روي لي قصته ، وحبه لزوجته ، وكيف تعرضت لهما امرأة بسحر وعين ، فأحالت حياتهما إلي جحيم ، يقول : حاولنا أن نقرأ القرآن في البيت ، وذهبنا إلي المطوعين ، ولكن لم يرد الله أن تنتهي مشاكلنا ، وزادت حدة الخلاف ، وانتهي الأمر بالطلاق ، وها أنا اليوم أعاني من هذا الضيق الشديد في صدري .
وبعد مضي أسبوع جاءتني امرأة شابة ، وقالت : كنا نحب بعضنا البعض ولكن العين والسحر يا دكتور قضيا علي حياتنا وأحالاها إلي جحيم وانتهت بالطلاق ، وها أنا اليوم أعاني من هذا الضيق الشديد في صدري .
تشابه الحالتين جعلني أقف قليلاً وأسألها : هل زوجك فلان ؟ قالت : نعم ، ما أدراك يا دكتور ؟ قلت : تصدقين لو قلت لك إنه كان هنا منذ أيام ويعاني من أعراض الاكتئاب نفسها التي تعانين منها ؟ فأجابت دون تردد : نعم أصدق ولا أستغرب هذا ، فنحن نحب بعضنا البعض حباً شديداً ، وعلي الرغم من الطلاق فمازلت أحبه ، ولا شك عندي في أنه مازال يحبني ، بل لا أحد من أهلنا يصدق أننا أنفصلنا ، الجميع مستغرب كيف حدث هذا ، ولكن هذا عسانا أن نقول ؟ إنها العين يا دكتور !!
مضت لحظة صمت ، لا أظنها زادت علي الثواني العشر ، ولكنها كانت كافية لأستجمع خيوط المشكلة ، فبادرتها أرجوك أن تسردي علي المشكلة وخطوات الحل التي اتبعتمانها ؟؟!
قالت : كان حبنا عظيماً ، وبعد معرفتنا بأني حامل زادت مشاعر الحب هذه ، وعندما وضعت " خالد " تأججت مشاعر الحب أكثر فأكثر ، لكن الشرارة بدأت عندما دخل علي " فيصل " زوجي ، وقال : أعتقد أنه بعد أن أصبحت أماً ما عاد لعملك داعٍ ، فبقاؤك في البيت أصبح ضرورة لأني لا أتخيل أن خادمة تربي ابني ، ولا أعرف من اين أتي لي بفكرة أنني سأهمل ابني بسبب عملي ، وفي الوقت نفسه أعتبر عملي إثباتاً لوجودي في هذا المجتمع .
ذهبنا إلي كل ( المطوعين ) قرأوا علينا القرآن ، وزاروا بيتنا وقرأوا فيه القرآن ولكن دون جدوي ، أخذت المشكلة تتأجج وكأن كل واحد منا عاند الآخر وانتهي الأمر بالطلاق ، وانتهي حديثها أيضاً .
شعرت وكأن سقف الغرفة سيسقط علي رأسي ، وبدت علي مظاهر غضب انتبهت إليها المريضة ، استدركت الموقف بقولي : يا إليهي كنتما بحاجة لتدبر القرآن أكثر من حاجتكما إلي أن يقرأ عليكما القرآن .
العين حق ، والسحر موجود ولا أنكر ذلك ، ولكن لماذا نفترض الفرضيات ونصدقها ، ونهمل معالجة الواقع ، فتحدث المشاكل ويحدث الطلاق ؟
كيف تظنان أن مشكلتكما ستحل وأنتما لم تبذلا حتى أدني أسباب ذلك الحل ، ولم تجلسا معاً لمناقشة أمركما بهدوء ؟
وحتى عندما فشلتما لم تلجأ إلي راشد من أهلك أو راشد من أهله لينظرا أمركما ، ولا شك عندي في أن المشكلة كانت ستنقضي ، هذا هو الحل من القرآن الذي قرئ عليكما ولم تنفذا أحكامه .
مهما كان حجم الحب والتفاهم فالحياة الزوجية معرضة لبعض الهزات ، وهذه الهزات لن تحل إلا إذا واجهناها بالأسلوب الصحيح ، نعم قراءة القرآن بركة ، ولكن البركة الأعظم أن نعمل بإرشادات وتعاليم القرآن .. أليس كذلك ؟
نظرت إلي مستغربة وقالت : يعني لم تكن عيناً ؟ ! .
قلت لها : لا أدري إن كانت عيناً أو سحراً أو غير ذلك ، ما أعرفه أنكما قمتا بحل المشكلة بأسلوب خاطئ ، كان عليكما أن تتحاورا لا أن تتشاجرا وتتعاندا ، كان عليكما أن تستشيرا أهل الخبرة والحكمة .
م