عرض مشاركة واحدة
قديم 23-04-09, 05:20 AM   رقم المشاركة : 16
لينو
مشرف سابق
الملف الشخصي







 
الحالة
لينو غير متواجد حالياً

 


 

رد: قصص قصيرة نسائية من الأدب العربي السعودي (متجدد).

نعود مره اخرى للكاتبه \ فوزية الشدادي الحربي

في قصة

نخلة مزون



عندما يفرش الفجر خيوطه على الأرض، و أطراف المزارع، يحمل بين يدين خشنتين معوله، و يغرس ساقيه بالطين، يعدل المياه على أحواض القمح و البرسيم، كانت هذه الصغيرة مأخوذه بالقرية و أصوات الأغنام و المزرعة، فهي لا ترى ذات الشيء بمدينتها و بيوتها المغلقة ... كانت تتبعه أينما يكون، تتقرفص أمامه، و هو يضرب الأرض بكل قواه ... تحدثه عن مدرستها و حارتهم، و عن ذلك الولد الشقي الذي يتبعها حيث دكان أبو سعد .....
و هو يشرب كل تفاصيلها، و أحاديثها الطفولية .... قالت:
دعني أحمل المسحاة، أريد أن أداعب الأرض كما تفعل، لكنها لم تستطع، حمله و ضحك كثيرا عندما تلطخت أطراف فستانها و تلونت ساقاها بالطين .... اختارت لها نخلة صغيرة و قالت له:
هي لي .... أن اسمها مزون، لا تدعها تموت أبدا ....
و استطردت بحديثها، قالت :
الأولاد بالمدينة لا يجيدون الا تكسير النوافذ الخشبية، لكنهم أيضا يستحمون بالرغوة الفرنسية .......... ضحك ثم جلس على جذع نخلة مقطوع ....
قال و هو يبتسم: نحن نستحم بحرقة الشمس، و تفوح من أجسادنا رائحة الطين ....
تغيب الشمس، و هو يحدثها عن رحلات صيدهم، كانت تشهق مع كل مغامرة يضخمها، و يسهب في تفاصيلها ....
كان يتشوق، و ينتظر اجازة المدارس، و يرقب الطريق الطويل ليلا و نهارا ....

و عندما حضرت بهذا الصيف، كانت تلتف بعباءتها خلف أمها، نظر اليها بسرعة، يعرفها تماما، يعرف ملامحها، يتخيل نظرات عينيها، يتذكر جيدا تلك الفلجة بين أسنانها التي تزيد ابتسامتها حلاوة ..... لكنها تبدو أطول من قبل و أكثر استداره .... سرق نظرة سريعة ثم تنهد، و زفر و حدث نفسه، ..... يااااااه يداها البيضاوان الممتلئتان، .... أكيد مازال لهما نفس الملمس لم يتغير بها شيء عدا هذا الخمار ....
بادرها بالسلام، و لم يسمع ردها، كان الخجل يحتويها ...
هو يسهر في مجلس الطين، و هي بغرفة البنات .... كان يخيل له أنه مازال يسمع حديثها و قصصها الشقية .... خيم الظلام على قريتهم الهادئة، ينام الجميع حيث كانوا يتسامرون، لكن هو يذهب و يجيء بالبرحة، يقترب من الغرفة، يشم أنفاسها بزحمة الأنفاس .....
كان يستمتع بوجودها، و يشعر أن كل الأشياء حوله ترقص و تغني .....
يوم عودتهم للمدينة، يلف ذراعيه حول قلبه حتى لا يفر من بين أضلعه، يرقب بألم حقائبهم المغلقة، و هي تعبره و يراقب عربتهم حتى تصغر و تلتهمها البيوت، و النخيل الباسقة و الطريق الأسود .....
ذهب لحضن والدته، و سألها، هل ستأتي خالتي و بناتها بالعطلة القادمة ؟؟؟!!!!
مسحت على رأسه، قالت: بالتأكيد، لكن ستنقصهم مزون ....
...............................
عرف بحدسه أنها ستكون غارقة بالرغوة الفرنسية .... ذهب لنخلتها وجدها تنحني باستحياء ناحية الأرض .... لف شماغه المهتريء حول رأسه، و التوى على آلامه، وهب يعزق بالأرض .... علها تطرح له نخلة جديدة تلتف جذورها بجذور نخلتها الموغلة بقلبه .....







التوقيع :
كل شيء مسموح به الا الغدر ...

حسابي بتويتر : Lino_818@