:
(1)
أنتظر ابنتي أمام مبنى الكلية ,
ومع الإنتظار , أنظر إلى مرآة السيارة لتطل علي سنين العمر الماضي عبر الشيب الذي ملأ وجهي ..
تجر خلفها سحائب ذكريات طفولتها البريئه .. لتمطر علي أحلامها التي كانت تحكيها لي , وتمطر أحلامي بها ..
أتذكرها , صغيرة تجلس بجانبي .. تنظر إلي وأنا أنتفض من رجف الحمى
لتضع يدها الصغيرة على جبهتي .. فتتساقط قطرات الحمى صريعةً .. لتكون ضحية جيش حنانها الهادر
لا أنسى ولا هي تتنازل .. عن قُبلة النوم كل ليله
أدخل عليها , لأجدها نجمةً أضاءت فضاء غرفتها
وألعابها حولها تتراقص طرباً لغنائها العذب ..
_ ماتفعلين ياعجيبه .. !؟
_ أنا الطبيبه ..
_ ولما ..!؟
_ لأعالجك ياقلب الحبيبه .. !
ضممتها لتغوص حباً وحناناً في قلبي .. وتهنأ جفونها بالنوم في أحضاني
لا أنسى تعثرها بالعباءه لأول مرةٍ لبستها وهي تودعني لمدرستها
ولا الحزن الذي أفاض الدمع من عينيها على موت جدتها ..
آآآهـ .. ذكريات وذكريات
؛
×××
( 2 )
سيارة فخمه سوداء قادمه من آخر الشارع .. تقف غير بعيد من الكليه .. تنتظر قليلاً
فتاة تنزل من السيارة .. ياإلهي
_ هي .. !! , لا ليست هي .. بل هي .. نعم هي .. !؟
أعرفها بشنطتها الورديه وبتلك الميدالية الصفراء .. هديتي لها , تتدلّى من طرف الشنطة
تتجه مسرعةً إلى بوابة الكليه ..
آآه ..!؟ إلهي ألطف بي
دارت الدنيا وأنقلب النهار ظلمة ليل .. جدار الشرف تلطّخ
نيران الغضب اشتعلت .. لتحرق غابة الحب والحنان .. انسلخت الأبوة
أُتُخذ القرار .. الليله ينتهي كل شئ ..
؛
×××
( 3 )
الساعه الثانيه بعد منتصف الليل ..
؛
الظلام يلف المكان
الكل نائم .. سكون الليل يمزقه صرير باب الغرفة ..
بخطى ثقيلة يتجه وبيده السكين نحو السرير ليغسل الخزي والعار
يقف أمام الجسد الممدد أمامه , نظر إلى وجهها الجميل , لم تتغير كثيراً ملامح تلك الصغيرة
شريط الذكريات يمر أمامه من جديد .. تسري بجسده قشعريرة , ينتفض
تفتح عينيها , يرفع يده عالياً ثم يهوي بها .. لتكون لمعة السكين آخر مارأته
؛
×××
( 4 )
رجال الشرطه منتشرون حول البيت .. ورجال التحقيق بالغرفه
السكين على الأرض والدم يسيل من تحت الجسد المغطى بالشرشف والجدار ملطخ بالدم
والقاتل في زاوية الغرفه مصفّد اليدين مرخياً رأسه بين يديه
يصرخ المخرج :
_ زوّد الإضاءه .. جاهزين معاي .. فايف , فور , ثري , تو , ون , آآآكشششن
؛
: