عرض مشاركة واحدة
قديم 20-04-04, 12:29 PM   رقم المشاركة : 1
جفون
عضو نشيط
الملف الشخصي






 
الحالة
جفون غير متواجد حالياً

 


 

من أررررروع القصص [[الحلقه الخامسه]]

~ أحلام الجحيم ~






الحلقة الخامسة



* * * * * * *









أنهيت دراستي الثانوية أخيرا !


إنني أريد الالتحاق بالجامعة ، ألا أن القصف الجوي الذي تعرضنا له مؤخرا دمر مبنى الجامعة التي كنت أريدها


كما دمّر جزءا من المصنع الذي يملكه والدي


أوضاع بلدنا في تدهور ، و الحرب منذ أن اندلعت قبل عامين تقريبا لم تتوقف ...


مستوانا المادي تراجع نتيجة لهذه الأحداث .



الدراسة تعني لي الكثير الكثير ، خصوصا بعدما حدث ...

إنها أحد أحلام حياتي ...

ما أكثر الأحلام !




أتذكرون صندوق الأحلام الخاص برغد و الذي صنعته لها قبل ثلاث سنوات ؟

أضفت إليه حلما جديدا يقول :

( أريد أن أصبح رجل أعمال ضخم ! ) !




اعتقد أن الأمور الإدارية تليق بي كثيرا !




وجدت فرصة هبطت علي ّ من السماء لأبتعث للدراسة في الخارج ، شرط أن أجتاز أحد امتحانات
القبول ، و الذي سأجريه بعد الغد



و ما اقرب بعد الغد !


إن مصيري و مستقبلي معلّق بذلك اليوم ...

إنني قد عدت لقراءة بعض المواضيع من المواد الدراسية المختلفة استعداد له

ادعوا لي بالتوفيق !









في الوقت الراهن أنا بدون شاغل ، أو لنقل ... عاطل عن المستقبل !







خلال السنوات الثلاث الماضية ازداد طولي وحجمي كثيرا و أصبحت عملاقا و ضخما !

تعديت طول والدي و أصبحت أشعر ببعض الخجل كلما وقفت إلى جانبه !



أما صغيرتي المدللة ، فلم تتغير كثيرا !

لا تزال نحيلة و صغيرة الحجم ، كثيرة المطالب ، و شديدة التدلل !

و المنافسة بينها و بين دانة حتى على الأشياء البسيطة لا تزال قائمة !

و اعتقد أنكم تتوقعون أنني ...

لازلت مهووسا بها كما السابق ، بل و أكثر ...








وصلت الآن إلى بوابة المدرسة الابتدائية ، و ها أنا أرى الفتاتين تقبلان نحو السيارة !




و راقبوا ما سيحصل !





تتسابق الاثنتان نحو الباب الأمامي ...

تصل إحداهما قبل الأخرى بجزء من الثانية

تحاول كل واحدة فتح الباب و الجلوس في المقعد المجاور لي

تتنازعان

تتشاجران

تحتكمان إلي !





" وليد ! أنا وصلت قبلها "

" بل أنا يا وليد ... أليس كذلك ؟ "

" وليد قل لها أن تبتعد عني "

" أنا من وصل أولا ! دعها تركب خلفك وليد "






" كفى ! "




كل يوم تتكرر نفس القصة ! و الآن علي ّ أن أضع جدولا مقسما فيما بينهما !


" حسنا ... من التي كانت تجلس قربي يوم أمس ؟ "



أجابت دانة :

" أنا "


قلت :

" إذن ، اليوم تجلس رغد و غدا دانة و هكذا ! اتفقنا ؟؟ "




و بزهو و نشوة الانتصار ، ركبت السيدة رغد و جلست على الكرسي الأمامي بجانبي !

فيما ترمق دانة بنظرات ( التحسير ) !

كم سأفتقد هاتين المشاكستين !









