[align=center] معركة ذات الصواري غيرت مجرى تاريخ البحر الأبيض المتوسط
يحتفل الوطن العربي في (29 أغسطس) من كل عام بيوم البحرية العربية، وكان الاتحاد العربي للناقلين البحريين قد قرر الاحتفال بهذا اليوم الذي يوافق ذكرى معركة ذات الصواري التي خاضها الأسطول العربي الإسلامي في عهد الخليفة عثمان بن عفان ـ رضي الله عنه ـ، حيث كان هذا العهد بداية ظهور الأسطول الإسلامي العربي في الدولة الإسلامية الواسعة، والتي اشتملت على أجزاء كثيرة من قارتي آسيا وإفريقيا، وظهرت بداية السيادة البحرية الإسلامية في البحر الأبيض المتوسط.
وليس من شك أن معركة ذات الصواري كانت معركة دامية ثبت الجندي المسلم فيها ثباتًا عظيماً وقتل فيها من المسلمين خلق كثير ومن الروم خلق أكثر وصبر المسلمون صبرًا جمًا وأبلوا بل فاصلاً لسياسة الروم العدوانية والاستفزازية إزاء العرب والمسلمين.
إرهاصات الغزو في البحر المتوسط:
كان معاوية بن أبي سفيان زمن ولايته على شمال الشام قد طلب من الخليفة الراشد عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ أن يأذن له بالغزو في البحر المتوسط ومهاجمة الروم وسفنهم الحر العاص للخليفة عمر يصف البحر والمخاطرة فيه، لكن تلك الرغبة ظلت حبيسة في نفس معاوية حتى تولى الخلافة الإسلامية الخليفة الراشد عثمان بن عفان.
ولما كانت جزيرة قبرص إحدى الجزر الإسلامية التي تعتبر خط الدفاع الأول عن ديار الإسلام الواقعة على شاطئ البحر الأبيض المتوسط الجنوبي والشرقي، ومن ناحية أخرى كانت تعتبر خطًا الجزر الواقعة تحت ساحل بلاد الشام. وبعد تردد وافق الخليفة عثمان بن عفان على ذلك الطلب الذي ألح فيه معاوية، واشترط عليه في خطاب أرسله إليه ألا يحمل الناس على ركوب البحر المدن الساحلية، فضلاً عن فرق محاربة من مصر والشام، وسهل الإعداد لهذه الغزوة استيلاؤهم على دور الصناعة الرومانية في الأسكندرية ومدن الشام سليمة دون أن يتمكن الروم من تخريبها.
والراجح أن هذه القوى البحرية التي جمعها معاوية لم تكن في مجموعها مكونة من العرب فقط بل اشترك فيها كثير من مسلمي بلاد الشام ومصر الذين كانوا حديثي عهد باعتناق الإسلام، ومن ثم فإن الحماس الديني لديهم في الاشتراك في تلك الغزوة كان دفاقًا قويًا.
الاستيلاء على الجزيرة:
خرج معاوية بن أبي سفيان في مراك
ويذكر المؤرخون العرب كيف استطاع المسلمون الاستيلاء على الجزيرة في يسر وسهولة، كما استولى المسلمون على غنائم وفرضوا على الجزيرة أن يدفع سكانها للمسلمين كل عام جزية تشجيع المسلمين على القيام بسلسلة من الغارات البحرية من قواعدهم البحرية سوريا ومصر على جزر البحر المتوسط وموانئ الدولة البيزنطية.
ولكن ما إن جاء عام 32هـ/ 652م حتى قام أهل قبرص بنقض العهد الذي كان قد أخذه عليهم معاوية بن أبي سفيان، وقاموا بمساعدة الأسطول البيزنطي للغزو في البحر ضد المسلمين بهم طلبوا الصلح، لكن معاوية صمم على صبغ الجزيرة بالصبغة العربية الإسلامية فقام بإعلان فتح باب الهجرة في سبيل الله إلى تلك الديار.
