--------------------------------------------------------------------------------
أسهم التقدم العلمي فى المجال الطبي إضافة لانتشار بعض الأمراض المعدية والوراثية في دفع بعض الدول لاشتراط الفحص الطبي قبل الزواج للمقبلين عليه واختلفت شروط هذا الفحص ونوعية الأمراض التي يتم فحصها للخطيبين قبل إقدامهم على الزواج اضافة لمدى الزامية هذا الفحص ونتائجه فى إتمام عملية الزواج من عدمها وأخيرا الموقف الطبي والشرعي من هذه القضية .
تعريف الفحص
يقول الدكتور الدكتور يعقوب المزروع-فى حوار صحفي منشور بالسعودية- أن الفحص الطبي قبل الزواج هو "إجراء الفحص المخبري للشريكين المقدمين على الزواج لمعرفة وجود الإصابة أو الحمل لصفة بعض الأمراض الوراثية بغرض إعطاء المشورة حول إمكانية نقل الأمراض الوراثية إلى الأبناء وإعطاء الخيارات والبدائل أمام الشريكين من أجل التخطيط لبناء أسرة سليمة صحياً".
ويرى البعض أنه من الممكن إلى حد ما التنبؤ عن احتمال إصابة الذرية بمرض وراثي عن طريق فحص الرجل و المرأة. و على حسب نوع المرض يمكن الحديث عن إمكانية تفادي حدوثه أم لا.
بينما تقول د. أميمة السلاموني: أستاذة مساعد الصحة العامة وطب المجتمع بالقصر العيني بجامعة القاهرة –فى حوار مع موقع اسلام اون لاين –" أن الأمراض الوراثية تنتقل إلى الأبناء بنسبة معينة حسب كل مرض ومن الممكن أن يكون حدوثها في الذكور أكثر من الإناث أو حدوثها في الذكور فقط مثل: مرض التوحد وهو مرض عقلي نفسي يصيب الذكور.
فهناك أمراض وراثية مرتبطة بالجنس، ومن الحقيقة الساطعة أنه لا يوجد ما يحكم جنس الجنين حتى الآن فعلمها عند الله، وفي مثل هذه الحالة فإننا لا يمكننا الحكم على مثل هذه الزيجة بالفشل، إلا أنه يلزم في مثل هذه الحالة المتابعة الدقيقة عند حدوث حمل وعمل الفحوص الطبية المتقدمة التي نستطيع من خلالها تشخيص إصابة الجنين بمثل هذه الأمراض مثل فحص السائل الأمينوسي (السائل الذي يحيط بالجنين).
وهناك تدخلات أثناء الحمل لإنقاذ الجنين أو النصح بإنهاء الحمل بعد فتوى شرعية".
وعن أهداف الفحص الطبي قبل الزواج يقول الدكتور الدكتور منصور بن ناصر الحواسي المسئول بوزارة الصحة السعودية -فى حوار صحفي منشور على موقع الوزارة- ان اهدافه تتمثل في:
1 - معرفة قدرة الرجل والمرأة بدنيا على إتمام الزواج.
2 - كشف ما في أحدهما من عقم (عجز عن الإخصاب).
3 - كشف عجز الرجل الجنسي (البدني أو النفسي) عن الملامسة.
4 - كشف فتور المرأة الحسي (البرود النسوي)، وما في جهازها التناسلي من نقص (كأن تكون محرومة من الرحم).
5 - الأمراض التناسلية التي تنتقل من أحدهما للآخر بعد إتمام الزواج.
6 - الأمراض الوراثية (وأخطرها السكر، وتخلف العقل والهيموفليا)، وهي تلازم الأولاد طوال حياتهم، ويتعذب بها الوالدان كلما شاهدا آثارها في ذريتهما العزيزة.
7 - أمراض تؤثر في الحمل والولادة والذرية (الأطفال)، مثل عامل الريسوس Rh ، ومرض القطط والكلاب Toxoplasmosis. والواجب أن يثقف الطبيب الزوجين تثقيفاً صحياً لضمان التوافق النفسي بينهما، وتخليصهما من آثار الكبت والجهل بالأمور الجنسية والحسية".
تجارب دولية
بعض الدول أصدرت قرارات فعلية بوجوب الفحص الطبي قبل الزواج ومنها بعض الدول الاوروبية وجعلت نتائجه ملزمة بينما بعض الدول الاخرى فرضت الكشف ولم تفرض الإلزام بنتائجه وهناك قسم ثالث من الدول لم يفرض الكشف ابتداء وبعضها قام بالغائه بعد تشريعه –مثل الصين-.
فعلى المستوى العربي والإسلامي أوصت جامعة الدول العربية بالفحص الطبي قبل الزواج ، وقامت بعض الدول العربية بسن أنظمة لتطبيق الفحص قبل الزواج وجعلته اختيارياً مثل السعودية و البحرين و الإمارات ولكن الأردن سنت نظام يجبر من يريد الزواج بالفحص الطبي قبل عقد النكاح خاصة وأن المجتمعات العربية بشكل عام من المجتمعات التي يشيع فيها زواج الأقارب ضمن نطاق القبيلة، أو العشيرة، أو العائلة والأسرة الواحدة.
