عرض مشاركة واحدة
قديم 12-10-10, 12:59 AM   رقم المشاركة : 44
لينو
مشرف سابق
الملف الشخصي







 
الحالة
لينو غير متواجد حالياً

 


 

رد: ][ مع لينـــــو انت مدعو لشرب الشاي ][

عـــــــــــــودة‏


وأخيراً عادت إلى هذه المنطقة الجبليّة بعدَ غيابٍ دامَ عشرينَ عاماً!

وهذا الشاب الوسيم الذي يمشي خلفها الآن،،، هل هو الصبي نفسه،،، الذي أخذته معها قبلَ عشرينَ عاماً؟‏

لقد عرفها كبارُ السن في القرية،،، وأغلب الظن، بسبب هذا الشاب،،، ببنيته ووجهه،،، وخصوصاً ببسمتِهِ الدافئة،،، التي تذكّر بالمعلم جان.

كانَ ابن جان، وهذا ما توصّلوا إليه من النظرة الأولى،،، أما فيما يتعلق بها،،، فقد كان هناك

شك في قلوب الناس حول هويّتها،،، وذلكَ لغيابها عن القرية عشرين عاماً،،، مع أنها في

الأساس وخلال السنوات الثمانية التي درّسَ فيها جان في القرية نادراً ما كانت تزورها،،،

وقد حدثَ ذات يوم أن زارتهُ وأمضيا معاً عشرة أيام قبل أن تقررّ العودة إلى بلدتها،،،

وعندما حثّها جان على البقاء قالت لـَهُ: إن الحياة هنا معزولة ومقفرة،،، فيما عدا أنصاف

الساعات القليلة من السعادة،،، التي يمضيانها معاً كل ليلة! معزولة ومقفرة لدرجة يود

الإنسان جراءَها أن يقتل نفسه،،، ولحسن الحظ فقد استطاعت خلال فترة وجودها القصيرة مع

جان،،، تلك التي لم تتجاوز عشرة الأيام أن تحمل،،، وتضعَ صبيّاً بعد تسعة أشهر.‏

لقد كانا على وفاقٍ تام، ولم يكن هناك احتمال لغير ما حدث،،، فقد غرقَا في الحبِ حتى أذنيهما،،، ولاسيّما خلال المرحلة الدراسيّة في دار المعلّمين.‏

بعد التخرّج اختار جان التدريس في هذه المنطقة الجبليّة النائية،،، المقفرة والمرعبة،،، ولم

تعارضه أو تلحق بهِ،،، مع أنها تزوّجته،،، وهكذا عاشا؛ كلٌ منهما بعيد عن الآخر.

حصلت هي على عمل في بلدتها،،، ورفضت أن ترافقه إلى هذه المنطقة البعيدة بهدف

التدريس،،، على الرغم من الدعوات الصادقة لها من قبل سكان القرية،،، وقيادة المقاطعة.

لم يلمْها جان أبداً،،، وذلك لأن لكل إنسان ميوله الخاصة من وجهةِ نظره فلماذا يضحّي

الواحدُ بنفسه لأجل الآخر؟! الحبُ علاقةُ تفاهم متبادل وليست فرض الأفكار على الطرف الآخر.‏

في مثل هذا اليوم،،، منذُ عشرين عاماً، تعرّضت هذه المنطقة إلى فيضان مفاجئ،،، وقد أودى

اندفاعُ جان لإنقاذ تلاميذه الذين جرفهم السيل بحياته،،، فبقيَ في هذه الأرض القفر الفقيرة إلى

الأبد يومَها سارعت إلى المجيء مصطحبةً طفلها،،، لم تكن تنتحب،،، ولم يبد عليها الشعور بالذنب أو الندامة،،، بل بدتْ وكأنّها مخدّرة.‏

عندما غارت القرية إلى بلدتها، قالت للقرويين إنها ستعود يوماً ما،،، عشرونَ عاماً مضت وهاهي ذي تعودُ من جديد.

خدّدتْ وجهها السنون،،، وصبغت صدغيها باللون الأبيض،،، تضاعيفُ المشقّة ارتسمتْ على جبهتها،،، واستقّرَ حزنٌ ثقيل في عينيها المتعبتين.

ذهبت إلى قبر جان برفقة الشاب،،، ركعت على ركبتيها وبكت: "جان هونغ لقد عدتُ ومعي

ولدنا شانر،،، هاهو ذا قد أصبح معلما ً،،، وجاءَ ليعلّم الأطفال هنا،،، هو من لحمك ودمك،،، وينتمي إلى هذهِ المنطقة الجبليّة أيضاً.







التوقيع :
كل شيء مسموح به الا الغدر ...

حسابي بتويتر : Lino_818@