[align=center]بشر القاتل بالقتل
*
*
*
*
*
قال أبو الحسن محمد بن هلال بن المحسن الصابىء ( ت 480 هـ ) في كتابه الربيع :
حدثني الوزير أبو نصر بن جهير ، قال : حدثني أبو نصر بن مروان صاحب آمد وميافارقين وتلك الثغور ـ وكان ناظراً له إلى حين وفاته ـ قال : كان بعض متقدمي الأكراد معي على مائدة الطعام فأخذت حجلة مشوية مما كان بيبن يدي فأعطيته إياها فأخذها وضحك ، فقلت : مم تضحك ؟ فقال : خير ، فظننت أنه قد عاب علي ذلك ، فألححت عليه ودافع عن الجواب حتى رفعت يدي وقلت : لا آكل شيئاً حتى تعرفني سبب ضحكك ما هو ؟
فقال : شيء ذكرتنيه الحجلة ، وذاك أني كنت أيام الشباب والجهالة قد أخذت بعض التجار في طريق وما كان معه من المتاع وقربته إلى لحف جبل فأردت قتله خوفاً على نفسي منه وأن يعرفني من بعد ويطالبني ويعرضني للقبيح ويعترضني ، فقال يا هذا قد أخذت مالي وأفقرتني وأولادي فدعني أرجع إلى عائلتي فأكد عليهم ، فلا تحرمهم مالي ونفسي ، وبكى وسألني وتضرع إلي فلم أرق له شرهاً إلى ما كان معه ، فلما أيس من الحياة ، التفت إلى حجلتين على جبل ، وقال لهما :
اشهدا لي عليه عند الله تعالى أنه قاتلي ظلماً ، وقتلته ، فلما رأيت الحجلة المشوية الآن ذكرت ذلك الرجل وحمقه في استشهاده الحجل علي .
قال ابن مروان : فحين سمعت قوله اهتززت حتى لم أملك نفسي ، وتقدمت بأخذه وكتفه ثم ضرب رقبته بين يدي ، فلم آكل حتى رأيت رأسه وقع بين يديه بعد أن قلت له : قد والله شهدت الحجلتان عليك عند من أقادك الرجل ، وأخذ له بحقه منك.
***
بن مروان الكردي : صاحب ديار بكر، حكم 52عاماً ، كان عادلاً شاعراً كاتباً فاضلاً ، عمر الثغور وضبطها ، أمن الناس في عهده ، ولم تفته صلاة الصبح عن وقتها مع انهماكه في اللذات وتنعم تنعمًا لم يسمع به عن أحد من أهل زمانه، توفي 453هـ
آمد وميافارقين: مدن عريقة ، تقعان على شاطئ دجلة الأيسر، وتقع الآن في الجزء الشرقي الجنوبي لتركيا
الحجل : طائر ممتليء يفضله الصيادون
قيد الصيد ــ محمد العوشن[/align]