* ينبغي للمسلم أن يستعد لنزول الموت به بالإكثار من الأعمال الصالحة والابتعاد عن المحرمات ، وأن يكون
حاضراً في ذهنه ، لقوله صلى الله عليه وسلم : ( أكثروا من ذكر هادم اللذات )) 1
* إذا مات المسلم فأنه ينبغي على من عنده عدة أشياء :
1- أن يغمضوا عينيه ،
لأنه صلى الله عليه وسلم أغمض عينَيْ أبي سلمة رضي الله عنه
وقال : (( إن الروح إذا قُبض تبعه البصر ))2 .
2- أن يلينوا مفاصله لكي لا تتصلب ،
ويضعوا على بطنه شيئاً حتى لا ينتفخ .
3- أن يغطوه بثوب يستر جميع بدنه ،
لقول عائشة رضي الله عنها : (( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم
حين توفى سُجِّي ببُرد حَبره ))3 . أي غطي بثوب مخطط .
4- أن يُعَجلوا بتجهيزه والصلاة عليه ودفنه ،
لقوله صلى الله عليه وسلم : (( أسرعوا بالجنازة ))4 .
5- أن يدفنوه في البلد الذي مات فيه ،
لأنه صلى الله عليه وسلم يوم أحد أمر أن يُدفن القتلى في مضاجعهم –
أي أماكنهم – ولا يُنْقلوا.
* غسل الميت :
* غسل الميت وتكفينه والصلاة عليه ودفنه فرضُ كفاية إذا قام به بعض المسلمين
سقط الإثم عن الباقين .
* أولى الناس بغسل الميت وصيهُ ، أي الذي أوصى له الميت أن يقوم بغسله .
* ثم أبوه لأنه أشد شفقة وأعلم من الابن ، ثم الأقرب فالأقرب .
* الأنثى تغسلها وصيتها ، ثم أمها ثم ابنتها ثم القربى فالقربى .
* للزوج أن يغسل زوجته لقوله صلى الله عليه وسلم
لعائشة – رضي الله عنها - : (( ما ضرك لو متِ قبلي فغسلتك ........ ))6 ، وللزوجة
أن تغسل زوجها ، لأن أبا بكر أوصى أن تغسله زوجته7 .
- للرجل والمرأة غسل من له أقل من سبع سنين ، سواء كان ذكراً أو أنثى ،
لأن عورته لا حكم لها .
* إذا مات رجل بين نساء ، او امرأة بين رجال ، فلا يُغَسَل بل يُيَمَم ، وذلك بان
يضرب أحد الحاضرين التراب بيديه ثم يمسح بهما وجه الميت وكفيه .
* يَحْرم أن يُغسل المسلمُ الكافر أو يدفنه ، لقوله تعالى
{ وَلَا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا } فاذا نهي عن الصلاة عليهم وهي أعظم ، نهي عما دونها .
* يسن عند تغسيل الميت أن يستر عورته ثم يجرده من ثيابه ، ويستره عن
عيون الناس ، لأنه قد يكون على حال مكروهة
ثم يرفع رأسه إلى قُرب جلوسه ، ويعصر بطنه برفق ليخرج الأذى منه ،
ويُكثر صب الماء حينئذ ليذهب ما يخرج من الأذى
ثم يلف الغاسل على يده خرقة أو ( قفازاً ) فينجّي بهما الميت ( أي يغسل فرجيه )
دون أن يرى عورته أو يمسها ، إذا كان للميت سبع سنين فأكثر
ثم يسمي ويوضئه كوضوء الصلاة ، لقوله صلى الله عليه وسلم لغسالات
ابنته زينب : (( ابدأن بميامنها ومواضع الوضوء منها ))9 ولكن لا يُدخل الماء في
أنفه ولا فمه ، بل يُدخل الغاسل أصبعيه ملفوفاً بهما خرقة مبلولة بين شفتي الميت
فيمسح أسنانه ، وفي منخريه فينظفهما ، ثم يستحب أن يغسل برغوة السدر رأسه
ولحيته وباقي السدر لجسده
ثم يغسل جانبه الأيمن من جهة الأمام
ومن جهة الخلف
وهكذا يفعل بجانبه الأيسر ، للحديث السابق : (( ابدأن بميامنها )) ثم يعيد ذلك مرة ثانية
وثالثة ؛ لقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث السابق : (( اغسلنها ثلاثاً )) وفي
كل مرة يمر الغاسل بيده على بطن الميت ، فاذا خرج منه أذى نظفه .
* للغاسل أن يزيد في الغسلات على ثلاث مرات ، حتى ولو جاوز السبع ، إذا احتاج لذلك .