" وليد تعلمنا درسا صعبا في ( الرياضيات ) أريدك أن تساعدني في حل التمارين "

" حسنا رغد "





" و أنا أيضا أريدك أن تساعدني في تمارين القواعد "

" حسنا دانة ! "




قالت رغد بسرعة :


" لكن أنا أولا فأنا سألتك أولا "



قالت دانة :

" درسي أنا أصعب . أنا أولا يا وليد "




أنا أولا ... أنا أولا ... أنا أولا ...



ويلي من هاتين الفتاتين !

كلا ! لن أفتقدهما أبدا !








كنت معتادا على تعليم الفتاتين في أحيان كثيرة ، خصوصا بعد تخرجي من المدرسة ...

مواقف كثيرة ، و كثيرة جدا ، هي التي حصلت خلال السنوات الماضية و لكنني اختصرت لكم

قدر الإمكان ...





حينما وصلنا إلى البيت ، بالتحديد عندما هممت بإدخال المفتاح في الباب لفتحه ، بدأت منافسة جديدة ...




" أعطني المفتاح أنا سأفتحه "

" لا لا ، أنا سأفتحه وليد "

" لا تقلديني ! "

" أنت لا تقلديني "




و احتدم النزاع !




أوليت الباب ظهري و وقفت بين الفتاتين و عبست في وجهيهما !

قلت بحدة :


" أنا من سيفتح الباب و إن سمعتكما تتجادلان على هذا المفتاح ثانية فتحت رأسيكما و أفرغت ما بهما "





المفروض أن نبرتي كانت حادة و مهددة ، و تثير الخوف ! ألا أن رغد أخذت تضحك ببساطة !

التفت إليها و قلت :


" لم الضحك ؟؟ "


قالت و هي تقهقه :


" لن تجد شيئا في رأس دانة من الداخل ! "



قالت دانة :

" بل أنت الجوفاء الرأس ! أتعلمين ماذا سيجد وليد في رأسك ؟ "


رغد :

" ماذا ؟ "


دانة :

" البطاطا المقلية التي تلتهمينها بشراهة كل يوم ! "


رغد ـ و هي تضحك بمرح ـ


" و أنت الفاصولياء التي أكلتها البارحة "



و تبادلت الاثنتان مجموعة من الأكلات و الأطباق المفضلة في رأسي بعضهما البعض حتى
أصابتاني بالصداع و التخمة !!



قلت :

" يكفي ! إنني من سيفتح رأسي أنا حتى ارمي بكما إلى الخارج منه "




و استدرت ، و فتحت الباب ، فأسرعت دانة بالدخول لتسبق رغد ، بينما سارت رغد ببطء و
انتظرتني حتى دخلت ، ثم أقفلت الباب ...




" وليد ! "


التفت إليها و أنا ممتلئ ما يكفي و يزيد من سخافاتهما ، و قلت بتنهد :



" ماذا بعد ؟؟ "



قالت :


" أنا لا أريد أن أخرج من رأسك "



اندهشت ! نظرت إليها باستغراب ، و قلت :


" عفوا ؟؟ ! "


رددت "


" أنا لا أريد أن أخرج من رأسك "

" و لماذا ؟؟ "


ابتسمت بخبث و قالت :

" لكي أستطيع رؤية الناس من الأعلى فأنت طويـــــــــــــــــــل "





ابتسمت لها بهدوء ، ثم فجأة ، مددت يدي نحوها و رفعتها عن الأرض على حين غفلة منها إلى الأعلى عند رأسي و أنا أقول :


" هكذا ؟؟ "



رغد أخذت تضحك بسعادة و بهجة لا توصف !

أتذكرون كم كانت تعشق أن أحملها !؟
لا تزال كذلك !




