نقلا عن موقع طريق الاسلام:
طفلاي في طريقهما إلى التخرُّج من المدرسة الثانويَّة في سن الرابعة عشرة، إن شاء الله. قبلها في سن الثامنة والسادسة اشتركا في تأليف ونشر خمسة كتب، ومنذ ذلك الحين وهما يتلقَّيان دعوات لإلقاء خطابات في العديد من المدارس- تبارك الله.
أما أنا فقد طفتُ البلاد لألقي محاضرات وأشارك في حوارات مع طلبة الجامعة والآباء والشباب، من المسلمين وغير المسلمين، سؤال بعينه كان يوجَّه إليَّ طيلة الوقت: "كيف فعلتِ ذلك يا زُهرة؟ كيف تقدَّم أولادك على أترابهم؟".
الحمد لله، أولًا وقبل كل شيء ذاك هو توفيق الله، لكن الأمر ليس مستحيلًا، على كل حال، كما قد يعتقده البعض:
ربما تتساءلون "ماذا؟ كيف؟"، وبدوري سأخبركم ببعض الاستراتيجيَّات التي بإمكانها مساعدتكم في الوصول إلى نفس الإنجاز، وسأبدأ بكيفية تخرُّج الأطفال من المدرسة الثانويَّة مبكرًا.
الخطة (1): تخطي الصفوف.
أن يخوض الطلاب اختبارات تحديد المستوى، وينتقلون إلى الصف التالي، ليس بالأمر العسير كما يعتقد الآباء والأمهات، المشكلة تكمُن في أننا لا نمنح أطفالنا الثقة بأنفسهم، كل أطفالنا عباقرة، وكل ما نحتاجه هو مساعدتهم على اكتشاف ذلك.
لدى الأطفال حافز فطري للتفوُّق بمفردهم دون مراقبة مستمرَّة من الوالدَيْن، وهو ما يُثمر نتائج عظيمة حينما يتعلَّق التفوُّق بالدراسة.
بالنسبة للآباء كثيري الانشغال المضطرُّون للعمل، خلال سنوات التعليم الأولى (عامان أو ثلاثة)، اجلسوا مع أطفالكم كل مساء، وتصفَّحوا واجباتهم المنزليَّة، واجعلوهم يشرحون لكم ما أنجزوه.
أعلم أنكم تعتقدون أنني لا أمتلك الوقت لفعل ذلك –مع الغداء الذي يحتاج لإعداد، وأعمال البيت التي لا تنتهي- لكني أخبركم بأنكم لو تريدون أن يتفوق أطفالكم، وتشعرون بالقلق حيال مستقبلهم، فعليكم التضحية ببعض الوقت، والتفرُّغ لهم كلما كان ذلك ضروريًّا.
أ) اطهِي طعام الأسبوع كاملًا يوم العطلَة، وسخِّنيه فقط قبل تقديم كل وجبة.
ب) أغلقي هاتفك، وركزي مع طفلك لساعة أو اثنتين، إذا كان لديكِ أكثر من طفل، اجعليهم يذاكرون في نفس الوقت، وتنقلي بينهم، حتى يحصلَ كل واحد منهم على القدر الكافي من الاهتمام.
مرةً أخرى أذكر أن ذلك سيتطلَّب بعض التدريب والجهد من جهتِك، لكن تذكَّري الفوائد التي ستجنيها من وراء ذلك، إذا استطاع كلُّ أطفالِك الحصول على منح جامعيَّة، ألا يستحقُّ ذلك وحده كل هذا الجهد؟ إذا كان لديك طفلان أو ثلاثة، فإن ذلك يساوي توفير ما لا يقلُّ عن 30 – 40 ألف دولار، المؤسف هو أن معظم الآباء لا يمتلكون حتى المال الذي يساعدون به أطفالَهم على الذهاب للجامعة، لذلك يستدينُ الجميع من أجل ذلك.
الخطة 
: التعليم المنزلي.
هل تعرفين أن الأطفال الذين تلقَّوْا تعليمًا منزليًّا هم أول من يتمّ إلحاقهم بجامعات مثل ييل وستانفورد وهارفارد؟ يعتقدون (وحُقَّ لهم ذلك) أن هؤلاء الأطفال مدرَّبُون على تعليم أنفسهم بأنفسهم، ربما يقول بعضكم لنفسه "أنا مشغول جدًّا، وليس بإمكاني متابعة دراسة طفلي في المنزل"، وهذا ما كنتُ أقولُه، قبل أن أنجح وأستمتع بما أفعلُه.
بعد أن أدركتُ أن لا أحد يهتمّ بتعليم أطفالي أكثر مني، غيرتُ نمط حياتي لجعل ذلك ممكنًا. أكاد أسمع بعضكم يقول الآن: "لكني لا أستطيع فعل ذلك؛ بسبب مسئوليَّاتي" وأنا أتفهَّم ذلك، ولن أجبرَك على فعل أي شيء بأيَّة وسيلة، فقط أقول لهؤلاء الأمهات ربات البيوت: إن بإمكانكن فعل ذلك.