* يسن أن يجعل في الغسلة الأخيرة ( كافوراً ) لقوله صلى الله عليه وسلم في
الحديث السابق : (( اجعلن في الغسلة الأخيرة كافوراً )) وهو طيب معروف بارد تطرد رائحته الحشرات .
* يستحب أن يُغسل الميت بماء بارد إلا إذا احتاج الغاسل للماء الحار بسب كثرة الأوساخ
على جسد الميت ، وله أن يستعمل الصابون لإزالة الوسخ ، ولكن لا يفركه بشدة لكي
لا يتشطب جلده ، وله أن ينظف أسنانه بعود تخليل السنان .
* يستحب قص شارب الميت وتقليم أظافره إذا طالت طولاً غير عادي ، أما شعر الإبط
والعانة فانه لا يقص شعرهما .
* لا يستحب تسريح شعر الميت لأنه سيتساقط ويتقطع . أما المرأة فيظفر شعرها
ثلاث ظفائر ويُسدل وراء ظهرها .
* يستحب أن يُنَشف الميت بعد غسله .
* إذا خرج من الميت أذى ( بول أو غائط أو دم ) بعد سبع غسلات فأنه يُحْشى فرجه بقطن
، ثم يُغسل المحل المتنجس ، ثم يُوَضأ الميت . أما إذا خرج الأذى بعد تكفينه ، فانه لا يُعاد
غسله ، لأن فيه مشقة .
* إذا مات المحْرم بالحج أو العمرة فأنه يُغْسل بماء وسدر كما سبق ، ولكن لا يُطيب
ولا يُغَطى رأسه إن كان ذكراً ، لقوله صلى الله عليه وسلم
في الذي مات مُحْرماً بالحج : (( لا تحنطوه )) أي لا تُطيبوه ، وقال :
(( لا تُخَمروا رأسه فانه يُبْعث يوم القيامة ملبياً ))10 .*
شهيد المعركة لا يُغسل ، لأنه صلى الله عليه وسلم
(( أمر بقتلى أحُد أن يُدْفنوا في ثيابهم وألا يُغَسلوا ))11 بدل
يدفن الشهيد في ثيابه التي مات فيها بعد نزع السلاح والجلود عنه ،
ولا يُصلى عليه لأنه صلى الله عليه وسلم لم يصل على شهداء أحد 12.
* السَّقط إذا بلغ 4 أشهر يُغسل ويُصلى عليه ويُسَمى ،
لقوله صلى الله عليه وسلم ( (( إن أحدكم يكون في بطن أمه 40 يوماً نطفة
، ثم يكون علقة مثل ذلك ، ثم يكون مضغة مثل ذلك ، ثم يُرْسل له المَلَك فينفخ فيه الروح ))
أي بعد 4 أشهر ، أما قبلها فهو قطعة لحم يُدْفن في أي مكان بلا غسل ولا صلاة .
* من تعذر غسله إما لعدم وجود الماء ، أو لتمزقه ، أو لاحتراقه ، فانه يُيَمم
، أي يضرب أحد الحاضرين بيده التراب ويمسح بهما وجه الميت وكفيه .
* ينبغي على الغاسل ستر ما يراه في جسد الميت إن لم يكن حَسَناً ، كظُلمة في وجه الميت
، أو آثار بشعة في جسده ، ونحو ذلك ،
لقوله صلى الله عليه وسلم : (( من غَسَّل مسلماً فكتم عليه ، غفر الله له أربعين مرة )) 14.
* تكفينه :
* يجب تكفين الميت ، وتكون قيمة الكفن من ماله ، لقوله صلى الله عليه وسلم في
الذي مات محرماً : (( كفنوه في ثوبيه )) ، ويُقدم
تكفينه على الدَّين والوصية والإرث .
* إذا لم يكن له قيمة الكفن فتجب على من تلزمهم نفقته ، وهم أصوله وفروعه ،
كأبيه أو جده أو ابنه أو ابن ابنه ، وإذا لم يجدوا فعلى بيت المال ، فان لم يوجد فعلى
من علم بحاله من المسلمين .
* الواجب في كفن الميت ثوبٌ يستر جميع بدنه .
* يستحب تكفين الرجل في 3 لفائف بيضاء ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم (( كُفّن في ثلاث لفائف بيض ))15 تُجمَّر ،
أي تطيب بالبخور ، ثم تُبْسط بعضها فوق بعض ، ويُجعل الحنوط وهو طيب خاص بالموتى فيما بينها
، ثم يوضع الميت عليها مستلقياً على ظهره
، ثم يوضع قطن مطيَّب بين ( إليتيه ) لئلا تخرج منه رائحة كريهة .
يستحب أن تربط خرقة عليها قطن تغطي عورة الميت بإدارتهاعلى فرجيه .