وفي السعودية نص قرار مجلس الوزراء على"تطبيق الضوابط الصحية للزواج على جميع السعوديين قبل الزواج .." و ".. إلزام طرفي عقد النكاح بإحضار شهادة الفحص الطبي قبل إجراء العقد، وأن يكون هذا الإجراء أحد متطلبات تدوين العقد مع ترك حرية إتمام الزواج لصاحبي العقد بصرف النظر عن نتيجة الفحص الطبي سلباً كانت أم إيجاباً وأن يُعمل به اعتباراً من تاريخ 1/1/1425 هـ ..".
الحكم الشرعي
اختلف العلماء والباحثون المعاصرون في هذه المسألة، ويمكن تلخيص آرائهم على النحو التالي:
القول الأول: يجوز لولي الأمر إصدار قانون يلزم فيه كل المتقدمين للزواج بإجراء الفحص الطبي بحيث لا يتم الزواج إلا بعد إعطاء شهادة طبية تثبت أنه لائق طبياً. وممن قال به:فضيلة المشايخ محمد الزحيلي وناصر الميمان وحمداتي ماء العينين شبيهنا وعبد الله إبراهيم موسى ومحمد شبير وعارف علي عارف وأسامة الأشقر.
القول الثاني: لا يجوز إجبار أي شخص لإجراء الاختبار الوراثي، ويجوز تشجيع الناس ونشر الوعي بالوسائل المختلفة بأهمية الاختبار الوراثي. وممن قال به:فضيلة الشيوخ عبد العزيز بن باز رحمه الله وعبد الكريم زيدان ومحمد رأفت عثمان ومحمد عبد الستار الشريف.
وفي دراسة أعدها الدكتور عبد الرشيد قاسم من علماء المملكة العربية السعودية- نشرت بموقع الإسلام اليوم- جاء فيها أنه قد جاء في فتاوى اللجنة الشرعية بوزارة الأوقاف بالكويت: "يستحب، بل يجب في بعض الحالات إخبار الراغبين في الزواج بما تكشف عنه الفحوصات، سواء كان حصول التشويه بالحمل مؤكداً أو محتملاً؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: (الدين النصيحة)"
إذا انتشر مرض معين في منطقة معينة، وكان المتزوجون من أهل المنطقة، وهم معرضون غالباً لانتقال الأمراض الوراثية للذرية؛ فلا بأس من طلب الفحص قبل الزواج، وليس ذلك على النطاق العام، ففي بعض المناطق تننشر أمراض معينة فيقتصر الحكم عليها.
تعميم اشتراط الفحص الطبي على الكل وإجبار الناس عليه بلا موجب لا يظهر لي جوازه، وقد انتهت المناقشات الطبية الفقهية لموضوع الفحص الطبي قبل الزواج التي عقدتها المنظمة الإسلامية للعلوم الطبية بالكويت، والتي ضمت نخبه من الأطباء والفقهاء من بلدان عديدة بجملة توصيات، جاء فيها:
- تشجيع إجراء الاختبار الوراثي قبل الزواج، وذلك من خلال نشر الوعي عن طريق وسائل الإعلام المسموعة والمرئية والندوات والمساجد.
- تناشد السلطات الصحية بزيادة أعداد وحدات الوراثة البشرية لتوفير الطبيب المتخصص في تقديم الإرشاد الجيني وتعميم نطاق الخدمات الصحية المقدمة للحامل في مجال الوراثة التشخيصية والعلاجية بهدف تحسين الصحة الإنجابية.
- لا يجوز إجبار أي شخص لإجراء الاختبار الوراثي.
رأي مجلس الافتاء
استعرض المجلس فى اجتماعه الاخير بدبلن موضوع "الفحص الطبي" الذي هو الكشف بالوسائل المتاحة (من أشعة وتحليل وكشف جيني ونحوه) لمعرفة ما بأحد الخاطبين من أمراض معدية أو مؤثرة في مقاصد الزواج، وبعد المداولة والمناقشة للبحث المقدم في ذلك قرر المجلس ما يلي:
أولاً: إن للفحص الطبي قبل الزواج فوائد من حيث التعرف على الأمراض المعدية أو المؤثرة وبالتالي الامتناع عن الزواج ولكن له - وبالأخص للفحص الجيني - سلبيات ومحاذير من حيث كشف المستور، وما يترتب على ذلك من أضرار بنفسية الآخر المصاب ومستقبله.
ثانياً: لا مانع شرعاً من الفحص الطبي بما فيه الفحص الجيني للاستفادة منه للعلاج مع مراعاة الستر.
ثالثاً: لا مانع من اشتراط أحد الخاطبين على الآخر إجراء الفحص الجيني قبل الزواج.
رابعاً: لا مانع من اتفاقهما على إجراء الفحص الطبي (غير الجيني) قبل الزواج على أن يلتزما بآداب الإسلام في الستر وعدم الإضرار بالآخر.
خامساً: لا يجوز لأحدهما أن يكتم عن الآخر عند الزواج ما به من أمراض معدية أو مؤثرة إن وجدت، وفي حالة كتمانه ذلك وتحقق إصابة أحدهما أو موته بسبب ذلك فإن الطرف المتسبب يتحمل كل ما يترتب عليه من عقوبات وتعويضات حسب أحكام الشرع وضوابطه.
سادساً: يحق لكليهما المطالبة بالفسخ بعد عقد النكاح إذا ثبت أن الطرف الآخر مصاب بالأمراض المعديه او المؤثره في مقاصد الزواج
~~~~~
منقوول
~~~~~
لا تنسوني من دعواتكم الصالحه