بعنوان "مطالبات بالتفات المؤسسات الثقافية لمحافظة حفر الباطن".
هذا الموضوع الجميل والمتميز باعتراف أجمل من رئيس الجمعية العربية السعودية للثقافة والفنون بمعرفته للنخب الثقافية بحفر الباطن , ولمعرفته الشخصية بالحركة الثقافية بحفر الباطن .
هذا الموضوع الذي أخرس الكثير من التعليق السيء على حفر الباطن وأهلها , حيث لم نجد أي تعليق حول هذا الموضوع , لأن الموضوع وببساطة أخرسهم .
دائماً ما يتم إسقاط فكرة "البداوة" على أبناء حفر الباطن , ودائماً ما يكون التهميش سمة ملازمة حينما يكون الحديث لحفر الباطن , ودائماً ما يرضخ أبناء حفر الباطن لهذه العوامل لأن لا حول ولا قوة لهم في الإعلام والصحافة .
لكن الآن تغير الوضع , وأظهر لنا التقرير أن هناك فئات كثيرة مثقفة , وبأن أرض حفر الباطن أرض خصبة مليئة بالإبداع والثقافة .
تغير لأن حماد أراد لنا أن نرتقي من خلال عمله الصحفي , فكان بالإمكان أن يتجاهل هذه المطالب , ولا يجهد نفسه بالذهاب والمجيء بحثاً عن تصريح من هنا وتصريح من هناك , بإمكان حماد أن يجلس على الكمبيوتر وينتظر خبراً من هنا , وخبراً من هناك , ويتصل بالناطق الرسمي ويفيده بكل شيء ومن ثم يبعث هذا الخبر للجريدة .
لكنه الإبداع , وهو سمة لكل مجتهد , أراد حماد أن يعبر للعالم أجمع بأن تلك البقعة في الشمال الشرقي ليست بتلك المدينة الصحراوية المتهالكة فقط , بل أراد أن يوحي للعالم أجمع على أن حفر الباطن لم تكن يوماً بذلك السوء الذي رسمه بعض المتطاولين على الصحافة , أخبر العالم أجمع بأن حفر الباطن لا تزال بخير , وأن هناك مثقفين يريدون أن تلبى احتياجاتهم ورغباتهم .
أما عن وجود جمعية فبلا شك أن الجمعية ترتقي بالفكر الثقافي , وهي بيئة خصبة لاستقطاب الكثير من المفكرين والمثقفين , وإبراز الأعمال الأدبية (على مستوى الشعر والنثر والقصة والأقصوصة , وكذلك على مستوى المسرح ) وتسهم كذلك في إبراز المشهد التراثي للمحافظة , وتساهم في تطوير كل جانب ثقافي .
وأما بعض الصحافيين الآخرين , فلن أتحدث عنهم , لوجود عقبات إجتماعية أكن لها كل احترام , ولكن ليتأكد كل منتمٍ للصحافة , بأن الجمهور بات مثقفاً , أخبار حوادث السيارات وأسعار الحطب والفحم لم تعد مفيدة بالنسبة لنا , نريد مثل هكذا طرح , نريد المطالبة بالمجالات الثقافية والرياضية والتعليمية والإقتصادية وكل منحى من مناحي الحياة .
نريد عملاً متقنا ً , نريد مهنية أكبر , الصحافي الحقيقي هو من يراعي مشاعر الناس , لا أن يتبجح بزيه وهندامه من أمام الناس وكأنه طاووس , رحم الله من راعى مشاعر الناس واحتياجاتهم , ولا أبقى الله من يسيء للمحافظة , ويهمش أبناءها .
إن كنت انتقدت في مقال سابق , فأنا هنا أذكر ميزة من مميزات العمل الصحفي بحفر الباطن , وجزاك الله خيراً يا حماد , واستمر فلا زال الطريق طويلاً , فبك نفتخر , وعملك يرتقي بنا , ولا زلنا نطلب المزيد , فأنت أخ لنا وسنطلب منك إبراز كثير من الأوجه الحضارية لنا , إستمر على نهجك المتوازن , فحفر الباطن قد ظُلمت في السابق .