هكذا حرا طليقا أحب أن أعيش
أترى هذا الطير ، ألا يحسد على تحليقه حرا طليقا ، أتبكي العين تحليقه في الفضاء ، رفرفة جناحيه ، شموخه ، الذي يحلق به في السماء ، لا قيود تقيده ، يعيش حياته طليقا لا يشاركه فيها أحد ، لا يحبس حريته ولا ينغصها أحد ، يسخر من قيود أرضية ، وهو يحلق فوق هاماتنا ، نسميها زيفا قوانين ، سرقت منا معانينا ، قزمت صورتنا ، فتحت واسعا زنازين لحروفنا ، تلك القوانين التي زعموا أنها لنا من أجلنا ، فلماذا قيدتنا إذا ؟، لماذا جردتنا من إنسانيتنا التي أرادها الله لنا ؟ وحرمتنا من أبسط حقوقنا أن نعيش أحرارا طلقاء ، في كوننا الفسيح ، وفضاء الله الرحب الذي لا يضيق عن أحد قاصيا كان أو دانيا ،
ذلك العصفور أحسده ، لم تمتد له يد لتغلق دونه الفضاء ، أو تضع في جناحه قيدا ، يسعى ويروح في أرض الله ، ينعم بملكوته
ترى هل يفهم الإنسان معنى الحرية ؟ كما فهمها الطير الضعيف
ألا ترى انه يموت إذا ما حبست حريته أو فرق بينه وبين من يهوى ويعشق ، أما نحن فحريتنا في يد من يملك المصالح يسلبها متى ما شاء إن هو منحها أصلا وهو لم يفعل
الحرية تفهمها النفوس الحرة الأبية ، التي تأنف أن تعيش أدنى من بشريتها ، النفوس العزيزة ترى العزة في الحرية ، التي بها تنهض الأمة لتبني مجدها ، وتستعيد حقوقها ، الحرية يفهمها أصحاب القضايا ، فهي أثمن من المال والطعام والشراب ، إنها لجوء إلى الله واستعانة به ، وعمل دءوب لتحقيقها لنحيا دون رقيب يحصي حركاتنا ، أو سجان يغتصب أوقاتنا ويسلبنا أعظم ما وهبنا خالقنا
إنها غالية ولذلك هي تستحق أن نضحي من اجلها ، وأن نقدم في سبيلها الغالي والنفيس ، فالحر يستطيع أن يفعل الأعاجيب ، فبالحرية وحدها نعيد صدقا وحقا مجد امتنا ، ويستعيد الإنسان منا كرامته التي أعطاه الله إياها ، وليست منحة بشرية ، فبهذا وحده نستطيع أن نصنع شيئا وبدونه تبقى أقوالنا مجرد أوهام نتسلى بها
فالحرية ليست الطعام والشراب والمسكن والملبس والوظيفة والعيش في دعة
بل هي ما علمنا إياه الإسلام ، علمنا أن الحرية هي حرية الاعتقاد والتفكير والتملك والحركة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الذي يضمن التغيير والسمو للفرد والمجتمع والأمة
فهل نريد أن نحلق مثل الطائر أم نبقى نتغنى به ونحسده على حريته ؟