المرأة السعودية عبر إعلام العالم
سهام الطويري
لا اختلاف على أن المرأة السعودية تقدم عادة في وسائل الإعلام الغربية على أساس أنها طبق ذو نكهة واحدة: كائن مضطهد في صورة المرأة الطالبانية التي ترتدي النقاب الأفغاني، وتسير في طريق واحد يحدد اتجاهه سوط الرجل الجلاد وفق العادات والتقاليد الحجرية، وللحق فهم بتلك الصورة التي حيكت من قبل آلة إعلامية ذكية تفهم كثيرا كيف تصطاد في علم النفس البشري، قد ظلموا كل أناس العالم الذي يريدون تسليط الضوء عليه.
الإعلام الغربي في تعاطيه مع قضايا العالم الثالث إجمالا يوهم جماهيره بارتداء قناع الوجه المتحضر والمتعاطف مع القضية التي يقرر الدفاع من أجلها، وفي تعاطيه مع قضايا المرأة السعودية فهو يوهم جماهيره أيضا، ويقنعهم بمدى ما يواجهه من صعوبات، حتى يتمكن أخيرا من الاتصال مع المرأة السعودية ككائن حي اجتث من تحت الأرض!.
ولكن بعد وصولهم لمجتمع المرأة الواضح لهم، فإنهم يتجاهلون مبدأ النخبوية أو اختيار النخبة من نساء المجتمع للحديث عن أمور العامة بما يمليه الواقع المعاصر وترضى عنه الأكثرية، مكتفين بالوصول فقط إلى الطبقة البرجوازية للحديث عن هموم المرأة السعودية، والتعبير عن صوتها ذي الترددات المتباينة عبر طبقات المجتمع!
أذكر كمثال أثناء دراستي بالخارج أن إحدى الصحف البريطانية الشهيرة نشرت تقريرا مثيرا للعواطف مدرا لدموع البريطانيين عن معاناة المرأة السعودية من تقييد حريتها المطلقة بالقيود التقليدية والضغط بين الحيطان الأربعة، حيث عمد التقرير لاستطلاع الرأي النسوي البرجوازي فقط، الذي تواجد على الكورنيش وفي المولات وبعض أماكن تجمعات البنات في الجامعة، وفي بعض المطاعم الراقية، وتبلورت المطالب فقط في قيادة السيارة، هل يعقل للعالم أن تكون للمرأة السعودية معاناة واحدة فقط وبهذا الحجم فقط؟، هل المجتمع برجوازي بأسره؟!
بغض النظر عن تنوع المطالب والتأفف من حجم الشكاوى الحياتية، وعن تصدع مجتمعنا إلى طبقات قشرية وجذرية وعن الواقع المعاش، فإنه من غير السليم أن يأخذ العالم بأقوال طبقة واحدة فقط لا تمثل ـ وحدها ـ العقل والتفكير المجتمعي، وتعميمه على الأغلبية، ومن غير السليم أن يستمر الواقع المعاش طي الكتمان، وفي الوقت ذاته لا توجد آله إعلامية متمكنة تستطيع منها المرأة الاتجاه صوب تلك المجتمعات، ليس لتصحيح المفاهيم فقط، وإنما لمحاولة تحقيق الأهداف الضدية للأهداف التي ينشدها الأعلام المضاد نحونا.