[frame="7 90"][align=center]ولم لا ... وما الذي يمنع ذلك ...
ولكن دعونا نبدأ القصة من البداية ...
لم أتجاوز العاشرة عندما سكن بجوار بيتنا بحفر الباطن
رجل اسمه الشيخ / حسين بن عادي الديحاني المطيري
و هو أشهر من علم في رأسه نار
سواء في قبيلة مطير أو غيرها من القبائل الأخرى
حيث كان مشهورا و محبوبا من الجميع
لما يتمتع به من أخلاق عالية وكرم ليس له مثيل .
كما اصبح أميرا لمنطقة حفر الباطن لفترة ليست بالقصيرة
لقد كان بيت هذا الرجل مزارا للبعيد والقريب
وكانت الذبائح التي تذبح ليس لها عدد
ويذكر عنه أنه في إحدى الليالي عمل ثلاث عشاءات
نظرا لقدوم ثلاثة ضيوف في ساعات مختلفة .
وعندما ذهب ليغرف العشاء الثالث في آخر الليل
كانت زوجته نائمة في المطبخ من فرط التعب والإرهاق
وقد كان حنونا جدا ودائم الإبتسام
فأمرها بأن تكمل نومها في غرفتها
و أكمل العشاء بنفسه .
و قد كنت صغيرا و شديد الطموح
وعندي يقين بأنني سآتي بما لم تأتي فيه الأوائل !!
ولست مستعدا لتصديق الحقيقة
وهي أنني إن لم أنقص عن الآخرين
فانني لن أزود عليهم زيادة ذات بال !!.
وقد كان أبي رحمه الله يضحك علي دائما ويحن علي
و لا أدري لماذا يحن علي بدلا من أن يشجعني لبلوغ القمم
وقد كانت هذه معضلة كبيرة إستعصى علي استيعابها .
وقد كنت أصر بأسناني وأقول حسنا يا أبي ...
إنتظر وسوف ترى بأم عينك ماذا سأفعل
وكان يضحك عاليا ويربت على رأسي بحنان وعطف ...
لقد كان حنونا و حكيما جدا رحمة الله عليه .
وعندما كبرت واجهت الحقيقة المرة !!
لقد إكتشفت أن إزالة جبل أحد بالمدينة المنورة بيدي العاريتين
أهون علي من الوصول إلى هدفي !!
وبدأ سقف طموحاتي بالنزول
حتى وصل إلى أنني لم أعد أطمح بأن يكون كرمي
أكثر من مجرد رجل عادي جداً يبحث عن الستر !!
لقد ثبت لي أن الكرم الحقيقي
ليس مجرد ذبح للذبائح أو توزيع الأموال
إنه أعمق من ذلك بكثير
إنه التضحية الكاملة براحتك ووقتك وصحتك
ونفسيتك ومالك للضيوف الكرام !!
رحمك الله يا حسين بن عادي
وأرجو من أبنائه الكرام – وهم أصدقائي - أن يغفروا لي
هذا التطاول على والدهم العزيز !!
كما أرجو منهم أن يوثقوا قصص كرمه التي ليس لها مثيل
و يوثقوا القصائد الكثيرة التي قيلت فيه وهو يستحق أكثر منها !!
إن قصص و أفعال هذا الرجل تشرف العرب جميعا
وأستغل هذه المناسبة لتوجيه تحية من أعماق قلبي
لكل كريم من كل قبيلة وهم بفضل الله كثيرون
وأخيرا ...
إعذروني أيها السادة والسيدات
لقد جرت العادة أن يذكر الإنسان
الأهداف التي نجح بتحقيقها
ليستنهض الهمم ويجدد النشاط
ويشجع على بذل الجهود
ولكنني ذكرت لكم أحد أهم الأهداف
التي فشلت بها فشلا كبيرا .
ولكن من دواعي شرفي و إعتزازي
إعلان الهزيمة أمام رجل من أعظم الرجال
رحمه الله ورحم أموات المسلمين .[/align][/frame]