وهكذا يمكن القول أن عهد الخليفة عثمان بن عفان كان بداية ظهور الأسطول الإسلامي العربي وبداية السيادة البحرية الإسلامية في البحر الأبيض المتوسط ولاسيما بعد
غزوة ذات الصواري أول انتصار عربي إسلامي:
في ظل هذه الأوضاع الجديدة والانتصارات الحربية التي أحرزها المسلمون في فترة زمنية قصيرة على الامبراطورية البيزنطية، فإن الدولة البيزنطية بدأت تغير خططها وتضع سياسة جديدة في الإسكندرية بقدوم هذه الحملة بغتة واستطاع الروم الاستيلاء على الأسكندرية بسهول بل والتقدم في أرض الدلتا والاقتراب من حصن بابليون، عن
في نفس الوقت كانت الامبراطورية البيزنطية قد أعدت حملة وكانت وجهتها بلاد الشام ولكن معاوية بن أبي سفيان استطاع بقواته الإسلامية أن يدافع دفاع الأبطال ويمنع الأسطول ال
التفكير في تكوين أسطول إسلامي:
كان مما دعا الخليفة الراشد عثمان بن عفان إلى التفكير في إنشاء أسطول إسلامي - كما أوضحنا - هو تعرض مصر والشام لمحاولة بيزنطية لإعادة البلاد إلى الحكم مرة أخرى. ومنذ ذل
لكن الامبراطور البيزنطي عندما هاله الفشل في استرداد مصر والشام لم يقف مكتوف الأيدي بل عاود الصراع وقام بتجهيز حملة بحرية وذلك في عام 34هـ بقيادة الامبراطور كنسان المصادر التاريخية أن معاوية بن أبي سفيان خرج بنفسه على رأس أسطول الشام واتحد الأسطولان المصري والشامي تحت قيادة واحدة وأبحر الأسطول الإس
اليرموك الثانية:
وأبحر المسلمون في جرأة منقطعة النظير مقتربين من سفن العدو بعد أن كانوا قد باتوا ليلتهم الأولى يقرأون القرآن الكريم بينما أخذ الروم يقرعون النواقيس. وقرب المسلمون س تاريخ الدولة الإسلامية وارتفع نداء الله أكبر نداء لا إله إلا الله محمد رسول الله، النصر للإسلام حتى غطى صوت السيوف على كل نداء في معركة حامية الوطيس.
ويصف أحد مؤرخي الروم المعاصرين تلك المعركة بأنها كانت يرموكا ثانية على الروم . ووصفها ابن جرير الطبري فقال: إن الدم كان غالبًا على الماء في هذه المعركة العنيفة وأن الأمواج بسيفه، وبذلك كتبت النجاة للقائد واستطاع أن يعود مع قواته سالمًا بعد أن حقق النصر. وعلى الجانب الآخر هرب قائد الروم من المعركة بنفسه بعد أن خسرها إلى صقلية حيث عنفه أهلها لهروبه من ميدان المعركة.
ومما يلفت النظر أن المكان الذي دارت فيه هذه المعركة وهو ساحل الأناضول والذي يزدحم بغابات
وليس من سرف القول أن هذه المعركة كانت معياراً هامًا إطمأن المسلمون به على إمكان تفوقهم العسكري إذ كانت إيذانًا بنمو الروح البحرية
ألاأيها القوم الذين تجمعوا بعكا
إناس أنتم أم أباعد؟؟
أنترك قيسًا آمنين بدارهم
ونركب ظهر البحر والبحر زاخر؟؟
وعلى الرغم من أن المعركة كانت دفاعية تأمينية إلا أنها جعلت العرب يدركون ضرورة حصار القسطنطينية عاصمة الأعداء، ويذكر المؤرخون شجاعة أمراء البحر ومهارتهم في هذا الحصار، كذلك وضعت عليهم بنصر سريع آخر ويحقق لهم فتح القسطنطينية. ذلك أن المسلمين لو تقدموا بعد تلك المعركة مباشرة لغزو عاصمة الأعداء لتغير وجه التاريخ الإسلامي في تلك المنطقة تغيراً جذرياً.
[/align]