تخيلي ماذا يمكن أن تكون نتيجة قضاء 3 ساعات يوميًّا في تعليم أطفالك، ثم تركهم بقيَّة اليوم يعلمون أنفسهم: ينبغي أن يقرأوا الكتب، ويعدُّوا مشروعات، ويكتشفوا، تخيَّلِي ماذا لو كان لديك منهج دراسي يساعدهم على اجتياز المرحلة الثانويَّة في عمر الرابعة عشرة، أي جامعة لن تقبلَهم؟ إذا كانوا بهذا الذكاء، ستجدين المدارس تتسابق لضمِّهِم، في هذا العمر، أنا شخصيًّا أرجِّح جامعة قريبة من المنزل، حتى يتمكَّن الوالدان من اصطحاب الأولاد في الذهاب والإياب.
تخيلي تنشئة طفلين أو ثلاثة أو حتى أربعة أطفال يتمتعون بالذكاء والموهبة والتعليم الجيِّد والحب، ما الذي يستطيع هؤلاء الأطفال فعله؟ أي شيء.
نحن بحاجة إلى التركيز والتفكير في حياتنا؛ إذا قُدِّر لنا أن نعيش 15 عامًا أخرى، ما أهم شيء بالنسبة لنا؟ هل هو عملك، أن تصبح المدير التنفيذي للشركة؟ أن تصبح أفضل رجل قانون؟ أم تنشئة نجوم خارقين وإنفاق بعض الوقت معهم؟ أنا لا أطلب من المرأة الجلوس في البيت بدون عمل، بل أقول إننا بحاجة إلى التركيز على عائلاتنا أيضًا.
ربما ينبغي أن نركِّز خلال الخمس عشرة عامًا الأولى على تعليم أطفالنا السلوك والحب والاحترام وحديث النبي صلى الله عليه وسلم، لكن الأهم هو القرآن، أيقظيهم كلَّ صباح لصلاة الفجر، وقراءة القرآن قبل مغادرة المنزل.
نحن بحاجة إلى بناء عائلات، لا مجرَّد توقيع حضور وانصراف، الله سبحانه وتعالى خلقَنَا ليختبرنا، وأحد أهم هذه الاختبارات هي الأمومة، فهل نقوم فعلًا بما ينبغي لنا أن نقوم به، أم أننا فقط نواكب سَيْر الحياة؟ إذا لم نعتنِ بأطفالنا، بالحب والمعرفة والصبر فما الذي سيجعلهم يعتنون بنا إذا بلغنا أرذل العمر؟ فكري بعمق!
أطفالي الثلاثة يرغبون في أن يصبحوا مؤلِّفين في مجالات يستطيعون من خلالِها خدمة مجتمعهم، إن شاء الله، ثلاثتهم يهدفون إلى حفظ القرآن، ودراسة سير علماء الإسلام، وممارسة مهن أخرى بجانب ذلك، ابنتي تريد أن تصبح عالمة حيوان، وتحصل على شهادة دكتوراة في الدراسات الإسلاميَّة، ابني يريد ختم القرآن، ويريد أن يصبح عالِمًا ومخترعًا. وفي هذا الخِضَمّ، ينبغي أن ننسب الفضل كله لله في الاعتناء بما رزقنا إياه.
ساعدوا أطفالكم على تحقيق أحلامهم وأهدافهم من منظور إسلامي؛ فليس عليهم ترك دينهم ليصبحوا ناجحين في الحياة، وإن شاء الله سيكون بإمكانهم التوفيق بين الأمرين. فقط يحتاجون إلى دَعْم آبائهم وأمهاتهم.
قوديهم بالحب، ازرعي في قلوبهم الرحمة، شجعيهم على الحلم بعيون وقلوب مفتوحة، كوني قدوتهم في شكر الجميل.
في النهاية، أقول: يمكن لطفلك أن يصبح أي شيء، لكنه بحاجة إلى دعمِك طيلة الوقت. يحتاج طفلك إلى حبِّك، وعطفك، وصبرك على تعليمه، ابذلي قصارى جهدِك لتصبحي أفضل أم لابنِك، حتى لا تندمي لاحقًا، أتمنَّى أن أكونَ قد وفِّقْت في عرض النقاط الأساسيَّة التي تضمن لطفلك التفوُّق إن شاء الله، وتتيح له الفرصة للالتحاق بالجامعة في وقتٍ مبكِّر، والأهمُّ من ذلك كله أن يصبح قائدًا للأمة، حتى بعد أن أرحلَ أنا وأنتِ، إن شاء الله.
يجب أن ترعي البذور الذي زرعتيها، وتسقيها، وتغذِّيها، وتُعرِّضيها لآشعة الشمس، وإلا فلن يتفتحَ زهرها كما تريدين.
صدق او لا تصدق
العرض العادي
