عافت الزويد -سبق
دفعت الإعاقة الشاب فراج الشمري لحصد المراكز الأولى في التحصيل العلمي في دراسته بجامعة الملك سعود قسم الإعلام؛ ليثبت أن أصحاب الاحتياجات الخاصة قادرون على تحدي الواقع والتعايش معه والنجاح في حياتهم العملية والعلمية والاجتماعية؛ حيث تحدى السخرية والظروف وتفوق علمياً وأبهر المغردين في موقع التواصل الاجتماعي "تويتر".
"فراج الشمري".. شاب في العشرينات من العمر كفيف تغلب على جميع الظروف ليواصل حياته التعليمية بكل تميز واجتهاد في الرياض، وحيداً وبعيداً عن أسرته؛ حيث يقول لـ"سبق": "وُلدت في عام 1415هـ بصحة جيدة في روضة الهباس، ولم أكن أعاني من أي مشاكل في عيني، ولكن بعد أن بلغت الخامسة من العمر تعرضت للسقوط من دراجة كنت أقودها، الأمر الذي أثر على شبكية العين، وتسبب في كفّ بصري، فأجريت عدة عمليات ولكن لم يُكتب لها النجاح، الأمر الذي أثّر على نفسيتي في بادئ الأمر".
وأضاف: "بعد ذلك بدأت أتأقلم مع وضعي؛ حيث تم الانتقال لمحافظة حفر الباطن، ودرست في برامج الدمج بالمحافظة"، وهنا صمت، ثم قال: "في الخامس الابتدائي وقع لى أمر كان مصدر التحول في حالتي النفسية والدراسية؛ حيث كنت أواجه سخرية وتعليقات بعض أقراني من الأصحاء في المدرسة؛ مما دعاني أن أشتكي لوالدي الذي قال لي كلمة ظلت راسخة في ذهني: "فراج إن كنت لا تستطيع التعايش مع وضعك وتحمل تعليقات الناس اجلس في البيت ولا تدرس، أو اترك كل هذه الأمور خلف ظهرك وأثبت لهم أن الإعاقة لا تمنع الشخص من التميز والاجتهاد"، وبالفعل كانت هذه الكلمات كالمنبه لي والدافع لمواصلة حياتي التعليمية".
وبيّن: "بعد ذلك ومع تقدمي في السن قررت أن أكون أنا صاحب السلطة على المجتمع لاسيما وأنا أعيش وحيداً بمدينة الرياض، وأهلي بحفر الباطن، والسلطة تكمن في اختياري للمجتمع المحيط بي من أصدقاء؛ حيث أكملت دراستي، فأنا الآن في المستوى الرابع بقسم الإعلام بجامعة الملك سعود، وقد اجتزت المستوى الماضي بتفوق 4.73 من 5".
وعن دراسته الجامعية، قال "فراج": "كوني كفيف البصر أعاني من بعض الأمور في المواصلات، وكوني وحيداً، وكذلك في المحاضرات والمذاكرة؛ حيث أضطر إلى تحويل الكتب إلى وورد عن طريق المكتبات ثم تحويلها إلى لغة برايل الخاصة بالمكفوفين، مما كلفني الكثير من المبالغ"، مطالباً بأن توفر الجامعة كتباً جاهزة بلغة برايل؛ لتسهل عليه الدراسة، مشيراً إلى أنه في بداية دراسته كان يستعين بأسرته لقراءة الكتب، وبالتالي حفظها عن طريق السمع.
وفيما يخص هذه الفئة من ذوي الاحتياجات الخاصة والصعوبات التي تواجههم، أوضح: "أصعب أمر يواجه الكفيف في حياته التعليمية هو عدم تعلمه منذ الصغر لغة المكفوفين برايل؛ ذلك يعود مع الأسف لعدم وجود مختصين في المدارس الابتدائية بهذه اللغة".
واستطرد: "اخترت التخصص في الإعلام؛ لرغبتي وحبي لهذا المجال؛ حيث إنه يختصّ بالعلاقات العامة والتواصل، وأؤكد أن الإعاقة البصرية لا يمكن أن تحدّ من تفكير الشخص وطموحه في مواصلة حياته".
وفي سياق آخر، جذب "الشمري" الأنظار إليه في مواقع التواصل الاجتماعي، وأثار إعجاب المغردين في "تويتر"؛ ذلك من خلال تواصله وتغريداته رغم أنه لا يرى، وهنا علق بقوله: "أوجدت شركات أجهزة الاتصال، من خلال ما نمر به من ثورة معلوماتية وتكنولوجية، برنامج يقرأ الشاشة بإعدادات أجهزتها، مما سهل عليّ عملية التواصل الاجتماعي من خلال تويتر، فبمجرد اللمس على الجهاز أبدأ بقراءة ما هو مكتوب وتحويله لكلام مسموع يسهل علي التواصل مع المغردين والتفاعل معهم".
العرض العادي