* يستحب أن يجعل حنوط - أي طيب –على منافذ وجه الميت : عينيه ومنخريه وشفتيه
وأذانيه ، وعلى مواضع سجوده ، وإن طُيب جميع بدنه فلا حرج ، لفعل بعض الصحابة .
ثم يُرد طرف اللفافة الأولى على شقه الأيمن
، ثم طرفها الآخر على شقه الأيسر
، ثم يفعل باللفافة الثانية مثلما فعل بالأولى ، ثم الثالثة مثلها ، ثم تسحب الفوطة التي كانت تغطي عورته
ثم تعقد العقد وهي سبع حتى لا تتفرق مع ربط ما يزيد من الكفن
ثم تحل العقد في القبر . فأن كانت العقد أقل من سبع فلا حرج ؛ لأن المقصود تثبيت الكفن .
* يجوز تكفين الميت في ثوب وإزار ، ولكن الأفضل ما سبق .
* المرأة تكفن في 5اثواب : إزار ويكون أسفل البدن وخمار يغطي الرأس ، وقميص
( وهو كالثوب ولكن مفتوح الجانبين ) ، ولفافتات تعمان جميع الجسد .
* الصلاة على الجنازة :
* الصلاة على الجنازة فرض كفاية . أي يكفي أن يقوم به بعض المسلمين .
* يُسَن أن يقوم الإمام عند رأس الرجل
, وعند وسط المرأة
لفعله صلى الله عليه وسلم .
* السنة أن يتقدم الإمام على المأمومين , ولكن إذا لم يجد بعض المأمومين مكاناً
فإنهم يصفون عن يمينه وعن يساره .
* يكبر الإمام أربع تكبيرات , يقرأ بعد التكبيرة الأولى الفاتحة بعد أن يتعوذ ، وبعد التكبيرة
الثانية يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم كما يفعل في التشهد , أي يقول :
(( اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على
إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد , اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد
كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد )) وإن اقتصر على قوله
: (اللهم صلِّ على محمد ) فإنه يجوز .
ثم بعد التكبيرة الثالثة يدعو للميت بما ورد من أدعية ,
ومن ذلك قول : (( اللهم اغفر له وارحمه ، وعافه واعفُ عنه ، ونقه من الخطايا كما
ينقى الثوب الأبيض من الدَنَس , وأبدله داراً خيراً من داره , وأهلاً خيراً من أهله ,
وزوجاً خيراً من زوجه ، وأدخله الجنة , وأعذه من عذاب القبر ومن عذاب النار )) 17.
أما السَّقط وهو من كان عمره 4 أشهر فأكثر ، فإنه يدعى لوالديه بالمغفرة والرحمة ،
لقوله صلى الله عليه وسلم : (( والسَّقط يُصلى عليه ويُدْعى لوالديه بالمغفرة والرحمة ))18 .
ثم بعد التكبيرة الرابعة يسكت قليلاً ، ثم يُسَلم عم يمينه تسليمة واحدة ،
لفعله صلى الله عليه وسلم19 ، ويجوز أن يسلم تسليمة ثانية عن يساره 20.
* يسن أن يرفع المصلى يديه مع كل تكبيرة ، لفعله صلى الله عليه وسلم21 .
* من فاته بعض التكبير مع الإمام فانه يُتابع الإمام ، مثلاً :
إذا دخل مع الإمام في التكبيرة الثالثة ، فانه يدعو للميت ثم بعد التكبيرة الرابعة
يكبر فيقرأ الفاتحة ثم يكبر فيصلي على النبي صلى الله عليه وسلم ثم يُسَلم ،
إذا أمكنه ذلك قبل رفع الجنازة ، وإلاّ سلم مع الإمام ولا شيء عليه .
* من فاتته الصلاة على الميت جاز له أن يصلي على القبر ، أي يجعل القبر بينه
وبين القبلة ويصلي عليه كما يصلي على الجنازة
، لفعله صلى الله عليه وسلم .
* تستحب الصلاة على الغائب ، أي الذي يموت في بلاد أخرى ، إذا لم يُصَل عليه هناك .
* يُصلي المسلمون على قاتل نفسه ، وعلى قطاع الطرق ، ولكن يُسْتحب لأمير البلد و
عالمها أن لا يصلى عليه ، لينزجر بذلك غيره .
* تجوز الصلاة على الجنازة في المسجد لفعله صلى الله عليه وسلم ، والسنة
أن يُجْعل للجنائز مكان خاص للصلاة عليها خارج المسجد ، لئلا يتلوث ، ويُسْتحب
أن يكون هذا المكان قريباً من المقبرة تسهيلاً على الناس .
.... يتبع