دخلت المنزل ، ثم المطبخ و أنا لا أزال احملها و هي تضحك بسرور ، ثم أجلستها على أحد المقاعد و ألقيت التحية على والدتي ، و التي كانت مشغولة بتجهيز أطباق المائدة



قالت أمي :

" رغد ، هيا اذهبي و أدي صلاتك ثم اجلسي عند مائدة الطعام "


قامت رغد ، و هي تنزع الحقيبة المدرسية عن ظهرها و تنظر إلى أمي و تقول :


" بطاطا مقلية ؟ "

" نعم ! حضرتها لأجلك "


و انطلقت رغد فرحة ، و غادرت المطبخ .

للعلم ، فإن صغيرتي هذه تحب البطاطا المقلية كثيرا !





والدتي استمرت في عملها و حدثتني دون أن تنظر إلي :


" لم تعد صغيرة ! "


ركزت بصري عليها ، و قلت :


" رغد ؟ لقد كبرت قليلا ! "


" لم تعد صغيرة لتحملها على ذراعيك "



غيرت كلمات والدتي هذه مجرى ما فهمت ...

إذن ، فهي معترضة على حملي للصغيرة هكذا ...؟

" و لكن ... إنها مجرد طفلة صغيرة و خفيفة ! و هي تحب ذلك ... "



" إنها في التاسعة من العمر يا وليد ... "







جملة والدتي هذه ، جعلت شريط الذكريات يعرض فجأة في مخيلتي ...


تذكرت كيف حضرت إلى منزلنا قبل ست أو سبع سنين ... !


آه ... ( المخلوقة البكاءة ) !


يا للأيام ...



من كان ليصدق أنني ( ربيت ) رغد في جحري و أطعمتها بيدي و سرحت شعرها و نظفت أذنيها !


من جرّب أن يكون أما و أبا ليتيمة ، و هو طفل أو حتى مراهق لم يبلغ العشرين !


يا للذكريات !







في غرفتي لاحقا ، أخذت أقلب ألبوم الصور الذي يشمل أفراد عائلتي ...

صحيح ... لقد كبرت الصغيرة !

مر الوقت سريعا ...

و ها أنا مقدم على الجامعة ، و حين أسافر ... ... ...

توقفت عند هذا الحد ...

فأنا لا أستطيع التفكير فيما بعد ذلك

كيف لي أن أبتعد عن أهلي و وطني ...؟

كيف لي أن أتحمل الغربة و الوحدة ؟

كيف لصباح أن يطلع علي ، دون أن أحتسي شاي والدتي العطر ، و كيف لشمس أن تغرب

دون أن أقرأ أخبار الصحف لوالدي ؟

كيف لعيني أن تغمضا دون أن أتمنى لأخوتي نوما هانئا ...

كيف لقلبي أن ينبض ... دون أن أحمل رغد على ذراعي ؟؟؟







إنني سأذهب لإجراء الامتحان بعد الغد و إذا ما اجتزته ، فسأغادر البلد خلال أسبوع أو أكثر بقليل



إنها أفكار تجعلني أشعر بخوف و توجّس ...

هل أقوى على ذلك ؟؟



لابد لي من ذلك ... فأحوالنا في تدهور و شهادتي الجامعية ستعني الكثير ...




المرشحون لهذا الامتحان قليلون ، و كانت فرصة ذهبية أن أضيف اسمي إليهم

و أنا واثق من قدرتي على اجتيازه ، بإذن الله ...





قلبت الألبوم و أنا في حيرة ... أي صورة آخذها معي ؟؟

ثم وقع اختياري على صورة تضمنا جميعا ، تظهر فيها رغد متشبثة برجلي !

فيما ترتسم ابتسامة رائعة على وجهها الجميل ...


" هذه هي ! "



أخذت الصورة ، و صورة أخرى لرغد و هي تلوّن في أحد دفاترها ، و وضعتهما في محفظة

جيبي .





في المساء ، ذهبت مع أخي سامر لأحد المتاجر لاقتناء بعض الأشياء ، و وقفنا عند حقائب السفر
رغبة في شراء بعضها




فيما كنا هناك ، حضر مجموعة من الشبان ، كان عمّار فيما بينهم .



