قصيدة حديقة الغروب ، أعيد كتابتها بمناسبة الذكرى الأولى لرحيل شاعرها ـ رحمة الله ـ .
[poem=font="Arial,6,black,bold,normal" bkcolor="white" bkimage="" border="none,4,gray" type=0 line=1 align=center use=sp num="0,black"]
خمسٌ وستُونَ في أجفان إعصارِ =أما سئمتَ ارتحالاً أيّها الساري؟
أما مللتَ من الأسفارِ ما هدأت = إلا وألقتك في وعثاءِ أسفار؟
أما تَعِبتَ من الأعداءِ مَا برحوا = يحاورونكَ بالكبريتِ والنارِ
والصحبُ ؟ أين رفاقُ العمرِ ؟ هل بَقِيَتْ = سوى ثُمالةِ أيامٍ وتذكارِ
بلى اكتفيتُ.. وأضناني السرى وشكا = قلبي العناءَ ولكن تلك أقداري
أيا رفيقةَ دربي! لو لديّ سوى = عمري لقلتُ: فدى عينيكِ أعماري
أحببتني.. وشبابي في فتوّتهِ = وما تغيّرتِ والأوجاعُ سُمّاري
منحتني من كنوز الحُبّ أَنفَسها = وكنتُ لولا نداكِ الجائعَ العاري
ماذا أقولُ ؟ وددتُ البحرَ قافيتي = والغيم محبرتي والأفقَ أشعاري
إنْ ساءلوكِ فقولي: كان يعشقني = بكلِّ ما فيهِ من عُنفٍ وإصرار
وكان يأوي إلى قلبي ويسكنه = وكان يحمل في أضلاعهِ داري
وإنْ مضيتُ فقولي: لم يكنْ بَطَلاً = لكنه لم يقبّل جبهةَ العارِ
وأنتِ! يا بنت فجرٍ في تنفّسه = ما في الأنوثة من سحرٍ وأسرارِ
ماذا تريدين مني ؟! إنَّني شَبَحٌ = يهيمُ ما بين أغلالٍ وأسوارِ
هذي حديقة عمري في الغروب كما = رأيتِ مرعى خريفٍ جائعٍ ضارِ
الطيرُ هَاجَرَ والأغصانُ شاحبةٌ = والوردُ أطرقَ يبكي عهد آذارِ
لا تتبعيني! دعيني! واقرئي كتبي = فبين أوراقِها تلقاكِ أخباري
وإنْ مضيتُ فقولي: لم يكن بطلاً = وكان يمزجُ أطواراً بأطوارِ
ويا بلاداً نذرت العمر زَهرتَه = لعزّها!... دُمتِ! إني حان إبحاري
تركتُ بين رمال البيد أغنيتي = وعند شاطئكِ المسحورِ أسماري
إن ساءلوكِ فقولي: لم أبعْ قلمي = ولم أدنّس بسوق الزيف أفكاري
وإن مضيتُ فقولي: لم يكن بَطَلاً = وكان طفلي . ومحبوبي . وقيثاري
يا عالم الغيبِ ذنبي أنتَ تعرفُه = وأنت تعلمُ إعلاني وإسراري
وأنتَ أدرى بإيمانٍ مننتَ به = علي ما خدشته كل أوزاري
أحببتُ لقياكَ.. حسن الظن يشفع لي = أيرتُجَى العفو إلاّ عند غفَّارِ؟
[/poem]