عرض مشاركة واحدة
قديم 09-04-09, 07:41 AM   رقم المشاركة : 1
أماني المحبة
عضو فعال
الملف الشخصي






 
الحالة
أماني المحبة غير متواجد حالياً

 


 

انتكاس الفطر في عصر المادية

بسم الله الرحمن الرحيم

انتكاس الفطر في عالم المادية
محمود إبراهيم بدوي


--------------------------------------------------------------------------------

انتكاس الفطر في عالم المادية
(مادة مرشحة للفوز في مسابقة كاتب الألوكة)



أحداثُ غزة، ومن قبلها العراقُ، وما يحدث للمسلمين في شتى بقاع الأرض، كل أولئك يجب أن يستوقفنا لننظرَ نظرةَ تأملٍ، ونُوازن بين ردة فعل القادة والشعوب الإسلامية عندما تتعرض الأمة لاعتداء في أي بقعة من بقاعها فيما مضى، وبين ردة الفعل في الوقت الحالي.

والسؤال هنا: لماذا نرى هذا البونَ الشاسع وهذه الهوة العميقة بين ردتي الفعل؟؟

إن المتأملَ في آيات الذكر الحكيم سيجدُ إجابةً شافية عن هذا السؤال.

قال تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آَمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا إِذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا وَأَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعَذَابِ} [البقرة: 165].

لقد كثرت الأندادُ وتنوعت في هذا العصر الذي طغت عليه المادةُ إلى حد بعيد؛ فتجد من يعبد المال، ومن يعبد الجاه والسلطان، ومن يعبد هواه، ومن يعبد عقله، وفي سبيل ذلك يُنحي الدينَ جانبًا إذا لم يتفق مع معبوداته.

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((تعس عبد الدينار، وعبد الدرهم، وعبد الخميصة، إن أعطي رضي، وإن لم يعطَ سخط، تعس وانتكس، وإذا شيك فلا انتقش، طوبى لعبدٍ آخذٍ بعنان فرسه في سبيل الله! أشعث رأسه مغبرة قدماه! إن كان في الحراسة كان في الحراسة، وإن كان في الساقة كان في الساقة، إن استأذن لم يؤذن له، وإن شفع لم يشفع))؛ رواه البخاري.

إن العبادة معناها الطاعة والخضوع والتذلل، ولا يستحق ذلك إلا الله تعالى، وسمي العبد عبدًا لذله وانقياده لمولاه.

لذلك إن كان المرء يُسيّر كل أعماله على أساس المنفعة أو الضرر الذي يصيبه في ماله أو منصبه، أو يُسيرها على أساس ما يتفق مع هواه وعقله وإن كانت تُخالف النص الشرعي، فقد اتخذ هذه الأشياء أندادًا من دون الله.

قال تعالى: {قُلْ إِنْ كَانَ آَبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ} [التوبة: 24].

إن تمكنت هذه الأندادُ من قلب العبد فصار بها يأتمر وينتهي، فكيف يبصر طريقه وينصر دينه، وهو لم ينصر نفسه، وأعرض عن الأسباب المعينة للثبات ورؤية الحق؛ ومن أهمها الاستعانة بالله والخضوع لأوامره وشرعه.

يمكنك الآن بعد هذه الرؤية التحليلية الواضحة أن تُفسر هذا التناقض في سلوك كثير من المسلمين تجاه ما يحدث لإخواننا في غزة.

إذ لا يتفق الاسم مع الفعل؛ فالمسلم لا يستقبل الأحداث الدموية التي جرت في غزة بذلك الهدوء، وتلك الأعصاب الباردة.

إن كان الحبيب صلى الله عليه وسلم أجلى اليهود من المدينة بسبب امرأة مسلمة كُشفت بعض عورتها بسبب يهودي آثم، فصرخت، فما بال نسائنا وأطفالنا في غزة وما يحدث لهم؟

أين النخوة؟
أم هي كثرة الأنداد تزاحمت أمام العين فأعتمت الرؤية؟







رد مع اقتباس