تراجع للنمو السكاني السعودي بسبب العنوسة انفصال الزوجين
العنوسة مشكلة اجتماعية يجب حلها
الرياض: أحمد المجرشي
يثير انخفاض النمو السكاني بالسعودية مخاوف بعض المختصين، إثر التراجع الحاد الذي شهده هذا النمو السكاني خلال الثلاث عشرة سنة الماضية، ليصل إلى 2.4% في عام 2005 طبقا لتقديرات مصلحة الإحصاءات العامة، مقارنة بـ 3.4% لعام 1993.
وطبقا لهذه المؤشرات فإن نسبة الانخفاض التي شهدها معدل النمو السكاني بالسعودية بلغت 25% خلال فترة المقارنة، وهي نسبة مرتفعة قياسا بالمعدلات العالمية، طبقا لما يراه المستشار في مشروع ابن باز الخيري لمساعدة الشباب على الزواج المرشد في وحدة الإرشاد التابعة لوزارة الشؤون الاجتماعية سابقا الدكتور عبدالله السلمان الذي أشار إلى أن هذا الانخفاض الحاد جاء خلال فترة قصيرة في زمن حسابات انخفاض معدلات النمو عالميا، إذ يحتاج انخفاض معدل النمو في الدول إلى عقود من الزمن حتى يصل إلى مثل هذا المستوى، في الوقت الذي اختصرها المجتمع السعودي خلال ما يقارب العقد الواحد.
ويصف الدكتور السلمان ما حدث بالوضع الخطير، مطالبا بوضع حلول سريعة وإستراتيجية، يقول: "هذا الانخفاض وفق القراءات العلمية المتخصصة يعد كبيرا، وينبغي أن تنبري له الجهات العلمية المختصة على أعلى المستويات، لأنه يؤذن بخطر كبير على المجتمع في حالة استمراره".
وأضاف" تمر المجتمعات عادة بمعدل انخفاض سكاني عبر عقود زمنية عديدة إلى نسب تتراوح بين 7%، أو 10%، إلا أن بلوغه نسبة كبيرة في المجتمع السعودي وفي مدة زمنية قصيرة يؤكد على خطورته، وضرورة دراسته، والبحث عن حلول سريعة وإستراتيجية للتعامل معه "
وعزا الدكتور السلمان ما حدث إلى أسباب تتعلق بارتفاع ظاهرة العنوسة، وارتفاع نسبة الطلاق، وتنامي ظاهرة الانفصال بين الزوجين، والتي أطلق عليها مسمى (الطلاق النفسي)، وقال إن نسبة العنوسة في المجتمع السعودي تعتبر الأعلى مقارنة بالعديد من المجتمعات الأخرى، مشيرا إلى أن ثلث الفتيات اللواتي بلغن سن الـ 30 فأكثر غير متزوجات حسب إحصاءات وزارة الاقتصاد والتخطيط، فضلا عن تنامي ظاهرة الطلاق والتي تعد الظاهرة المقلقة رقم (1) في المجتمع السعودي، حيث تصل نسبة الطلاق في بعض المناطق إلى 30%، وتزيد في مناطق أخرى إلى أكثر من ذلك.
وأضاف الدكتور السلمان "إذا جمعنا بين ظاهرتي العنوسة والطلاق فإننا سنجد أن كثيراً من النساء في المجتمع غير متزوجات، إذ تتبدد أكثر من 15 عاما من عمر الفتاة دون أن تستثمر في بناء الأسرة وزيادة أعداد السكان"، مشيرا إلى أن عدد النساء غير المتزوجات في المجتمع السعودي حسب إحصاءات وزارة الاقتصاد والتخطيط يزيد عن 1.5 مليون فتاة منهن الفتيات اللواتي بلغن عمر الـ 30 سنة فأكثر، والفتيات اللائي في مراحل التعليم وبلغ سنهن 20 سنة فأكثر بنسبة 70% من السعوديات".
ونبه الدكتور السلمان إلى تفشي ظاهرة الانفصال بين الزوجين، والذي أطلق عليه مسمى (الطلاق النفسي)، مشيرا إلى أنه منتشر عند النساء المتزوجات وقال " يكثر عند النساء المتزوجات وفق ما يردنا من اتصالات والتي تجاوزت ستة آلاف اتصال ما يسمى بـ (الطلاق النفسي) حيث إنهن يعانين من عدم التوافق مع الأزواج، وهذا ينعكس على الأسرة من حيث الترابط الأسري وبناء الأفراد وفي المحصلة النهائية على المجتمع".
وعن طرق التعامل مع الظاهرة أكد أنه لا يكون التعامل معها على مستوى الأفراد أو المؤسسات الصغيرة، وإنما تحتاج إلى تدخل جهات رسمية رفيعة المستوى كالوزارات ذات العلاقة أو مجلس الشورى، أو المجلس الأعلى لشؤون الأسرة، والذي يتوقع أن يكون له أثر كبير في استقرار وبناء المجتمع.
وأضاف "من المهم أن تؤخذ هذه الظاهرة باهتمام بالغ، وتسخر لها الدراسات المتخصصة والمتعمقة من الجهات العلمية كالجامعات ومراكز الأبحاث وعقد اللقاءات والمؤتمرات وتنظيم ورش العمل حول هذا الموضوع، حتى يتم التعامل معه بطريقة علمية واستراتيجية، ولا يقف الموضوع عند معرفة النسب والمعدلات دون المبادرة لوضع حلول إجرائية وبرامج عملية تسهم في حل المشكلة حلا استراتيجيا".