عمّار نجح بصعوبة ، و تخرج ـ رغم إهماله ـ من المدرسة الثانوية ، و اعتقد أن والده
ذا النفوذ الكبير قد استطاع تدبير مقعد دراسي له في إحدى الجامعات ... بطريقة ( غير قانونية !)





عندما رآني عمّار ، أقبل نوي تسبقه ضحكته البغيضة ، و قال :


" يبدو أن وليد ينوي السفر أيها الأصحاب ! هل عثر والدك على كرسي جامعي شاغر لك !؟
أم أن حطام الجامعة قد حطّم قلبك يا مسكين ؟؟ "


و بدأ مجموعة الشبان بالضحك و القهقهة



أوليتهم ظهري فقال عمّار :

" لا تقلق ! سأطلب من والدي أن يساعدك في البحث عن جامعة ! أو ... ما رأيك بالعمل
عندنا ! فمصنعنا لم يحترق ! سأوصي بك خيرا ! "



سامر لم يتحمّل هذه السخرية من ذلك اللئيم ، و ثار قائلا :


" لم يبق إلا أن يعمل الأعزة عند الأذلة المنحرفين ! "



صرخ عمّار قائلا :


" اخرس أيها الأعور القبيح ! من سمح لك بالتحدث ! ألا تخجل من وجهك المفزع ؟ "



و التفت إلى أصحابه و قال :


" اهربوا يا شباب ! الأعور الدجال ! "






سيل من اللكمات العنيفة وجهتها بلا توقف و لا شعور نحو كل ما وقعت قبضتي عليه من أجساد
عمّار و أصحابه ...


لحظتها ، شعرت برغبة في فقء عينيه و سلخ جلده ...

أخي سامر نال منهم أيضا

و احتدّ العراك و تدخّل من تدخل ، و فر من فر ، و انتهى الأمر بنا تدخل من قبل الشرطة !








في تلك الليلة و للمرة الأولى منذ الحادثة المشؤومة ، سمعت صوت بكاء أخي خلسة .





عندما أصيب بالحرق ، كان لا يزال طفلا في الحادية عشرة من العمر ... ربما لم يكن شكله يشغل تفكيره و اهتمامه بمعنى الكلمة ، أما الآن ... و هو فتى بالغ أعمق تفكيرا ، فإن الأمر اختلف كثيرا ...




ليلتها ، قال أنه يريد أن يخضع لعملية تجميل جديدة ...

لكن أوضاعنا المادية في الوقت الحالي ، لا تسمح بذلك ....




عندما أحصل على شهادتي الجامعية ... و أعمل و أكسب المال ، فسوف أعرضه على أمهر
جراحي التجميل ، ليعيده كما كان ...


فقط عندما أحصل على شهادتي ...










في اليوم التالي ، وجدت سيارتي مليئة بالخدوش المشوهة !



" إنه عمّار الوغد ! تبا له ! "






أوصلت أخوتي للمدرسة ، و شغلت نفسي ذلك الصباح بمزيد من الإعدادات للسفر المرتقب !




امتحاني سيكون يوم الغد ... لذا ، قضيت معظم الوقت في قراءة مواضيع شتى من كتبي الدراسية
السابقة ...


و كلما قلبت صفحة جديدة من الكتاب ، قلبت صفحة من ألبوم الصور ...

كيف أستطيع فراق أهلي ...؟

كيف أبتعد عن رغد ؟

إنني أشعر باضيق إذا ما مضت بضع ساعات دون أن أراها و أداعبها ... و أنزعج كلما باتت في بيت خالتها بعيدا عني ...





فيما أنا منهمك في أفكاري و قراءتي ، جاءتني رغد ... !




طرقت الباب ، ثم دخلت الغرفة ببطء ، تاركة الباب نصف مفتوح ...







التوقيع :